تعد الأكياس البلاستيكية والزجاجات خطراً على الحياة البحرية، حيث يمكن أن تختنق كائنات المحيط بها، أو تتراكم في بطونها، ويمكن أن يتراكم هذا الحطام عميقاً في المياه مكوناً مزيجاً ساماً قد يؤدي إلى تآكل النظم الإيكولوجية البحرية، ومنها نحو أوكتليون (1 وعلى يمينها 27 صفراً) بكتيريا «بروكلوروكوكس»، التي تنتج نحو 10% من الأكسجين الخاص بنا.
تعد هذه البكتيريا أكثر الكائنات الحية في العالم التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي، فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، كما في النبات، وتخزن الكربون في خلاياها، وتطلق الأكسجين في الجو. باختصار، تلعب هذه البكتيريا الدقيقة دوراً كبيراً في بقاء كوكبنا صالحاً للعيش.
تساءل علماء من جامعة «ماكواري» في دراسة نشرت في مجلة «Communications Biology» عما إذا كانت ملايين الأطنان من البلاستيك التي تغرق كل عام في البحار يمكن أن تشكل تهديداً على هذه الكائنات الحية أم لا.
فقد وجدت دراسات أخرى أن العوالق البحرية، مثل القشريات الصغيرة، تمرض عندما تغمرها المياه الملوثة بالبلاستيك. لكن لا يوجد سوى قليل من الأبحاث حول تأثير سمّية البلاستيك على الكائنات التي تقوم بالبناء الضوئي، وحتى إن لم يكن مقدار النفايات مرتفع إلى حد كبير، فإن الدراسة تدق ناقوس الخطر حول اعتمادنا على هذه المواد الموجودة في كل مكان. تقول «ليزا مور»، الباحثة الرئيسية بالدراسة وعالمة الجزيئات في جامعة ماكواري في سيدني: يمكن أن تتضرر الكائنات الأكثر وفرة إذا استمرت كمية النفايات في التزايد ولم نقم بفعل شيء حيال ذلك.
لذا قام الفريق بصنع نوعين مختلفين من النفايات البلاستيكية، أحدها مصنوع من «البولي إيثيلين عالي الكثافة» HDPE، (وهي المادة التي تصنع منها أكياس التسوق)، والأخرى مصنوعة من «البولي فينيل كلوريد» PVC، التي تصنع منها المواسير وعدد من المواد الأخرى، بما في ذلك البطانة اللزجة في السجاجيد المانعة للانزلاق. ثم غمروا سلالتين من البكتيريا الزرقاء في تركيزات مختلفة من هذه النفايات لمدة ثلاث أيام، مع قياس معدل نمو الخلايا وإنتاج الأكسجين ونشاط نسخ الجينات.
وخلال هذه الأيام، عانت البكتيريا من خسارة كبيرة في تعدادها في كل تركيز (تراوحت التركيزات من 3% وحتى 50%)، وقلت عملية البناء الضوئي كذلك، وتشكل عدد أقل من الخلايا الجديدة. وكلما زاد تركيز النفايات، ماتت أعداد أكبر من البكتيريا. وعلى الرغم من أن لكلا المادتين تأثير سام، لكن كانت سمية PVC أعلى من HDPE، تقول مور أن هذا ربما يعزى إلى وجود مزيد من المواد المضافة تستخدم في تصنيعه.
في حين أن البوليمرات التي تشكل المادة الخام الأولية للبلاستيك خاملة في معظمها وتقاوم التحلل، لكن تضاف كثير من المواد الكيميائية إلى هذه المواد الخام لتصنيع المواد البلاستيكية، ومنها المذيبات والأصباغ والمعادن. تقول مور إن أنواع السموم التي تؤثر على البكتيريا تشمل على الأرجح كلاً من المركبات العضوية (القائمة على الكربون) والمعادن الثقيلة، مثل الزنك. (حددت الدراسة وجود هذه المركبات ولكنها لم تكن قادرة على تحديد كميتها). على الرغم من أن النتائج مثيرة للقلق، إلا أن التجربة تمثل تقييماً أساسياً للسمية، وليس تمثيلاً للظروف في المحيط في الوقت الحالي.
تقول مور: مستوى النفايات لن يكون عالياً مثلما كان في المختبر، وتضيف: نحن لا نقول أن نفايات المحيط الهادئ تقتل البكتيريا. تعتزم مور إجراء اختبارات ميدانية لبحث مدى سمية النفايات البلاستيكية على مجموعات البكتيريا الطبيعية، بالإضافة إلى اختبار معملي لتحليل سمية الزنك في الميكروبات. ومع ذلك علينا أن نفهم الطرق العديدة التي يلوث بها البلاستيك المحيطات. تقول مور: لن نستغنى عن البلاستيك، لكن يمكننا إدارة استخدامنا له وللنفايات الصادرة عنه، وربما إحداث تغييرات في طريقة صناعته لجعلها أقل سمّية.