نقدّم لك عزيزي القارئ مقتطفاتٍ من أغرب الحقائق والأرقام التي يجمعها محررو بوبيولار ساينس كي يقدموها لك بطريقةٍ مشوقةٍ ستحبها بالتأكيد.
يتمّ غسل الدماغ بالفعل أثناء النوم
لا بدّ وأن جميعنا قد سمع بعبارة «غسيل الدماغ»، ولكن غالباً ما كانت ترد في سياقٍ يتعلّق بشخصٍ انضمّ لجماعةٍ ما أو وقع فريسةً سهلةً لنظرية المؤامرة. ولكن كما اتضح للعلماء، فإن دماغنا يُغسل حقاً ولكن بحرفيةٍ أكثر من مجرّد غسله بالماء والصابون كما قد تتخيّل.
في الواقع، يطفو الدماغ في السائل الدماغيّ الشوكيّ الذي يعمل على حمايته والأعضاء العصبية الأخرى من الصدمات خلال حياتنا اليومية. وقد اعتقد العلماء منذ وقتٍ طويل أن لهذا السائل دورٌ في تخليص الدماغ من السموم.
في عام 2019، اكتشف فريقٌ من الباحثين في جامعة بوسطن طريقة جديدة لتصوير السائل الدماغي الشوكي داخل الجمجمة، ثم راقبوا من خلالها أدمغة 13 شاباً يتمتعون بصحة جيدة أثناء نومهم. وقد اكتشفوا شيئاً مذهلاً حقاً؛ تبين أن السائل الشوكي ينبض على شكل موجاتٍ عملاقةٍ كلّ 20 ثانيةٍ تقريباً أثناء النوم، مما يُسهم بتنظيف الدماغ وتخليصه من السموم. يمكنك تخيّل الأمر كما لو أن الدماغ ليفةٌ تمتلئ برغوة الصابون في وسط حوضٍ من الماء، وكلّما تموّج الماء، تتخلّص الليفة شيئاً فشيئاً من الرغوة العالقة بها وتصبح نظيفة كما لو أن يداً تقوم بعصرها.
قد تحدث هذه الموجات بفعل تدفّق الدم. تتغير الذبذات العصبية، أو ما يُسمى بموجات الدماغ، عندما ننام، وتميل إلى الهدوء خلال بعض مراحل النوم. بكلامٍ آخر، تهدأ الخلايا العصبية لبضع أجزاء صغيرةٍ جداً من الثانية خلال هدوء الموجات الدماغية ولا تحتاج إلى نفس القدر من الدم أو الأوكسجين الذي يحمله، وفي هذه الأثناء، تتخلّص الخلايا العصبية من السموم البروتينية مثل بيتا أميلويد، حيث يمتصها السائل الدماغي الشوكي تحت تأثير موجاته.
هناك قصةٌ مأساوية ومزعجة خلف أحد النيازك المحبوبة في العالم
بالنسبة لي، فإن قاعة النيازك في المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي هي من الأماكن المفضلة لدي وأحرص على زيارتها دائماً، ولكن كثيراً ما لفت نظري شيءٌ غريب في منتصف القاعة. إنها قطعةٌ عملاقة من نيزك موضوعةٍ على حامل في وسط القاعة، وغير محميةٍ بسورٍ أو زجاج، حتى أن لافتة المعلومات عليها تخبرك أنه لا بأس من لمسها.
إنها جزءٌ مما يُعرف بنيزك كيب يورك، وأُعطيت هذه القطعة منه اسم «أنجيتو» تكريماً لشعب الإنويت (الإسكيمو) الذي استخدم قطعة النيزك هذه لصنع أدواته المعدنية. ومثل الكثير من الأشياء القديمة الموجودة في المتاحف، اكتشف الباحثون هذه القطعة في القرن التاسع عشر مصادفةً، حيث اُستخدمت لقرونٍ عديدة لاستخراج الحديد منها في الماضي.
اقرأ أيضا: ماذا يأكل البط؟
ربما ظننت أن تاريخ هذه القطعة سيجعلها ثمينةً، أو على على الأقل إلى درجةٍ تكفي لعدم الرغبة في أن يلمسها الناس، لكن ورائها قصةً محزنة لم أعرفها إلّا بعد أن قرأت موضوعاً رائعاً عنها على حساب إيرين طومسون على تويتر، أستاذة الجريمة الفنية (ربما كان هذا العمل الأجمل في العالم). ربما تكون الحقيقة جارحةً، لكن معرفتها مفيدة بالتأكيد. تبيّن أن قصة "أنجيتو" هي قصّة طفلٍ صغير من الانويت يُدعى "مينيك والاس"، والذي ربما يكون الشخصية التاريخية الأكثر تراجيدية التي قرأت عنها على الإطلاق. الحقيقة الغريبة لهذا الأسبوع محبطة جداً، أعتذر عن ذلك فعلاً.
لقد أحضر المستكشف روبرت بيري الطفل مع والده وآخرين من جرينلاند إلى مدينة نيويورك عام 1897، حيث درس موظفو المتحف الوطني الأميركي للتاريخ الطبيعي، والذي كان تحت إشراف بيري، هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون إلى شعب الإنويت. إلا أن البالغين توفوا جميعاً بسبب مرض السل ما عدا الطفل مينيك الذي بقي على قيد الحياة.
خدع القائمون على المتحف الطفل بإيهامه أنهم دفنوا والده وأعدوا له جنازةً لائقة بحضورهم شخصياً، إلا أنّ المتحف في الحقيقة احتفظ بجثّة والده لدراستها ومن ثمّ استُخلص الهيكل العظمي منها وعُرض في المتحف. علم مينيك فيما بعد بالأمر، فطالب برفات والده ليُصار إلى دفنها بطريقةٍ لائقة، إلا أن المتحف تهرّب من ذلك ولم يحصل مينيك على رفات والده في نهاية المطاف، وتوّفّي عام في جائحة الأنفلونزا التي ضربت الولايات المتحدة عام 1918.
حقيقة: قد يتمتّع حبّار البحر بضبط النفس أكثر منك
يتمتّع صفّ رأسيات الأرجل، مثل الأخطبوط والحبّار والنوتيلوس والسُبيدج، بمعدّل ذكاءٍ عالٍ بين الحيوانات. إذ تُعتبر نسبة كتلة الدماغ إلى الجسم الأكبر بين اللافقاريات المعروفة، وأجهزتها العصبية معقّدة جداً. وقد تبين أخيراً أنّ بعضها يمكن أن يستخدم الأدوات.
ففي دراسةٍ حديثة في جامعة كامبريدج، قطع العلماء شوطاً كبيراً في رحلة فهم ذكاء رأسيات الأرجل. فقد أثبتوا أن الحبّار يمكن أن يجتاز اختبار حلوى الخطمي، والذي ابتكره عالم النفس والتر ميشيل عام 1972، ويعد أحد أشهر تجارب ضبط النفس التي أجريت على الإطلاق، ويتيح للأطفال الصغار الاختيار بين مكافأة فورية، أو مكافأة أكبر في حالة تأخير الإشباع.
يترك الباحثون الأطفال في هذا الاختبار وحدهم في غرفةٍ مع وجود قطعة حلوى على الطاولة لمدة 15 دقيقة، ويُوعدون بأنهم سيحصلون على قطعةٍ إضافية عند عودتهم لقاء عدم تناولهم القطعة على الطاولة. يُظهر هذا الاختبار مدى قدرة الأطفال على ضبط أنفسهم للحصول على المكافأة الأكبر، ويُعدّ مؤشراً أولياً على مدى نجاحهم في التخطيط للمستقبل عندما يكبرون.
هذه القدرة بتأخير الإشباع ليست إلا جزءاً صغيراً من المقدرة التي يتمتّع بها حبّار البحر، ولكن ماذا تخبرنا التجربة الأصلية بالفعل عن السلوك البشري؟ ربما يكون الأمر أكثر تعقيدًا مما تعتقد. شاهد الفيديو أدناه الذي يُظهر المقدرة المذهلة التي يتمتع بها الحبّار على التخفي والتمويه بانتظار فريسته.