الغابات الاستوائية تنتعش في الأراضي الزراعية بسرعة كبيرة

الغابات الاستوائية
حقوق الصورة: رينز براور.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ، أصبحت زيادة أعداد الأشجار على الأرض أمراً مهماً بشكل متزايد. تزيل كتل الأشجار والنباتات، مثل الغابات الاستوائية المطيرة، ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للأرض. تطرح زيادة معدّلات إزالة الغابات الاستوائية السؤال عن المدة التي ستستغرقها الغابات القديمة لتعود إلى عافيتها السابقة، وذلك لأن هذه الغابات مهمة في المعركة ضد أزمة المناخ. اكتشفت شبكة من الباحثين من جميع أنحاء العالم مؤخراً أن إعادة النمو قد تستغرق وقتاً أقل مما كان متوقعاً من قبل.

مرونة الغابات الاستوائية

يُظهر البحث الذي قام به فريق العلماء، والذي نُشر في دورية «ساينس» يوم الخميس الماضي، أن الغابات الاستوائية التي قُطعت أشجارها للاستخدام الزراعي، وتربتها أيضاً، تتمتع بقدر كبير من المرونة. في غضون 20 عاماً فقط، استرجعت هذه الغابات الاستوائية التي نمت في الأراضي التي كانت زراعية سابقاً في أميركا الوسطى والجنوبية وغرب إفريقيا حوالي 80% من قيمة نموها القديمة.

حلّل فريق العلماء 77 موقعاً من مواقع الغابات الاستوائية في الأميركيتين وغرب إفريقيا، مما يقابل 2275 قطعة أرض مختلفة. كانت كل قطعة في الأصل عبارة عن غابة استوائية قديمة تحولت إلى أراضٍ زراعية. تم إهمال كل قطعة أرض لعدد مختلف من السنوات، حتى يتمكن الباحثون من دراسة صورة كاملة لإعادة النمو.

تم تحليل المواقع بناءً على 12 سمة من سمات الغابات الاستوائية، مثل كثافة الغابة ومحتويات التربة من المغذّيات ومساحة الأوراق وأقطار الأشجار. بعد تجميع كل المعلومات في قاعدة بيانات ومقارنتها بالمعلومات الخاصة بالغابات القديمة، وجد الباحثون أن الغابات تتمتّع بقدرة كبيرة على التكيف. توقّع «لورينس بورتر» المؤلف الرئيسي للورقة الجديدة، وعالم الأحياء الاستوائية في جامعة «فاغينينغن» في هولندا، أن مستويات المغذيات في التربة ستزداد بعد أن يبدأ المزيد من الغطاء النباتي في النمو في المنطقة، إذ أن تحلل الغطاء النباتي يؤدي إلى إعادة المغذيات إلى التربة. في الواقع، جدّدت التربة نفسها بسرعة كبيرة قبل ظهور النباتات الرئيسية مرة أخرى. في غضون عشر سنوات تقريباً، تعافت التربة من تبعات الاستخدام الزراعي.

يقول بورتر: «الشيء المضحك هو أن الأشخاص الذين يمارسون «الزراعة المتحركة» في تلك المناطق، والسكان المحليون، كانوا يعرفون هذا منذ قرون». (الزراعة المتحركة هي نظام تُزرع فيه قطعة من الأرض ثم تُترك لفترة ويتم الانتقال لغيرها). يضيف بورتر أن السكان المحليين يشقّون ويحرقون الأرض للمساعدة في إعادة المغذيات إلى التربة بعد بضع سنوات من الزراعة، ثم يتركوا الأرض لتتعافى بمفردها. بعد 10 سنوات، تصبح الأرض جاهزة للزراعة مرة أخرى.

يوضح بورتر أنه على الرغم من أن إعادة النمو السريع هذه أمر جيد، إلا أنه لا يزال ضرورياً الحفاظ على الغابات القديمة الموجودة، إذ تخزن الأشجار في هذه الغابات الاستوائية كميات كبيرة من الكربون. مع ذلك، فإن إنقاذ الغابات القديمة له نتائج قد لا يتمكن صناع القرارات على مستوى العالم من رؤيتها. يحذر بورتر من أن نتائج الدراسة الجديدة لا تشجّع على تدمير الغابات باستمرار. بدلاً من ذلك، يُظهر البحث مدى سرعة الغابات الاستوائية المطيرة التي تنمو في الأراضي الزراعية المهجورة، والتي غالباً ما تسمى «الغابات الثانوية»، في التعافي واستعادة جودة تربتها دون أي تفاعل بشري.

يقول بورتر: «هذه الدراسة هي رسالة أمل، وليست رخصة لقتل الغابات».