النفايات البلاستكية تنضح بالغازات الدفيئة، تماماً مثل الأبقار والسيارات

3 دقائق
لا يحتاج البلاستيك إلى الوصول إلى المحيط ليحدث أثره الضار.

ربما سمعت أن اللدائن الدقيقة (مايكروبلاستيك) - وهي قطع صغيرة من البلاستيك المتكسر - تعيث فساداً في البيئة وتنتشر حتى في أكثر المناطق النائية على كوكب الأرض. لكن دراسة جديدة لعلماء من جامعة هاواي في مانوا تكشف عن أن البلاستيك - خاصة البلاستيك الأكثر شيوعاً والمستخدم لمرة واحدة - يساهم بشكل مباشر أيضاً في التغير المناخي على اليابسة.

إن النتيجة التي خلصت إليها الدراسة مثيرة للقلق، فالبلاستيك الذي يشكل جزءاً لا مفر منه من الحياة الحديثة ينتج غازات الدفيئة عندما تتحلل، وهي مساهمة لن تنمو إلا مع استمرار تحلل مليارات من الأطنان من البلاستيك الموجود وإنتاج مواد بلاستيكية جديدة. ولن يتم إعادة تدوير معظم تلك المواد أبداً، وذلك بحسب تقرير لباحثين أميركيين في عام 2017. وسوف تتحلل في مقالب النفايات، والحقول، والمحيطات. وكلها تنتج الغازات الدفيئة (الميثان والإثيلين) في هذه العملية.

لم يشرع الباحثون في إجراء هذا الاكتشاف عندما بدأت الدراسة، حسبما تقول ساره جان روير، وهي باحثة دراسات عليا في الجامعة. كان الباحثون في مركز ديفيد ك. إينوي لعلم المحيطات الميكروبي التابع للجامعة يدرسون فعلياً الإنتاج الطبيعي للميثان بواسطة الكائنات الحية في مياه البحر عندما أدركوا أن نتائجهم انحرفت بسبب الحاوية البلاستيكية التي كان الماء داخلها. ومع مرور الوقت انخرطت روير بالأمر، وقام الباحثون باختبار أنواع مختلفة من البلاستيك لإنتاج الغازات الدفيئة ودراسة الظروف التي تنتج ضمنها معظم الغازات.

اختبر الفريق سبعة أنواع شائعة من البلاستيك من خلال تعريضها لظروف الأشعة فوق البنفسجية المشابهة لتلك التي ستواجهها في حال تركها في العراء أو إلقائها في المحيط. ووجدوا أن أعلى إنتاج للغازات الدفيئة يأتي فعلياً من أكثر أنواع البلاستيك شيوعاً في العالم، وهو البولي إيثيلين منخفض الكثافة. "نجد الكثير من ذلك في هاواي نفسها"، كما تقول روير التي تشارك في العديد من العلوم الوطنية وعمليات التنظيف في الجزيرة. ويرجع السبب في وجود الكثير من هذه الأشياء إلى أنها تستخدم في المنتجات واسعة الانتشار، مثل الأكياس البلاستيكية وتغليف المواد الغذائية ووحدات التعبئة السداسية، إلى جانب أشياء أخرى. وبعض هذه المنتجات، مثل مزالج الملاعب، هي أكبر بكثير وتهدف للاستخدام على المدى الطويل. لكن الكثير من المنتجات المكونة من البولي إيثيلين منخفض الكثافة لا تقضي سوى وقت قصير على الرفوف وفي المنازل قبل أن تشق طريقها إلى مقالب النفايات والمحيطات.

كما قام الباحثون باختبار قطع من البلاستيك بأحجام مختلفة. وكما نعلم جميعاً، عندما يتحلل البلاستيك فإنه يتكسر إلى قطع أصغر وأصغر، وينتهي بها المطاف في كثير من الأحيان في بطون الحيوانات. وتقول روير إنه في حالة البولي إيثيلين منخفض الكثافة، أنتج البلاستيك المسحوق كمية كبيرة من الميثان تبلغ 488 ضعفاً مما أنتجته الكريات ذات القطر 0.5 سنتيمتر. تقول روير: "مع ازدياد مساحة السطح، يرتفع إنتاج الميثان".

وكشفت الاختبارات أيضاً عن اكتشاف سيئ آخر. فعلى الرغم من كونها متخصصة في علم المحيطات، إلا أن عمل روير كانت له علاقة وثيقة أقرب إلى اليابسة. فقد وجدت أن المواد البلاستيكية المعرضة لظروف مشابهة لتلك الموجودة على اليابسة تنتج غازات دفيئة أكثر بكثير من تلك الموجودة في المحيط.

تقول روير: "يعتبر البلاستيك في المحيط مقلقاً جداً، لأنه يشكل تهديداً للحياة البرية، كما أنه يشكل تهديداً للملاحة بالنسبة للأنواع الغازية، لذلك فإن له الكثير من الآثار السلبية". ولكنها تقول فكّر في الحياة اليومية. "إذا كنت تفكر من حيث عدد الأشخاص على الأرض ومقدار الاستخدام البلاستيكي، فالرقم ضخم. وإذا لم يحدث هذا فرقاً كبيراً من المحيط، فسيحدث هذا التأثير بالتأكيد على اليابسة".

وفيما يتعلق بالتغير المناخي، فإن الحجم الدقيق لهذا التأثير لم يحدد بعد، ولكن بالنظر إلى كمية البلاستيك الموجودة هناك، فقد تكون كبيرة، حسب قول ديفيد كارل المؤلف المشارك في الدراسة في بيان صحفي. وخلصت الدراسة إلى أنه "نظراً لطول عمر المواد البلاستيكية والكميات الكبيرة من البلاستيك التي لا تزال موجودة في البيئة، فإن الأسئلة المتعلقة بدور البلاستيك في الميزانيات العالمية (للميثان والإيثيلين) ينبغي أن تكون لها الأولوية وأن تعالجها الأوساط العلمية".

ويقول ديمتري ديهاين من معهد سكريبس لعلوم المحيطات: "إنه لأمر نادر جداً أن يحدث في التلوث البلاستيكي، عند الربط بين حدثين مأساويين يحدثان هذه الأيام". ويقول ديهاين، والذي لم يشارك في الدراسة، إن النتائج تظهر أن البلاستيك على الأرض يمكن أن يكون ساماً تماماً مثلما هو في المحيط، وبطرق مختلفة. تشكل المواد البلاستيكية في المحيط خطراً على الحياة البرية البحرية وتحوُّل النظم البيئية، في حين أن تلك الموجودة على اليابسة، والتي تتحلل بمعدل أسرع، تساهم في التغير المناخي. ويقول ديهاين إنه لن يُفاجأ إذا كانت المساهمة كبيرة، حتى لو بلغت 5 في المائة من غازات الدفيئة بشرية المنشأ. وهو يرغب في أن يرى المزيد من الدراسات، وأن يرى مصممي النماذج المناخية يدمجون العلاقة بين تحلل البلاستيك والتغير المناخي في حساباتهم.

المحتوى محمي