أفاد العلماء في 3 فبراير/شباط 2022 في دورية «نيتشر كلايمِت تشينج» أن الأعاصير المستقبلية ستجلب المزيد من الفيضانات العارمة إلى المدن الساحلية في شرق الولايات المتحدة بسبب المزيج بين تفاقم عُرام العواصف (وهو الزيادة المؤقتة في مستوى مياه البحار بسبب العواصف) والأمطار الغزيرة.
قام الباحثون بمحاكاة تبين كيف يمكن لتغير المناخ أن يغير تأثيرات الأعاصير المدارية حتى نهاية القرن الحالي، ووجدوا أن وتيرة عُرام العواصف الشديد والأمطار التي تضرب الساحل قد تزداد من 7 إلى 36 مرة في جنوب الولايات المتحدة ومن 30 إلى 195 مرة في الشمال الشرقي.
ما الذي يمكن توقعه حول مستقبل الأعاصير؟
يقول «توماس وال»، مهندس ساحلي في جامعة سنترال فلوريدا لم يشارك في البحث الجديد: «تعطينا النتائج المقدمة في الورقة الجديدة فكرة واضحة عما يمكن توقعه في المستقبل»، ويضيف: «من المحتمل أن يكون هناك تغيير جذري جداً في احتمال وقوع عدة أحداث تتسبب بالفيضانات في نفس الوقت».
منذ عام 1880، تسبب تغير المناخ في ارتفاع متوسط مستوى سطح البحر العالمي بنحو 20-22.5 سنتيمتراً. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لـ «نينغ لِن»، مهندسة البيئة في جامعة برينستون والمؤلفة المشارك للنتائج الجديدة، يعمل تغير المناخ على تغيير شدة الأعاصير وحجمها ومسارها وتواترها. تؤثر خصائص العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر على مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه الأعاصير بالمدن الساحلية.
أثناء الإعصار، يكون أحد أسباب الفيضانات هو عرام العواصف الناتج عن الرياح السريعة التي تدفع مياه البحر إلى الشاطئ. يمكن أن تكون الأمطار الغزيرة، مثل تلك التي شوهدت خلال إعصار «هارفي» في عام 2017، مدمّرة أيضاً. تقول لن: «في الماضي، كانت مجموعتنا وآخرون يدرسون هذه المخاطر بشكل أو بآخر بشكل منفصل». بالنسبة للبحث الجديد، أرادت لن وفريقها فهم ما يحدث عندما يتضافر كل من عرام العواصف والأمطار.
الظروف المناخية المستقبلية في ظل ظروف الاحتباس الحراري الحالية
حقق الباحثون في كيفية تأثير آلاف العواصف المحاكاة على سواحل الخليج الأميركي وسواحل الأطلسي في أواخر القرن العشرين، وتوقعوا الظروف المناخية المستقبلية. ركز الفريق على ما يسمى بالظواهر المتطرفة المشتركة، والتي كان خلالها كل من كمية الأمطار الناتجة خلال فترة 24 ساعة، والمد الناتج عن العواصف (إجمالي ارتفاع منسوب مياه البحر الناتج من عرام العواصف والمد الطبيعي) له احتمال حدوث يساوي 1% في أي سنة معينة.
تقول لن: «إن مثل هذه الأحداث نادرة جداً في الفترة التاريخية». من المتوقع أن تقع الأحداث المتطرفة المشتركة مرة واحدة كل 200 إلى 500 عام على طول خليج المكسيك، وأقل من مرة واحدة كل 1000 عام في المتوسط على طول ساحل نيو إنغلاند في ظل ظروف مناخية تاريخية. مع ذلك، حسبت لن وزملاؤها أنه بحلول عام 2100، قد تحدث هذه الفيضانات الشديدة كل 10 إلى 30 عاماً على طول ساحل الخليج وجنوب شرق المحيط الأطلسي، وكل 3 إلى 10 سنوات على طول ساحل نيو إنغلاند ووسط المحيط الأطلسي.
تضيف لن: «في المناخ المستقبلي، من المرجح أن نشهد عراماً عاصفياً شديداً وهطول أمطار غزيرة في نفس الوقت، ما سيتسبب بازدياد الفيضانات».
قدر الباحثون أيضاً أنه في معظم المناطق، ستلعب الشدة المتزايدة والسرعة البطيئة للأعاصير المستقبلية دوراً أكثر أهمية في هذه الفيضانات الشديدة مقارنة بارتفاع مستوى سطح البحر.
تحتوي هذه الدراسة على بعض العيوب. لا يزال هناك عدم يقين بشأن مدى تغير وتيرة الأعاصير وارتفاع مستوى سطح البحر في العقود القادمة، كما ركز الباحثون على سيناريو مناخي لا يتم فيه الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كخطوة تالية، ستستكشف لن وفريقها كيف يمكن أن تتغير تنبؤاتهم في ظل سيناريوهات انبعاثات أقل خطورة.
وفقاً لِوال، تقدم النتائج الجديدة «نظرة شاملة» حول الكيفية التي سيؤدي بها عرام العواصف والأمطار إلى تفاقم الفيضانات في المستقبل، كما أنها توفر نقطة انطلاق لتحديد المواقع المعرضة للخطر داخل كل منطقة. يضيف وال بأنه يمكن أن تساعد النمذجة الأكثر محلية وتفصيلاً في الكشف عن كيفية تسبب تغير المناخ في خلق ظروف العواصف التي تؤدي إلى ازدياد احتمال حدوث الفيضانات.
هناك عدد من الطرق التي يمكن للمدن الساحلية أن تستعد لها لهذه المخاطر، ومنها استعادة الحواجز الطبيعية، مثل الأراضي الرطبة وأحواض المحّار، وبناء الجدران البحرية والحواجز الأخرى. يقول وال إن الفيضانات الناتجة عن هطول الأمطار الغزيرة وعرام العواصف قد تشكل تحدياً خاصاً، لأن الحواجز التي تحجب عرام العواصف قد تحجب أيضاً مياه الأمطار من أن تُصرّف في المحيط.
يقول وال: «هنا يمكن أن تفيدنا دراسات مثل هذه في معرفة احتمالية تزامن عرام العواصف مع هطول الأمطار في المستقبل ... يمكن أن تساعدنا في اتخاذ قرارات أفضل عندما يتعلق الأمر بالتكيف مع كل من الفيضانات الداخلية والفيضانات الساحلية».