من مين إلى فلوريدا، تجلب تيارات المحيط في فصل الربيع دائماً عدداً كبيراً من حيوانات سرطان حدوة الحصان إلى شواطئ المحيط الأطلسي بهدف التزاوج. بعد أن تسبح رأساً على عقب، يقلب سرطان حدوة الحصان نفسه مجدداً بواسطة ذيله، ويبدأ رحلة البحث عن شريك للتزاوج. يستخدم الذكر كماشاته للتعلّق بدرع الأنثى والوصول إلى شاطئ البحر، حيث يبدأ هنا سحر التزاوج.
لفترة طويلة، اعتقد البشر أن تزاوج هذه الكائنات المدرعة يتزامن مع مراحل القمر، حيث كانت تندفع نحو الشواطئ ضمن أسراب عندما يكون المد مرتفعاً خلال القمر الكامل والجديد. إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن هذه السرطانات تتزاوج وفقاً لدرجة حرارة الماء. قد تبدو مثل المخلوقات البدائية، وعندما تكون درجة حرارة المحيط مرتفعةً أو باردة جداً، تندفع هذه السرطانات إلى أعماق المحيط، ولكن عندما تكون درجة حرارة الماء مناسبة، تخرج من الماء للتكاثر.
ومع ذلك، فإن سرطان حدوة الحصان ليس الحيوان الوحيد الذي يتبع طريقة معقّدة وغير تقليدية في التزاوج. فهناك العديد من الأنواع في مملكة الحيوان تتبع أساليب تزاوج غير تقليدية. نعرض هنا سبعاً منها.
1. الأبسوم: طريق اللعاب
تلد إناث أبسوم فيرجينيا صغاراً غير مكتملة تشبه الأجنة أكثر من شبهها بالأفراد البالغة المكسوة بالفرو وذات الأنف الطويل. لكن عند تفحصها جيداً سترى أن الجزء الأكثر تطوراً في أجسامها الصغيرة هي أذرعها الأمامية ومخالبها القوية. عند الولادة، تلعق الأم فراء بطنها في المنطقة الكائنة بين قناة الولادة وجرابها. ثم يتبع الأبسوم الوليد أثر اللعاب مستخدماً ذراعيه ومخالبه للزحف عبر بطن أمه كما لو أنه يسبح، ليجد طريقه أخيراً إلى جراب أمه ويكمل نموه هناك.
2. طائر الجنة: رقصة غريبة
اُكتشف طائر الجنة ذو الرأس الهلالي في منطقة صغيرة من غينيا الجديدة، ويتميز برقصة تزاوج أكثر تعقيداً من أي نوع من الرقصات الجديدة التي قد تراها على منصة تيك توك. يمتص الريش الأسود المذهل للذكر 99.95% من ضوء الشمس، لكن القليل من ريشه لونه أزرق كهربائي فاقع. عندما يعرضه أثناء رقصة التزاوج، يبدو هذا الريش الأزرق وكأنه عينان وفم يبتسم. يؤدي الذكر قفزاتٍ قصيرة وسريعة أثناء رقصه، ولكن من الأفضل مشاهدته وهو يفعل ذلك لفهم رقصته أكثر.
3. طائر أبو قرن: الدفن حياً
هناك أكثر من 50 نوعاً من طيور أبو قرن عبر المناطق الاستوائية، ويعشش معظمها في تجاويف الأشجار المغلقة (يقوم الطائر بإغلاقها) وشقوق الصخور. يتم إغلاق العش بجهد جماعي، حيث يعمل ذكر وأنثى طائر أبو قرن جنباً إلى جنب لبناء جدار من الطين واللعاب والفضلات وحتى قطع الطعام اللذيذة. بمجرد أن تصبح بداخلها، تصنع الطيور شقاً ضيقاً يسمح للذكر بتمرير الطعام من خلاله وفي نفس الوقت يبعد الحيوانات المفترسة عن العش (معظمهم من البشر). داخل العش، تحتضن الأنثى البيض لأسابيع، ثم تقوم بتربية صغارها لمدة 3 إلى 5 أشهر. إذا مات الأب، يتوقف توصيل الطعام، وقد تموت عائلته داخل العش. ومع ذلك، فإن الطيور الصغيرة التي تنجح في البقاء تطير بعيداً في مشهدٍ بديع بتشجيع من والديها.
4. الفقمة: التخلي عن الصغار
تولد الفقمات القيثارية على صفائح الجليد المنجرف، وتزن حينها نحو 12 كيلوغراماً فقط. خلال الأيام الـ 12 التالية من حياتها، يصبح وزنها نحو 25 كيلوغراماً بفضل تغذيتها على حليب أمها عالي الدسم قبل أن تُفطم فجأةً. عندما تغادر الأمهات للتزاوج مرة أخرى، تظل الصغار عالقة على الجليد وتفقد أكثر من 50% من وزنها. ومع ذلك، يمثل الجوع الحافز الأساسي لنجاة الصغار، حيث تقفز في الماء بعد نحو 6 أسابيع من الجوع وتبدأ بسرعة في الصيد والتغذية بمفردها.
اقرأ أيضاً: للمرة الأولى: علماء ينجحون في إتمام تكاثر لا جنسي عند الفئران
5. الخنفساء الدافنة: دائرة الحياة
تكتشف الخنفساء الدافنة طعامها بواسطة قرون استشعارها المتعرجة، ولها أجنحة أمامية بارزة ومتصلبة، وتأكل صغارها الأكثر إزعاجاً. قد تبدو هذه الممارسة وحشية، إلا أن هذه الخنافس تضع بيوضها على جثث الحيوانات أيضاً، والتي تصادف أنها جزء من النظام الغذائي لهذا النوع. تقوم الحشرات البالغة بإطعام صغارها عن طريق تجرع بقايا الجثة المهضومة من فمها إلى أفواه صغارها، ولكن كمية الطعام المتاحة محدودة. لذلك، وجد الباحثون أن الخنافس البالغة تأكل صغارها التي تطلب الكثير من الطعام. حيث تحافظ هذه الممارسة على حياة بقية الصغار الآخرين وتوفر إمدادات غذائية كافية للأسرة.
6. حلزون الحدائق: سهام كيوبيد
حلزون الحديقة الشائع مخنّث. نظراً لامتلاكه الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، يستطيع حلزون الحدائق تلقيح نفسه ذاتياً (على الرغم من أن هذه الممارسة أقل قابلية للتطبيق من التزاوج التقليدي). ستكون عملية التزاوج التقليدية صعبة بالطبع نظراً للزوجة العالية لجسم الحلزون، وتنطوي عملية التزاوج على ما يُسمى "الجبسوبيلوم" أو "سهم الجنس"، والذي يغرسه أحد الحلزونين في جسم الآخر بشكلٍ عشوائي. وفقاً لأحد باحثي الحلزون، إذا تمت نسبة هذا السهم إلى حجم الإنسان بغرض المقارنة، سيكون مثل سكّين يبلغ طولها نحو 40 سنتيمتراً مغروسةٍ في جسم الشريك. على الرغم من أن العلم الكامن وراء الجبسوبليوم غير مفهوم تماماً، فإن حلزون الحديقة يستخدم هذه الأداة بفعالية لضمان استمرار نسله.
7. سمك أبو الشص: الزوج القصير
تعيش أسماك أبو الشص في أعماق البحار، وتضم أكثر من 200 نوع (يبدو أنها تكيفت بنجاح للعيش في الأعماق). يتدلى "الطُعم" اللحمي من هيكل يشبه العصا على رأس السمكة؛ عندما تقترب الفريسة من الطعم، تنقض عليها السمكة. أنثى سمك الشص كبيرة الحجم ومخيفة، بينما الذكر صغير الحجم ويعيش حياة طفيلية. وحسب النوع، قد يكون الذكر أقصر بأكثر من 60 مرة من شريكته الأنثى. ومع ذلك، وفي معظم أنواع سمك الشص، يلتصق الذكر بشريكته ويدمج نظام الدورة الدموية الخاص به مع نظامها لامتصاص الغذاء، ويقوم بتخصيب بيضها لبقية حياته.