إنفوجرافيك: ملخص تقرير الأمم المتحدة عن الانقراض الهائل المرتقب

4 دقائق

لن نقوم بتجميل الأمر؛ فالأخبار الأخيرة الصادرة عن الأمم المتحدة جادة للغاية. وفقاً لملخص التقرير الصادر عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية «IPBES»، فإن النشاط البشري يهدد وجود ما يزيد عن مليون نوع من النباتات والحيوانات - أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية.

سيصدر المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية تقريراً شديد الأهمية مؤخراً هذا العام حول ما توصلوا إليه من نتائج، والذي وصفوه بالتقرير الأكثر شمولاً. يأتي التقرير الكامل في حوالي 1500 صفحة، كتبها حوالي 145 خبير من أكثر من 50 دولة ورسوم من أكثر من 15 ألف مصدر علمي وحكومي. ولكن ملخص التقرير مرعباً بشكل يكفيه وحده.

صرّح «روبرت واتسون»، رئيس المنبر الحكومي الدولي في بيان صحفي قائلاً: "نحن نقوم بتدمير أساسات اقتصادنا وسبل عيشنا، وأمننا الغذائي، وصحتنا ورفاهة عيشنا في جميع أنحاء العالم".

كيف وصلنا إلى هنا؟ في حين يعمل الباحثون في التقرير على تحديد مدى الدمار البيئي الذي قد يحدث حول العالم، أجابوا على هذا التساؤل بالعديد من الإحصائيات التي قد تمثل الجانب المشرق في هذا التقرير القاتم. فعندما نمتلك تشخيص مفصل، سيكون الوصول إلى العلاج أكثر سهولة. لنأخذ نظرة عن قرب للبيانات:

تقدر عدد الأنواع والفصائل الحية الموجودة على كوكب الأرض أكثر من 8 ملايين نوع. وعلى الرغم من اكتشاف العلماء لأنواع جديدة كل يوم، فقد نكون السبب في انقراض بعض الأنواع الأخرى التي لا نعلم عنها شيئاً. انقراض مليون نوع يمثل خسارة بنسبة ضخمة. سيقع الضرر الأكبر على البرمائيات والحشرات، والكائنات الحية التي تعيش في الشعاب المرجانية من غير الأسماك. بينما يلعب التغير المناخي دوراً كبيراً في هذا الوضع (5% من الأنواع متوقع أن تنقرض نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين بسبب تغير المناخ وحده). ووفقاً للتقرير، فإن العديد من الأنشطة البشرية تسببت في فقدان العديد من الأنواع بشكل مباشر.

وقع التأثير الأكبر على الغابات، بسبب الزراعة بالأساس. اليوم لم يبق سوى أقل من 70% من الغابات التي كانت موجودة قبل الثورة الصناعية. أما في المناطق المدارية، تحديداً الغابات الإستوائية المطيرة التي تعد ضمن المناطق التي تتميز بأعلى معدل للتنوع البيولوجي على كوكب الأرض؛ تم قطع أكثر من 100 مليون هكتاراً (ما يساوي 248 مليون فداناً تقريباً) ما بين عامي 1980 و2000، أي أكبر من مساحة فنزويلا. قضى مربو الماشية في أمريكا اللاتينية على نصف مساحة هذه الأرض، كما تسببت مزارع نخيل الزيت في خسارة حوالي 6 مليون هكتار (15 مليون فدان تقريباً). يؤثر قطع الغابات المدارية بشكلٍ غير متناسب على العدد الكلي للأنواع، وفي حين تغطي الغابات المدارية أقل من 10% من مساحة الأرض، فإنها تضم حوالي أكثر من نصف الأنواع التي تعيش على كوكبنا.

كما طال الفساد البشري المحيطات بجلب الصيد الصناعي لما يتعدى نصف مساحة أسطحها. فثلث الأرصدة السمكية يتم صيدها بصورة غير مستدامة، و60% منها يتم صيدها وصولاً للحد الأقصى لتطابق معايير الاستدامة. منذ سبعينيات القرن الماضي، تم القضاء على أكثر من نصف الشعاب المرجانية حول العالم، يرجع هذا بنسبة كبيرة إلى عمليات تبييض الشعب المرجانية (عمليات التبييض تحدث عند نفوق الطحالب الملونة بسبب تغيرات ظروف البيئة، كارتفاع درجات الحرارة وغيرها، ما يؤدي لظهور الشعاب المرجانية باللون الأبيض)، كما أثر عليها سلباً أيضاً ارتفاع درجة حرارة المحيطات، والصرف الزراعي، كما أُبيدت الأراضي الرطبة مثل المستنقعات والبحيرات والمانجروف منذ القرن الثامن عشر، كنتيجة مباشرة للتنمية الساحلية.

كما توجد 400 من «المناطق الميتة» الساحلية المعروفة، حيث التركيز العالي للمغذيات مثل النيتروجين والفوسفور، والتي تسببت في الإثمار المكثف للطحالب التي تمتص الأكسجين، وتجعل المياه غير صالحة للسكن لأغلب الكائنات البحرية. نتجت المناطق الميتة بسبب الأسمدة الصناعية التي تجد طريقها إلى المحيط.

تمكن البشر من تغيير طبيعة ثلاثة أرباع مساحة اليابسة على الأرض (وحوالي ثلثي المياه)، ونقوم باستهلاك المزيد كل يوم. حوالي ثلث مساحة اليابسة تم استخدامها لأغراض الزراعة، وتضاعف نمو المدن منذ 1992. يتوقع الخبراء القائمون على التقرير بناء ما يزيد عن 25 مليون كيلومتر من الطرق الجديدة بحلول 2050، 90% منها سيكون بالدول النامية.

يؤكد التقرير على أنها أول دراسة حول التنوع البيولوجي تُجرى على هذا النطاق لتضمين المعرفة من مجتمعات السكان الأصليين حول العالم. فهي تدعو صانعو القرار السياسي لأخذ وجهة نظرهم في الاعتبار، ومشاركتهم الإيجابية من أجل الاستدامة عند معالجة الأمر، وأن التخطيط المبني على معرفة السكان الأصليين سيساعدنا على الرؤية خلال الأزمة.

فقد أدار مجموعات السكان الأصليين حوالي ثلث مساحة اليابسة، والتي تشمل 40% من المناطق المحمية رسمياً، و37% من الأراضي غير المحمية، والتي لم يتعرض لها البشر حتى الآن.

ويشير التقرير إلى أن التنوع البيولوجي في هذه المناطق يتدهور بمعدل أبطأ من أي مكان آخر (في الأمازون تحدث إزالة الغابات على أراضي الشعوب الأصلية بمعدل يقل بنسبة 50% عن الأراضي غير الأصلية)، وهذا دليل على كيف يمكن لخبرة السكان الأصليين أن تساعد البشر على تجنب تدمير الطبيعة. ومع ذلك، لا تزال هذه المناطق تحت الضغط، 72% من الأنواع المحلية التي تستخدمها جماعات السكان الأصليين تعاني من انخفاض.

يفيد التقرير أن هذه الاتجاهات السلبية تعيق التقدم في تحقيق 80% من الأهداف المقررة للتنمية المستدامة للأمم المتحدة، والتي تعالج قضايا مختلفة من الفقر والرعاية الصحية، وصولاً إلى الجوع. فقدان التنوع البيولوجي على النطاق المبين في التقرير، سيؤثر سلباً على الطب والأنظمة الغذائية، والطاقة وغيرهم الكثير.

لكن التقرير لم يتوقف عند هذه النقطة؛ فالزراعة موضوع مشترك بين جميع هذه القضايا. نحن ننتج الغذاء دون اعتبار لكيفية تأثيره على النظم البيئية/ الإيكولوجية - وتلاحظ الأمم المتحدة أن هذا قد يكون مكاناً للبحث عن حلول. يجادل مؤلفو الدراسة بأن النهج المحلي الشمولي للزراعة سيكون له فوائد اجتماعية واقتصادية تتجاوز نظام الغذاء. كما توصي الأمم المتحدة بحفظ أنواع النباتات والحيوانات والحد من هدر الطعام.

ولوقف تدهور المحيطات ، يوصي التقرير بدمج المعرفة البيئية في كيفية إدارة المصايد السمكية. ووفقاً للتقرير، فإن إنشاء المناطق البحرية المحمية -والتي أثبتت أنها تفيد الأنواع البحرية في جميع أنحاء العالم- والحد من الصرف الزراعي، والتلوث الصناعي اللذين يجدان طريقهما إلى المحيطات يجب أن يكونا من الأولويات. كما يدعو إلى منع تصريف الصرف الزراعي والملوثات في أنظمة المياه العذبة، وزيادة تخزين المياه العذبة.

حتى المدن يمكنها توفير بعض الحلول. يفيد التقرير أن إدخال المساحات الخضراء في المناطق الحضرية يمكنه أن يحسن صحة الأنواع المحلية. كما يقترح تحسين الصحة، وإتاحة الخدمات لسكان المناطق الحضرية منخفضة الدخل، الذين يتحملون في أغلب الأحيان وطأة المشاكل البيئية في المدن. وفي حين أن إصلاح هذه المشكلات واسعة النطاق لن يكون بهذه السهولة، إلا أن التقرير يخبرنا بأنه ما زال بإمكاننا تجنب الموت على يد الانقراض.

يقول واتسون في البيان الصحفي أنه من خلال «التغيير الجذري» ما زال من الممكن الحفاظ على الطبيعة واستعادتها واستخدامها على نحو مستدام، مضيفاً أن هذا التغيير من المتوقع أن يواجه معارضة من أصحاب المصالح، ولكن أيضاً يمكن التغلب على هذه المعارضة من أجل المصالح العامة الأوسع.

المحتوى محمي