في الواقع، يجب عدم الاستهتار بفداحة الآثار السلبية التي يخلفها التغير المناخي، حيث تؤثر على الكوكب بأسره ومن يعيش عليه. في هذا التقرير الشهري سنساعدك على فهم كل ما يحدث على كوكبنا، بالإضافة إلى أهم الأخبار والمستجدات المتعلقة بالتغير المناخي والعلوم البيئية التي تتطور باستمرار.
أهم الأحداث المتعلقة بالتغير المناخي لشهر فبراير 2019
- شهد هذا الشهر إصدار كتاب "The Unihabitable Earth" للكاتب David Wallace-Wells، وهو أحد الكتب التي كان من المنتظر صدورها بفارغ الصبر، وأكثر ها إثارةً حتى الآن. وبعد مقالته التي أحدثت ضجةً كبيرة في صحفية New York Magazine والتي تحمل اسم الكتاب نفسه، يتحدث دايفيد في كتابه الجديد عن المشاكل المناخية بدءً من فرضية الموت الحراري للكون إلى مشاكل المجاعة التي تعمّ الكوكب. ولكنه يتوسعٍ أكثر بالحديث عن فشلنا في تسليط الضوء على هذه الكارثة، ودور وادي السيليكون فيها، كما يتحدث عن المفهوم الذي ظهر مؤخراً والمتعلق بإمكانية مساهمة الرأسمالية بالحد من التغير المناخي أو مايُطلق عليه "الرأسمالية المناخية "climate capitalism".
- وبمناسبة الحديث عن الرأسمالية المناخية، فقد لاحظ العلماء أن ذوبان صفيحةٍ من الجليد في جزيرة غرينلاند أدّى لظهور رواسب من الرمال على شواطئها، والتي تُعتبر مصدراً نادراً واعداً يمكن استخدامها في أعمال البناء والبنية التحتية. وفقاً لمؤلفي مقالةٍ نُشرت في العدد الأخير من مجلة Nature Sustainability ، فإن ظهور الرواسب الرملية قد يؤدي لتنشيط اقتصاد غرينلاند المعتمد على صيد الأسماك أصلاً عبر بيع رواسب الرمال( السيليكا) المُتشكلة حديثاً، إلا أن هذا الاقتراح تملؤه المشاكل والمخاطر.
- في الحقيقة، ليس الرمل وحده فقط هو ما كشف عنه ذوبان الجليد وتراجعه في غرينلاند، فقد ظهرت مكتشفاتٌ تعود إلى الماضي السحيق، مثل موميائاتٍ متجمدةٍ تعود للعصر البرونزي وآثارٍ تدلُ على الأمراض القديمة بالإضافة إلى الأشنيات التي لم تُشاهد هناك منذ 40 ألف عام. من يدري ماذا سيظهر بعد ذلك!
- نشرت الكاتبة "ناتالي وولتشوفر Natalie Wolchover" المهتمة بشؤون البيئة مقالةً على موقع Quanta magazine الإلكتروني بعنوان "عالمٌ بلا غيوم" أحدثت ردود فعلٍ متباينة، وتذكر فيها أنه وفقاً لبعض النماذج المناخية فإن نمطاً من السحب (السحب الطبقية) قد يختفي في المئة عامٍ القادمة، وذلك سيضيف 8 درجاتٍ مئوية إلى متوسط درجات الحرارة المتوقعة في المستقبل. لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فقد رفضت مجلة Science magazine هذه المزاعم، حيث وصفها بعض المتخصصين بأنها مبالغٌ فيها جداً وتحتاج للتدقيق.
- شهد هذا الشهر أيضاً حدثاً سياسياً جديداً ومهماً في الولايات المتحدة، فقد قام كلٌّ من النائبان الديمقراطيان "ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز Alexandria Ocasio-Cortez" عن مدينة نيويورك والسناتور "إد ماركرلي" عن ماساتشوستس، بإطلاق مبادرةً أو إطار عمل أسموها "الصفقة الخضراء الجديدة Green New Deal"، وهي عبارةٌ عن مجموعة برامج مقترحة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي، والتي تطمح لإيقاف تغيرات المناخ بإصلاح الاقتصاد الأميركي. يقول مطلقوا هذه المبادرة أن تطبيق هذه الخطة المُقدمة قد يكون أسهل مما نعتقد، فهي تعتمد على استخدام مصادر الطاقة المتجددة للحد من انبعاثات غاز الدفيئة، ومن فوائدها أنها قد تساعد المزارعين.
- من جهةٍ أخرى، فقد نشر الفيلسوف والسياسي البريطاني "روبرت ريد Rupert Read" مقالةً على موقع "The Conversation" أشار فيها إلى أن خروج الأطفال من المدارس للمشاركة في المظاهرات والإضرابات الطلابية التي اجتاحت بعض البلدان ضد التغير المناخي منطقي ومشروعٌ تماماً لأنهم يتظاهرون للحفاظ على مستقبلهم من أثر التغير المناخي.
- أظهرت دراسةٌ جديدة أن أعداداً متزايدةً من الناس أصبحت تعتبر تطرف الطقس أمراً طبيعياً للأسف. حيث قامت الدراسة بفحص الملايين من التغريدات على موقع تويتر والتي تتعلق بالطقس عبر كلماتٍ مفتاحية. ووجدت الدراسة أنه في حين أن الناس كانت تعبّر عن عدم ارتياحها وتذمرها الشديد خلال موجات الحر أو البرد في السابق، إلا أن الدراسة وجدت أن تغريدات واهتمام الناس وتخوفهم قلّ كثيراً في السنتين الأخيرتين بالرغم من تميزهما بمستوياتٍ قياسية من التطرف الحراري في الطقس.
- الأرض تزداد خضرةً وفقاً لنتائج تحليل صور الأقمار الصناعية المأخوذة للأرض، إلا أن "أولا شروباك Ula Chrobak" وفي مقالةٍ لها لمجلة بوبيولار ساينس تقول أن الأمر ليس ناتجاً فقط عن ممارساتٍ زراعية أفضل أو ناتجاً عن جهود التشجير الصناعي وحسب، بل أيضاً بسبب "الأثر المخصّب" للكربون في الغلاف الجوي -الناتج عن التغير المناخي- والذي تتنفسه النباتات عموماً، وهذا الإخضرار قد يغيب ويختفي في القريب تحت ضغط غلافٍ جوي تتزايد فيه نسبة غاز الكربون.
- أظهرت الدراسات الحديثة أن حالة البحيرات العُظمى، وهي مصدر رئيسي للمياه العذبة في العالم، آخذةٌ في التردي، وقد تتحول مياهها إلى حامضية للأسف، كالمحيطات تماماً.
- لا مكان آمن في الولايات المتحدة من آثار التغير المناخي: فقد خرجت دراسةٌ مميزة جديدة بمحاكاةٍ لما ستكون عليه حال مدن الولايات المتحدة عام 2080. راجع الرسوم التوضيحية في مقالة سارة شودوش على موقع بوبيولار ساينس، والتي تُظهر انزياح مناخ المدن الأمريكي ليصبح أقرب لمناخ المناطق التي تقع جنوباً في أمريكا (الشكل أدناه).
- يعاني الجميع من ظروف الطقس المتطرفة، بما فيهم الأجنة التي ماتزال في بطون أمهاتها على ما يبدو. فتشرح "مارلين سيمون Marlene Cimons" في مقالة لها في مجلة بوبيولار ساينس كيف يحدث ذلك، إذ يمكن للطقس المتطرف أن يسبب الكآبة للوالدين مما يؤذي الأجنة.
- حتى الحيوانات تعاني أيضاً من التغير المناخي، فقد شوهدت العديد منها مثل الكنغر والدببة القطبية وغيرها من الحيوانات اليائسة تشق طريقها نحو المناطق الحضرية مدفوعةً بالجوع وخسارة مواطنها، وغالباً ما تكون نتائج الاحتكاك بين الحيوانات البرية والبشر خطرةً، على الأخص أن هذه الحوادث أصبحت تتزايد بشكلٍ مضطرد.