لا أذكر كم مرة أخبرت مطعمي التايلندي أنني لا أريد أي أشواك بلاستيكية مع وجبتي السريعة، ثم أفتح الكيس لأجد حفنة من أدوات الأكل غير الضرورية في كل مرة. ويذكر رولاند جيير أستاذ عالم البيئة الصناعية من جامعة كالفورنيا في سانتا باربارا، أن لديه المشكلة ذاتها: "أحياناً يكون عليّ في المتاجر الكبرى أن أصارع من أجل عدم الحصول على أكياس بلاستيكية".
البلاستيك رخيص، وقوي، ومتعدد الاستخدامات. وبالنتيجة، فنحن نستخدمه لكل شيء تقريباً، نستلمه كقطعة سكاكر ثم نرميه بعد استخدامه لمرة واحدة. وعندما سيقوم علماء الآثار في المستقبل بالتنقيب عن بقايانا، فسوف يتعرفون إلينا من خلال طبقة القمامة البلاستيكية التي نثرناها في جميع أنحاء الأرض.
وقد قام جيير وزملاؤه بحساب كميات النفايات البلاستيكية التي أنتجها البشر منذ أن بدأ إنتاجه الهائل في الخمسينات. وبعد تحليل المعلومات من الجمعيات التجارية والمصادر الصناعية الأخرى حول العالم -وهو جهد استغرق سنوات من العمل الاستقصائي- توصلوا إلى نتيجة مفادها أن جميع البلاستيك الذي تم إنتاجه يبلغ حوالي 9.1 مليار طن. وهو ما يعادل وزن بناء إمباير ستيت 25 ألف مرة، أو ما يعادل 1090 كيلوجرام من النفايات لكل فرد يعيش اليوم على الأرض. ولا يعني الأمر أننا نستطيع أن نلوم أولئك الذين سبقونا لإنتاجهم الكمية الأكبر من هذه النفايات. حيث يقول جيير: "نصف هذه الكمية أنتجناها في السنوات الـ 13 الأخيرة. وهو أكثر الأرقام التي فاجأتني".
ولم يصنّع العالم سوى 2 مليون طن من البلاستيك في عام 1950. وبحلول عام 2015، ارتفع الإنتاج السنوي إلى ما يقرب من 420 مليون طن، ولا يبدو أنه يتباطأ. وإذا واصلنا هذا المسار، سنصل إلى 13 مليار طن بحلول عام 2050.
ولسوء الحظ، فإن معظم البلاستيك لن يتم تصريفه في الوقت الراهن. فقد وجد التحليل الذي قدمه الفريق والذي نُشر في يوليو 2017 في مجلة "ساينس أدفانسيز" أن تسعة في المائة فقط من البلاستيك تتم إعادة تدويره. ويتم حرق 12 في المائة، بينما تتراكم نسبة الـ 79 في المائة المتبقية في مقالب النفايات أو في الطبيعة. وهناك، سيحتاج البلاستيك إلى مئات، وربما آلاف السنين حتى يتحلل.
في غضون ذلك، تمتلئ حتى أكثر المناطق النائية في العالم بالنفايات. وتغص البحيرات والمحيطات ببقايا البلاستيك، وينتهي الأمر بالطيور والأحياء البحرية إلى أكلها أوالاختناق بها.
باختصار، الأمر سيئ للغاية. ولكن الأمر لم يخرج عن سيطرتنا بعد. وأحد محاسن هذه الدراسة أنها حددت الخطوط العريضة لحل هذه المشكلة. وقد وجد جيير وزملاؤه أن منتجات التعبئة كانت المصدر الأكبر للنفايات البلاستيكية، فمعظم علب الوجبات السريعة، وأغطية المنتجات في محلات البقالة، وأكياس التغليف، يتم استخدامها لمرة واحدة قبل أن ترمى.
يقول جيير: "إن إيجاد طريقة لتخفيض كمية البلاستيك في منتجات التعبئة، خاصة إذا كانت تستخدم مرة واحدة ثم ترمى، هو بالتأكيد وسيلة فعالة لعمل شيء ما حيال هذه المشكلة".
وفيما يلي بعض الاقتراحات:
كيف يمكن خفض النفايات البلاستيكية:
1- تعامل مع الأمر على أنه لعبة:
كم مرة ترمي القمامة كل أسبوع؟ تحدَّ نفسك لخفض هذا الرقم إلى النصف (لاحظ: لا يعني هذا أن تتكاسل حتى تتكوم القمامة في مطبخك، ولكنه يعني العمل على إنتاج كمية أقل من القمامة في المقام الأول).
مكافأة إضافية: كلما قلت القمامة التي تنتجها، قل الوقت الذي عليك أن تقضيه في نقل القمامة من مطبخك.
2- فكر قبل أن تشتري:
من المؤكد أن الدجاج المشوي مسبق الطهي في محلات البقالة يبدو شهياً، ولكن ربما هناك خيار آخر للعشاء لا يستخدم علباً بلاستيكية ضخمة. أو يمكنك بدلاً من شراء وجبة مغلفة بالبلاستيك أو الستايروفوم (البلاستيك الورقي) من براعم بروكسل (الملفوف الصغير)، أن تشتري واحدة بدون تغليف وتضعها في أكياس متعددة الاستخدام.
3- اطلب كمية أقل من الوجبات الجاهزة
ما بين العلب البلاستيكية، والصحون والأطباق البلاستيكية، والأكياس البلاستيكية التي تحملها، هذه كمية كبيرة، خاصة إذا كنت تشتري طعام الغداء كل يوم وأنت في العمل. خذ بعين الاعتبار أن تقوم بطهي كمية إضافية من الطعام في نهاية الأسبوع، وأن تغلف الكمية المتبقية في عبوات متعددة الاستعمال من أجل أيام العمل. ستحظى بصحة أفضل، وتوفر من مصروفك إذا قمت بالطهي في منزلك.
4- تذكر حقائب البقالة متعددة الاستعمال
احتفظ بواحدة منها في جيبك، وخزن الباقي خلف الباب الرئيسي حيث يسهل تذكّرها وأنت في طريقك خارج المنزل، وضع بعضاً منها في صندوق السيارة. ويمكن تطبيق الأمر نفسه مع كوب القهوة متعدد الاستعمال، حيث يتم وضعه في مكان تعرف أنك ستتذكره فيه.
5- اشترِ منتجات غير مسبقة التعبئة
6- أعد استعمال الأشياء
بعد أن تقوم بإفراغ البقالة الطازجة في البراد (أو في معدتك)، قم بوضع الأكياس نظيفة الإنتاج داخل حقيبة البقالة متعددة الاستعمال، لتستعملها في جولة التسوق القادمة. و يمكنك أن تكون أكثر إبداعاً، فعلى سبيل المثال، بعد أن تنتهي من تناول رغيف الخبز، يمكنك استخدامه لحمل شطيرة الطعام معك إلى العمل. معظم الأكياس التي تقوم برميها ليست ممزقة أو ملوثة، ولهذا كل ما عليك هو أن تكون أكثر ذكاء في الاحتفاظ بها.
7- انتقل إلى الخيار الورقي:
لا أحد يريد أن يقوم بغسل 30 طبقاً أو كأساً في كل مرة يكون هناك اجتماع مكتبي أو صحبة. ولكن وبدلاً من الاعتماد على الأطباق والأكواب البلاستيكية، خذ بعين الاعتبار الخيار الورقي. بهذه الطريقة، إذا وجدت القمامة طريقها إلى مقلب النفايات، فإنها ستتحلل على الأقل خلال مدة معينة بدلاً من البقاء لآلاف السنين.
8- هل أنت بحاجة حقاً إلى قصبة الشرب البلاستيكية أو عصى تحريك السكر؟
تبدو هذه الأشياء عديمة الفائدة، ولكنها تضيف مشكلة كبيرة للبيئة. هل ترغب في أن تَعلق في مجرى أنف سلحفاة بائسة من سلاحف البحر؟ بالطبع لا. استخدم القصبات متعددة الاستعمال الزجاجية، أو المصنوعة من السيليكون، أوالفولاذ غير القابل للصدأ، أو الخيزران، أو استغن عن قصبة الشرب نهائياً.
9- أحضر معك عبوة الماء الخاصة بك
حاول أن تتخلى عن عادة شراء المياه المعبأة. إذا كنت تعلم أنك ستعطش، أحضر معك عبوة المياه الخاصة بك. إنها وسيلة أخرى للتوفير.
10- استغنِ عن الأطباق البلاستيكية
أخبر موظف طلبات الوجبات السريعة أنك لا تريد أي أدوات أكل غير مرتجعة (من يدري، فربما لو اعتاد الناس على هذا الطلب سيصغي موظفو المطاعم إليهم في نهاية الأمر). أحضر أيضاً أدوات أكل معدنية إلى مكان العمل لتتناول غداءك بها، حتى إن كنت تعرف أنك ستتكاسل وتشتري السلطة جاهزة.
11- استخدم الأوعية أو أطباق الطعام متعددة الاستعمال بدلاً من التغليف البلاستيكي
حسنٌ، سأعترف: أنا متهم بأني أخزن نصف ليمونة أو بقايا شرائح البصل في ورق تغليف الساران. ستكون الأطباق متعددة الاستعمال أسهل استخداماً، وأقل هدراً. وهناك خيار أخر: أكياس حفظ الطعام متعددة الاستعمال.
12- كافئ نفسك:
قد يستغرق تغيير العادات القديمة وقتاً وسيحتاج صبراً، خاصة عندما يتطلب الأمر قليلاً من العمل الإضافي. ومعظمنا لن يكون قادراً على أن يخفض كمية استهلاك البلاستيك إلى الصفر. هذا صحيح. ولكن تذكر أن تكافئ نفسك ذهنياً الآن ولاحقاً، بأن الأعمال الصغيرة تصنع الفرق.
يقول جيير: "نحن لا نقول بأننا يجب أن نتوقف عن استعمال البلاستيك فوراً، ولكننا قد نحتاج إلى إعادة التفكير في كيفية استخدامه، وما الذي نستخدمه لأجله. وبقدر ما ننفق من الوقت للتخلي عن البلاستيك فإننا نضمن أننا لن نغرق كوكبنا فيه".