نحو عصر من الكوارث: العالم سيشهد 560 كارثة كبرى سنوياً في المستقبل القريب

3 دقائق
نحو عصر من الكوارث: العالم سيشهد 560 كارثة كبرى سنوياً في المستقبل القريب
ستعاني بلدان منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل فيتنام (الصورة)، بشدة من الكوارث مقارنة مع باقي دول العالم. حقوق الصورة: كونستانت لوبير/أنسبلاش.

قد يشهد العالم نحو 560 كارثة سنوياً بحلول عام 2030 تتراوح من الحرائق إلى الحوادث الكيميائية، وذلك يعادل أكثر من كارثة كبرى يومياً في المتوسط. وقد تكون هذه الأرقام أقل من المتوقع بالنظر إلى تفاقم تغير المناخ خلال العقود القادمة الحاسمة.

أرقام مخيفة: كارثة كُبرى كل يوم!

نحن نقترب بالفعل من هذه الأرقام. فوفقاً لتقرير التقييم العالمي الأخير (GAR2022)، والذي صدر عن مكتب الأمم المتحدة للحد من المخاطر (UNDRR)، هناك ما بين 350 إلى 500 كارثة متوسطة أو كبيرة الحجم سنوياً، وكان الحال كذلك طوال العقدين الماضيين.

لكن عدد الكوارث الكبرى كانت أقل قبل ذلك الوقت، فقد أُبلغ بين عامي 1970 و2000 عن نحو 90 إلى 100 كارثة كبرى فقط سنوياً. إذاً لماذا أصبحت الكوارث قضيةً كبيرة في عالم اليوم؟ يقول مؤلفو التقرير إن صانعي السياسة أساؤوا تقدير مخاطر الكوارث، بسبب "تفاؤلهم، والتقليل من شأنها، والشعور بالمناعة ضدها".

تقول أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، التي قدمت التقرير في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في بيان صحفي: «على العالم بذل المزيد من الجهود لاستيعاب مخاطر الكوارث في الطريقة التي نوفر بها سُبل عيشنا ولتعزيز عمليات البناء والاستثمارات، لأن من شأنها أن تضع البشر في دوامة من التدمير الذاتي».

كالعادة: الأكثر فقراً هم الأكثر تضرراً

ليس من المستغرب أن تصيب الكوارث السكان في المناطق الأكثر فقراً بضرر أكبر، إذ تفقد البلدان النامية ما معدله 1% من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام بسبب الكوارث، خصوصاً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث ترتفع هذه النسبة إلى 1.6%. بالنسبة للدول المتقدمة، فإن الرقم يتراوح من 0.1 إلى 0.3% فقط. لقد باتت الكوارث تتسبب بخسائر أكبر أيضاً؛ فبالعودة إلى عام 1990، كانت الكوارث تتسبب بخسائر تصل إلى 70 مليار دولار سنوياً. ومع ارتفاع التضخم، ارتفع هذا الرقم في العقد الماضي إلى 170 مليار دولار سنوياً في المتوسط. وبلغت الخسائر ذروتها في عامي 2011 و2017، حيث وصلت إلى أكثر من 300 مليار دولار. 

يقول المؤلف المشارك ماركوس إينينكل من مبادرة هارفارد الإنسانية لوكالة أسوشييتد برس: «يمكن أن تقوض هذه الأحداث مكاسب التنمية التي تحققت بصعوبة بالغة، وتدفع المجتمعات الضعيفة بالفعل أو مناطق بأكملها إلى دوامة الانحدار».

كما أن الوضع مع شركات التأمين كارثي. يقول التقرير إن 40% فقط من الخسائر المرتبطة بالكوارث منذ عام 1980 تم التأمين عليها، مع انخفاض هذا الرقم بشكل كارثي واقترابه من الصفر في بعض البلدان النامية. 

بالطبع، المال ليس الشيء الوحيد الذي يُفقد في الكوارث، فعلى مدار السنوات الخمس الماضية ازداد عدد الأشخاص الذين يفقدون حياتهم في الكوارث، حيث أصبحت الأحداث أكثر خطورة ولا يمكن التنبؤ بها بشكلٍ متزايد. وبالنظر إلى أن الكوارث المناخية باتت تضرب المزيد من المناطق غير المتوقع حدوثها فيها، بالإضافة إلى اندلاع الصراعات وانتشار الأوبئة، فإن هذه الأحداث تؤدي إلى تفاقم بعضها بعضاً.  على سبيل المثال، تؤثر الحرب في أوكرانيا على الإمدادات الغذائية العالمية في عالم يعاني بالفعل من ضغوطٍ مناخية. 

وفقاً لمامي ميزوتوري، رئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، يجب علينا إعادة النظر في استعداداتنا لمواجهة الكوارث وتخصيص الموارد اللازمة لذلك. وقد قالت ميزوتوري في مقابلةٍ مع وكالة أسوشيتيد برس أن نحو 90% من التمويل المخصص لمواجهة الكوارث يُنفق على الإغاثة في حالات الطوارئ، و6% فقط على إعادة الإعمار و4% على الوقاية. 

وتقول ميزوتوري في بيان صادر عن الأمم المتحدة: «لا يمكننا منع الكوارث إلا إذا استثمرت الدول الوقت والموارد لفهم مخاطرها والتقليل من أثرها. إذا تعمدنا تجاهل المخاطر وفشلنا في أخذها بعين الاعتبار في عملية صنع القرار، فإن العالم يمول فعلياً تدمير نفسه. يجب على القطاعات الحيوية، من الحكومية إلى التنموية والخدمات المالية، إعادة التفكير سريعاً في كيفية فهمها لمخاطر الكوارث والتعامل معها».

ما زلنا نتعلق بالأمل

مع ذلك، لا يزال هناك أمل. وجد التقرير أن تنفيذ استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث التي تم تحديدها في وثيقة إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث (2015-2030) يساعد في تقليل عدد الأشخاص المتضررين أو الذين يلقون حتفهم بسبب الكوارث.  ولكن هناك طريقة واحدة يمكننا من خلالها الاستعداد بشكل أفضل لمستقبلٍ مليء بالكوارث: تغيير الطريقة التي نتحدث بها عن المخاطر. 

أحد الأمثلة التي يوردها التقرير هو الحديث عن مدى احتمالية حدوث كارثة ما خلال 25 سنة قادمة في مقابل إعطاء احتمال سنوي. على أية حال، الحديث عن فرصةٍ ضئيلة حول حدوث كارثةٍ ما هذا العام بدلاً من الحديث عن فرصةٍ كبيرة لحدوثه في المستقبل القريب يزيد الضغط لاتخاذ إجراءات حيال الكارثة قبل وقوعها.

تقول ميزوتوري: «الخبر السار هو أن قرارات البشر هي المساهم الرئيسي في مخاطر الكوارث، لذلك لدينا القدرة على الحد بشكل كبير من التهديدات التي تتعرض لها البشرية، وخاصة الأكثر ضعفاً بيننا».

المحتوى محمي