إذا حلقت فوق الصحراء على الساحل الجنوبي لبيرو، فسوف ترى العديد من الخطوط المرسومة تمتد مئات الأمتار عبر الأراضي الصحراوية القاحلة. تعود هذه الرسوم إلى ما يقرب من 2000 عام وابتكرها شعب نازكا، وتصور أشكالاً مختلفة مثل الحوت، والطائر الطنان وحتى رائد فضاء.
قد تكون هذه النقوش، وفقاً للمؤرخين، بمثابة تقويمٍ فلكي ضخم أو كأضحيةٍ للآلهة، لكن الغرض الفعلي منها ما يزال لغزاً يحير العلماء حتى الآن. يميل البعض إلى نظرية أن كائناتٍ خارجية هي من أنشأتها، ورغم ذلك، فإن الطريقة التي استخدمها شعب نازكا في رسمها لم تكن بعيدة المنال تماماً.
الخطوة الأولى: التخطيط
تقول إحدى النظريات أن الفنانين رسموا هذه التصاميم أولاً على قماش. حيث كان بوسعهم رسم الصورة في البداية ونقلها إلى مساحةٍ أكبر بشكلٍ متناسب باستخدام نمطٍ ما من أنظمة الشبكات على غرار ما يفعله المهندسون المعماريون اليوم عندما ينقلون مخططاتهم إلى أرض الواقع. وقد استخدموا الأعمدة والحبل لرسم الخطوط عبر الصحراء.
كان مصممو نازكا يثبتون وتَدَيْن في الأرض، ويشدون حبلاً بينهما، ثم يحفرون الخطوط على طول مسار الحبل بإزالة الصخور الداكنة لتنكشف طبقة أفتح لوناً تحتها لتظهر على شكل خطوطٍ مستقيمة. بينما قاموا بإنشاء الخطوط الدائرية عن طريق ربط حبلٍ بوتدٍ مركزي والدوارن حوله لرسم الدوائر.
يمكن للرياح والأمطار أن تمحي آثار الرسوم بسهولة مع مرور الزمن، لذلك لجأ شعب النازكا إلى رصف جانبي الخطوط بصخورٍ متأكسدة مائلةٍ للحمرة؛ وهي ثقيلة بما يكفي لتقف في وجه الرياح والأمطار رغم ندرتها، مما يحافظ على المساحة الداخلية بين الخطوط من عوامل الطقس ويمنع اختفاءها.
جذبت هذه الرسومات اهتمام الناس في أوائل القرن العشرين، حيث كان بالإمكان اكتشافها بوضوح أكثر من الطائرات من رؤيتها من على الأرض. لكن شعب نازكا لم يكن بحاجةٍ إلى طائراتٍ أو أطباقٍ طائرة ليروا إبداعاتهم، فقد كان بوسعهم رؤيتها بوضوحٍ من قمم الجبال القريبة.