ما تكنولوجيا الاستمطار؟ وهل هي فعّالة في مقاومة الجفاف؟

3 دقائق
ما تكنولوجيا الاستمطار؟ وهل هي فعّالة في مقاومة الجفاف؟
حقوق الصورة: بيكساباي.

شهدت الولايات الأميركية الغربية موجات جفاف تاريخية لشهر تلو الآخر في عام 2022، وأصبحت مستويات المياه في بحيرتي باول وميد منخفضة بشكل خطير. توفّر هذه المخازن المائية المياه لملايين الأميركيين الذين يحتاجونها بشدّة وللقطاع الزراعي في المنطقة. يقلل الجفاف من قدرة البشر على توليد الطاقة الكهرومائية من مصادر المياه الضرورية هذه.

لكن الولايات المتحدة ليست البلد الوحيد الذي يعاني من فترات الجفاف المتطرفة؛ إذ تعاني دول مثل الصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي وإفريقيا من نفس المشكلات. لجأت الصين لاتباع تكنولوجيا الاستمطار كحل محتمل لمشكلة الجفاف. كما أنه يتم استخدام هذه التكنولوجيا بشكل منتظم في الإمارات العربية المتحدة.

تكنولوجيا الاستمطار بهدف علاج مشكلة الجفاف

الاستمطار هو طريقة تكنولوجية لتحفيز هطول الأمطار يمكن تطبيقها حتى إذا لم يكن الجو ممطراً على الإطلاق. وهي تتضمن تحليق الطائرات فوق منطقة ما وإطلاق مركّب مثل يوديد الفضة لإحداث التكاثف. يحدث التكاثف نتيجة ارتباط بخار الماء بهذا المركب.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تستخدم الدول تكنولوجيا الاستمطار الصناعي لإخماد الحرائق؟

عندما يرتبط بخار الماء بمركب يوديد الفضة، فهو يكتسب وزناً ويسقط في النهاية تجاه الأرض على شكل مطر. بيّنت الأبحاث أن الاستمطار قد يزيد من معدّل هطول الأمطار بنسبة 5-15%. قد لا تبدو هذه النسبة كبيرة، لكنها أفضل من لا شيء خلال فترات الجفاف. يبدو أن نتائج الدراسات التي أجريت في الصين متفاوتة. لكن بيّنت إحدى الدراسات أن الاستمطار تسبب في توليد ما يكفي من الأمطار لتخفيض مستوى تلوث الهواء بالقرب من مدينة بكين في عام 2021.

يتطلّب الاستمطار استخدام الطائرات، ما يعني أن هذه العملية تعتمد على الوقود الأحفوري. وهذا أمر غير مثالي إذا كنا نحاول التخفيف من الآثار المتزايدة للتغيّر المناخي. مع ذلك، يمكن أيضاً استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ لإطلاق المركّبات التي يمكن أن يرتبط بها بخار الماء.

يتم استخدام الاستمطار بالفعل في بعض الولايات الأميركية مثل أريزونا وكاليفورنيا، ويبدو أن الاهتمام بهذه التكنولوجيا يزداد. لكن هذه التكنولوجيا لا تحظى بدعم جميع الولايات. يقول نقّاد الاستمطار إن هذه التكنولوجيا مكلفة وإن فعاليتها ليست واضحة تماماً.

قال مايكل مان (Michael Mann)، أستاذ علوم الأرض والبيئة البارز في جامعة بنسلفانيا لموقع بوبيولار ساينس (Popular Science) إنه لا يعتقد بأن الاستمطار سيكون مفيداً للغاية. قال مان: "هذه التكنولوجيا هي مثال آخر على الحلول التقنية، والتي يمكن أن تكون مفيدة بشكل هامشي في أحسن الأحوال".

أضاف مان قائلاً إنه يتم الآن إجراء المزيد من المحاولات "اليائسة" لإيجاد حلول سريعة للتخفيف من آثار التغيّر المناخي. لكن لا توجد حلول سريعة لمشكلة التغيّر المناخي. يقارن مان تكنولوجيا الاستمطار بالطرق الأخرى المتّبعة في مجال الهندسة الجيولوجية لمقاومة التغيّر المناخي، مثل عكس ضوء الشمس قبل وصوله إلى سطح الأرض باستخدام رذاذ الكبريتات، أو تخصيب المحيط بالعوالق النباتية.

يفيد مان بأن الجهود يجب أن تتركز بشكل رئيسي على تقليل انبعاثات الكربون للتخفيف من آثار التغيّر المناخي. ويضيف أيضاً أن تلاعب الدول بالبيئة للتخفيف من آثار التغيّر المناخي قد يؤدي إلى صراعات دولية.

يقول مان: "ما يزيد الطين بلة هو التأثيرات السياسية لهذه التكنولوجيا والتأثيرات المتعلقة بالحوكمة. ماذا لو بدأت الصين باستخدام الاستمطار وبدأت موجة من الجفاف في كوريا؟"، ويضيف: " هل ستلوم كوريا الصين وتسعى للحصول على تعويضات أو لتطبيق عقوبات؟ هناك الكثير من العواقب المحتملة الخطيرة لاستخدام هذه التكنولوجيا".

اقرأ أيضاً: الجفاف الشديد يكشف عن أعاجيب أثرية وينبش تاريخ المجاعات المؤلم

تكنولوجيا تحلية المياه

لحسن الحظ، هذه التكنولوجيا الفائقة والتي تبدو ذات مخاطر عالية ليست الطريقة الوحيدة التي يمكن بها إيصال المياه إلى المناطق الأكثر جفافاً والتي تحتاجها بشدّة. على سبيل المثال، يقدّر مان أن تكنولوجيا تحلية المياه ستزداد رواجاً في الغرب، ما قد يساعد في التعامل مع نقص المياه. تعتمد هذه التكنولوجيا على تحلية المياه المالحة الموجودة في الأرض والمحيطات لاستخدامها كمياه صالحة للشرب ولسقاية المحاصيل. مع ذلك، يشير مان إلى أن استخدام هذه التكنولوجيا مكلف عموماً.

يضيف مان قائلاً إن فترات الجفاف وموجات الحر ستزداد سوءاً بمرور الوقت. لذلك فهي تمثّل مشكلات طويلة الأمد. تبيّن الأبحاث أن الجفاف يمكن أن يؤثّر على 75% من سكان العالم بحلول عام 2050.

يقول مان: "بالتأكيد، ستحدث تقلبات من سنة لأخرى بسبب ظواهر مثل ظاهرة إل نينيو المناخية، ويضيف: "لكن حالات الجفاف وموجات الحر ستزداد سوءاً في النهاية؛ إذ إنها ستصبح أكثر انتشاراً وشدّة في ظل عدم اتخاذ الإجراءات المتضافرة لمقاومة التغيّر المناخي".

قد يكون للاستمطار تأثير طفيف على الجفاف، لكن ستضطر الحكومات لبذل كل ما في وسعها للتعامل مع التغيّر المناخي وآثاره طويلة الأمد. قد يتطلب ذلك الاستمرار في تنفيذ مشاريع تحلية المياه مرتفعة التكلفة وزيادة كفاءة استهلاك المياه، والسعي بشكل خاص إلى تخفيض انبعاثات الكربون لتصل إلى المستويات المتفق عليها بسرعة.

المحتوى محمي