كيف يُسهم السكان المحليون في البحث العلمي عن طريق معرفتهم الفريدة بالبيئة؟

قصة نجاح العلماء المواطنين في الحفاظ على التنوع الحيوي
زهرة من سلالة فرعية من نبات ناسا هومبولدتيانا تسمَّى "هومبولدتيانا"، أعاد فريق من علماء النبات والعلماء المواطنين اكتشافها لأول مرة منذ 162 عاماً. إكس. كورنيجو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعاون فريق مؤلَّف من علماء نبات دوليين وهواة النباتات، على غرار فريق كابتن بلانيت (Captain Planet)، لإعادة اكتشاف النباتات المفقودة في جبال الأنديز الاستوائية. نُشرت نتائج البحث في 25 يوليو/ تموز في مجلة فايتوكيز (PhytoKeys) المفتوحة الوصول؛ إذ وصفَت بعض النباتات التي ظلت منسية لأكثر من قرن.

إعادة اكتشاف نباتات ناسا

تنتمي هذه النباتات إلى جنس من النباتات من عائلة نباتات النجم المتوهج (Blazing Star) التي تسمَّى “ناسا” (Nasa)، ويتميز هذا الجنس من النباتات بأوراقه المستدقة التي يمكن أن تسبب لسعة شديدة؛ ما يفسر صعوبة جمعها. هذه النباتات بمعظمها نادرة ومتوطنة، ولا تظهر إلا لفترة قصيرة من الزمن؛ ما يزيد أيضاً صعوبة إضافتها إلى مجموعة من العينات المحفوظة للدراسة على المدى البعيد تسمَّى “مجموعة عينات المعشَبة” (herbarium collection).

اقرأ أيضاً: ما الذي يعنيه نجاح الزراعة في القارة القطبية الجنوبية للبعثات الفضائية المستقبلية؟

دور السكان المحليين في إعادة اكتشاف النبتة

لحسن الحظ، سهّل كلٌّ من الشبكات العلمية العالمية وسجل مستودعات البيانات المجانية على علماء النبات مشاركة المعلومات؛ إذ لا يجب عليهم الاعتماد على المعاشب بوصفها المصدر الوحيد للمواد والدلائل. أدت منصة علوم المواطن التي تسمَّى “آي ناتشوراليست” (iNaturalist) دوراً مهماً في إعادة اكتشاف نباتات الأنديز هذه.

في عام 1978، سُجلت مشاهدة نوع بارز يُسمَّى “ناسا كولاني” (Nasa colanii)، ولم تُسجل أي مشاهدات أخرى منذ ذلك الحين حتى عثر فريق الباحثين في هذه الدراسة على صورة لهذا النوع التُقطت في عام 2019. ينمو هذا النبات في منطقة يصعب الوصول إليها في غابة سحابية في المنطقة العازلة من محمية كوردييرا دي كولان (Cordillera de Colán) الوطنية في بيرو، على ارتفاع يزيد على 2,590 متراً.

في عام 2022، أكد مستخدمو منصة آي ناتشوراليست أيضاً وجود نوع آخر من النباتات ينتمي إلى جنس ناسا يُسمَّى “ناسا فيروكس” (Nasa ferox)؛ الذي لم تُسجل أي مشاهدة له منذ نحو 130 عاماً ولم يوصف علمياً حتى عام 2000. وعلاوة على ذلك، عُثر على مجموعة صغيرة تضم قُرابة 10 نباتات خصبة من نوع ناسا فيروكس؛ إذ تنمو هذه النباتات دائماً في مناطق محمية.

تنوع حيوي مخفي

يقول الباحثون في هذه الدراسة: “على الرغم من موقع المحمية القريب من مدينة كوينكا (Cuenca) الإكوادورية، ومرور الطريق المهم رقم 582 عبر المحمية، نستغرب عدم تسجيل أي مشاهدة لهذا النوع منذ وقت طويل، لا سيما بعد إجراء العديد من البعثات النباتية في هذه المنطقة العامة”.

بالإضافة إلى ذلك، أعاد الفريق اكتشاف نوع آخر من النباتات التي تنتمي إلى جنس ناسا، يسمَّى “ناسا هومبولدتيانا” (Nasa humboldtiana)، لأول مرة منذ 162 عاماً؛ إذ عُثر على هذا النوع في غابة محمية في جبال الأنديز في منطقة تشيمبورازو (Chimborazo) في الإكوادور.

اقرأ أيضاً: هل يمكن للنظم البيئية التعافي بعد الحرائق الهائلة؟

ووجدوا أيضاً أنواعاً من النباتات التي كان يُعتقد أنها انقرضت في البرية؛ مثل نباتات ناسا هاستاتا (Nasa hastata) وناسا سولاريا (Nasa solaria) التي صُنفت على أنها مجهولة أو منقرضة في البرية. التقطت شقيقة أحد المؤلفين صوراً لنباتات ناسا هاستاتا الحية، بالإضافة إلى رصد صور لعدد من نباتات ناسا سولاريا باستخدام منصة آي ناتشوراليست.

يقول المؤلف المشارك وعالم النباتات في مركز لايبنيز لأبحاث المناظر الطبيعية الزراعية (Leibniz Center for Agricultural Landscape Research)، تيلو هينينغ (Tilo Henning)، في بيان صحفي: “تُعد هذه الاكتشافات بمثابة تذكير بأن المناطق المدروسة جيداً ما تزال تحتوي على تنوع يمكن أن يظل مهملاً وغير مستكشَف، وتشير إلى دور علماء النبات في توثيق التنوع البيولوجي الذي يُعد شرطاً أساسياً لأي جهود للحفاظ على البيئة”.

يأمل الفريق أن تؤدي هذه المشاركة المجتمعية في عمليات التوثيق النباتية إلى وصف مزيد من النباتات التي لم تُدرس أو تُوثّق من قبل أو التي لم تُرصد منذ فترة طويلة.