تتابع حرائق الغابات في ولايتك وعبر البلاد هذا الصيف، فسترى على الأرجح أنه غالباً ما يتم التعبير عن تقدم إخماد الحرائق من خلال إحصائية واحدة، وهي "النسبة المئوية لاحتواء الحريق".
يمكنك تكوين انطباعٍ حول كيفية استجابة الطوارئ عند مراقبة هذا الرقم وهو يتغير طوال فترة اشتعال الحرائق. ومع ذلك، فليس من الواضح دائماً ما يعنيه "احتواء الحريق". يمكن أن يتم احتواء معظم الحريق لأسابيع، ولكن ليس بشكلٍ كامل، أو قد يتفاقم وتزداد رقعة انتشاره في الظروف السيئة، ما يؤدي لانخفاض نسبة الاحتواء.
تحدثت مجلة "بوبيولار ساينس" (العلوم للعموم) إلى المسؤول عن الأدوات والتكنولوجيا في المركز الوطني المشترك لمكافحة الحرائق، شين تريبلت، والذي يقوم بتنسيق الاستجابات لحرائق الغابات في جميع أنحاء البلاد، لشرح هذه الرقم الإحصائي المهم.
ماذا يعني احتواء حرائق الغابات بالضبط؟
على المستوى الأساسي، يعني الاحتواء أن رجال الإطفاء قد حاصروا الحدود الخارجية للنيران بمزيج من الحواجز التي تمنع امتداد الحريق عبرها، مثل المناطق غير القابلة للاشتعال والمناطق التي حُرقت بالفعل. لا يعني ذلك أن الحريق قد توقف أو أن الخطر قد زال تماماً، بل من المرجح أن النيران لن تتجاوز خط الاحتواء الحالي.
تقيس نسبة الاحتواء مقدار المساحة التي ما تزال تحترق، ومقدار المساحة منها التي تم تطويقها. تنطبق نسبة الاحتواء غالباً على الحرائق التي تشتعل لأكثر من بضعة أيام، والحرائق التي تتطلب استجابة ذات أولوية قصوى. يقول تريبلت إنه في الجولة الأولى من مكافحة الحرائق، يمكن أن تنتشر النيران بسرعة كبيرة وغير متوقعة بحيث "لن يكون من المفيد الإعلان عن نسبة الاحتواء حتى تتم السيطرة على الحريق".
الاحتواء جزء من خطة أكبر لمكافحة حرائق الغابات. يضيف تريبلت: «في كثير من الأحيان، يعمل مديرو مكافحة الحرائق على إبقاء النيران داخل "مساحة عملياتية" لمنعها من الوصول إلى المنازل أو البنية التحتية أو مستجمعات المياه المهمة. على سبيل المثال، يمكن احتواء حريق بنسبة 50% فقط، ولكنه لا يشكل تهديداً مباشراً للناس».
ما الذي يُعتبر على أنه "تم احتواؤه"؟
يمكن أن تتخذ حلقة الاحتواء حول الحريق العديد من الأشكال المختلفة اعتماداً على كل من التضاريس والطقس.
يقول تريبلت: «قد يعني الاحتواء بنسبة 100% بأن أطقم الإطفاء قد تمكنت من تطويق النيران بالكامل من خلال إنشاء خط احتواء حولها، ولكن يمكن أن ينطوي ذلك أيضاً على أن الحريق قد تم احتواؤه بمساعدة التضاريس الطبيعية في محيط النار، مثل البحيرات والحواجز الصخرية وحتى المناطق التي حُرقت بالفعل». ويضيف موضحاً: «ما يشكل خط الاحتواء هو حفر التربة حتى الوصول إلى الصخر الأساس غير القابل للاشتعال، أو أحد العوامل البيئية التي تمنع المزيد من الاحتراق».
لكن الاحتواء لا يتعلق فقط بالخصائص الفيزيائية لخط الاحتواء، بل يتعلق أيضاً بالثقة فيه. يقول تريبليت: «بشكلٍ عام، لا يُعتبر خط الاحتواء فعالاً إلا إذا شعر مديرو عمليات مكافحة الحرائق بالثقة بأن الحريق لن يتجاوز هذا الخط».
يمكن لرجال الإطفاء قطع الأشجار حول خط الاحتواء باستخدام المناشير وإزالة أية نباتات قابلة للاشتعال بواسطة المعاول والمجارف، أو في التضاريس التي يسهل الوصول إليها، يمكنهم الاستعانة بالجرافات وآلات قطع الأشجار الضخمة التي يمكنها صنع حاجزٍ فاصل في الغابة.
اقرأ أيضاً: قادة العالم يعدون بإيقاف إزالة الغابات فهل هذا ممكن حقاً؟
يقول تريبلت إن الأدوات مثل صهاريج المياه ومثبطات اللهب تُستخدم في المقام الأول لدعم بناء خط الاحتواء. حيث لا يمكن لهذه الأدوات إيقاف الحريق، لكن يمكنها المساعدة بتبريده بما يكفي ليبدأ رجال الإطفاء في إنشاء حاجز أمام الحريق وإزالة وقود الاشتعال الذي يمكن أن تنتقل النيران من خلاله.
في بعض الحالات، تقوم الأطقم بتعزيز خطوط الاحتواء هذه عن طريق افتعال حرائق متعمدة داخل منطقة الاحتواء. ويشدد تريبلت على أن ذلك يحتاج إلى الكثير من العمل التحضيري؛ فالأمر لا يتعلق فقط بإشعال النار ومشاهدتها وهي تندلع. أولاً، يتعين على الطاقم بناء خط ناري يمكن الوثوق بقوته. ثم القيام بإشعال النيران على طول الخط الفاصل باتجاه منطقة الاحتواء. يقول تربليت: «عندما يبدأ هذا الحريق داخل الخط في اكتساب الزخم، فإنه يقود الحريق المُتحكم به بالكامل إلى عمق منطقة الاحتواء، نحو النار المشتعلة بالفعل. وهكذا، عندما يلتقي الحريق المفتعل بالحريق الرئيسي، يكون وقود الاشتعال قد استنفد بشكلٍ أساسي».
في بعض الأحيان، يشير تريبلت إلى أن الهدف هو تعزيز خط الاحتواء إلى نقطةٍ نضمن عندها عدم وجود نيران أو حرارة مرتفعة على مسافة 30 وحتى 90 متراً منه. بعد انتهاء الحريق، يتحقق رجال الإطفاء من الخط بالسير عبر الرماد المتبقي والتحقق منه بأيديهم.
مفتاح تحضير خط الاحتواء هو التنبؤ بنوع ظروف الحريق التي سيتعين عليه مواجهتها. يقول تريبلت إن فرق الاستجابة للحوادث تعتمد على بيانات الطقس طويلة المدى ونماذج المناخ للتنبؤ بهذه الظروف، والتي تأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل مثل هطول الأمطار المتوقع وأنماط الرياح التاريخية خلال شهر معين.
كيف تقاس نسبة الاحتواء؟
يرسل رجال الإطفاء على الأرض باستمرار تقارير مرحلية إلى مركز قيادة ومتابعة الحريق. يسجل مصممو الخرائط هذه التفاصيل عند إنشاء خط النار أو فحصه أو تعزيزه لإضافتها بشكل تدريجي إلى نسبة الاحتواء.
تتضمن الخرائط أيضاً بيانات تُجمع من الطائرات أو الدرونات المزودة بأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والتي تستطيع اكتشاف بقع الحرائق والمناطق التي تشتعل ببطء. يقول تريبلت: «يمكن أن تكتشف هذه الأجهزة أصغر المناطق التي تشتعل فيها النيران، وبإمكانها اكتشاف الحرائق التي لم تتفاقم بعد».
يمكن لهذه التقارير أن تغير نسبة الاحتواء في الاتجاه الآخر أيضاً. يقول تريبلت: «يمكن أن تكون نسبة الاحتواء 40% في أحد الأيام، ثم تبدأ النيران فجأة في الانتشار سريعاً، ما يزيد من منطقة النيران غير المُحتواة».
لكن تريبلت يقول إن السرعة الكبيرة في الحصول على البيانات قد أحدثت تحولاً في الاستجابة للحرائق الهائلة على مدار العقدين الماضيين. عندما بدأ تريبلت برسم خرائط الحرائق لأول مرة في عام 2000، كان كل شيئ يتم يدوياً. يتذكر قائلاً: «كنا نستخدم ورق المايلر وأقلام الرسم الجافة».
لقد تغير ذلك حوالي عام 2014، عندما بدأ رجال الإطفاء في استخدام الهواتف الذكية لتسجيل تقدم الاحتواء أثناء قيامهم ببناء الخطوط والعمل في مناورات أخرى. ومع ذلك، النظام ليس مثالياً. ففي الغابات التي تشتعل فيها الحرائق، غالباً ما تغيب شبكة الهواتف المحمولة، ويتعين على رجال الإطفاء القيادة إلى منطقة يوجد فيها تغطية للشبكة لمزامنة البيانات مع الخريطة المركزية.
اقرأ أيضاً: حرائق الغابات في أستراليا تكشف عن مدى هشاشة الأنظمة المدنية
ولكن حتى تغطية شبكة الهاتف الضعيفة جداً يمكن أن تصنع فرقاً كبيراً، سواء بالنسبة لطاقم الاحتواء أو للناس الموجودين في مسار الحريق. يقول تريبلت: «لقد انتقلنا من معرفة تقدم النيران مرةً كل 24 ساعة إلى ما نحن عليه الآن. أكره استخدام مصطلح "الوقت الفعلي"، لأننا لم نصل إلى هذا الحد بعد. لكننا نتحسن أكثر في تقييم ما تفعله النيران في بيئة ديناميكية».