البشر أنتجوا 8 مليون طن إضافي من النفايات البلاستيكية خلال الجائحة

4 دقائق
النفايات البلاستيكية
حقوق الصورة: أنسبلاش.

ولّدت جائحة كوفيد-19 ارتفاعاً كبيراً في الطلب على المعدّات البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، وسبّب هذا إنتاج أكثر من 25000 طن من النفايات التي انتهى بها الأمر تطوف في محيطات الأرض، وذلك وفقاً لما أفاد به علماء من الولايات المتحدة والصين في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

المشافي والأدوات المرتبطة بالجائحة: أكبر مصدر للنفايات البلاستيكية

قدّر الباحثون كمية النفايات البلاستيكية التي أنتجتها دول مختلفة، وحسبوا الكمية التي أوصلتها الأنهار الكبيرة إلى البحار حول العالم، واستخدموا نماذج حاسوبية ليحاكوا تحرّك هذه النفايات عبر المحيطات. وجد الباحثون أن الجائحة تسببت بإنتاج أكثر من 8 ملايين طن من النفايات البلاستيكية مصدرها المشافي، ومعدّات الوقاية الشخصية والتسوّق عبر الإنترنت. كما وجدوا أن معظم هذه النفايات التي تصل إلى المحيط ستصل في النهاية إلى الشواطئ والترسّبات الساحلية.

كتب الفريق البحثي، والذي شمل باحثين من جامعة «نانجينغ» ومعهد «سكريبس» لعلم المحيطات في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، في دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (Proceedings of the National Academy of Sciences): «يمثّل هذا مشكلة طويلة الأمد لبيئة المحيطات»، وأضافوا: «نحن ندعو إلى إدارة أفضل للنفايات الطبية في بؤر الجائحة، وخصوصاً في البلدان النامية».

وفقاً لـ «جواو كانينج كلود»، عالم البيئات البحرية في مركز العلوم البحرية والبيئية في البرتغال ومركز «سميثسونيان» للبحوث البيئية في ماريلاند، والذي كتب حول الطرق المحتملة التي يمكن أن تؤدي بها الجائحة إلى تفاقم التلوث البحري، إن جائحة كوفيد-19 هي أخطر جائحة حدثت حتى الآن في عصر البلاستيك والمواد التي تستخدم لمرة واحدة.

مع ارتفاع الإصابات لتصل إلى 212 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحلول 23 أغسطس/آب 2021، ارتفعت أيضاً كمية النفايات الطبية التي تحتوي على البلاستيك. وشمل ذلك معدّات اختبارات كوفيد-19 ومعدات الوقاية الشخصية مثل الكمّامات والقفازات والواقيات الوجهيّة. كما قال كانينغ كلود لموقع «بوبيولار ساينس» في بريد إلكتروني أنه قد تم استخدام المعدات التي تستخدم لمرة واحدة مثل أدوات المائدة البلاستيكية لتقليل خطر انتشار الفيروس، خاصة قبل أن تصبح اللقاحات متاحة.

في الوقت ذاته، وكما يفيد الباحثون، اتجه الأشخاص لاستخدام التسوّق عبر الإنترنت «بسرعة غير مسبوقة». أصبحت المواد التي تُستخدم لتعليب الطلبات مصدراً آخراً للنفايات البلاستيكية الزائدة.

لا تتم معالجة أو إعادة تدوير كل هذه النفايات البلاستيكية بشكل صحيح، وستصل بعض النفايات التي تتم معالجتها في النهاية إلى الأنهار والمحيطات. وفقاً لأحد التقديرات، وصلت حوالي 1.56 مليار كمامة إلى البحار في عام 2020. تشكّل هذه النفايات عدداً من الأخطار على الحيوانات البحرية، والتي قد تأكلها أو تعلق بها.

الأماكن التي كانت تشكو سوء إدارة النفايات البلاستيكية كانت الأكثر إنتاجاً لها

نظر الباحثون بهدف معرفة مقدار النفايات البلاستيكية التي أُنتجت بسبب الجائحة في مجموعة متنوعة من مصادر البيانات، مثل الإحصائيات المتعلقّة بالسكان، وبإنتاج الكمامات، وعدد إصابات كوفيد-19، واختبارات المرض، وحالات الاستشفاء، بالإضافة إلى التقارير المالية من شركات مثل «أمازون» و«والمارت» وغيرهما من كبريات شركات التجارة الإلكترونية.

وفقاً لتقدير الباحثين، أنتجت 193 دولة منذ أواخر أغسطس/آب 2021 حوالي 8.4 مليون طن من النفايات البلاستيكية المتعلّقة بالجائحة. ساهمت المستشفيات بما يقدر بـ 87.4% من هذه النفايات، في حين أن معدات الوقاية الشخصية التي يستخدمها عامة الناس شكلت 7.6%، وساهم التسوق عبر الإنترنت ومعدّات اختبار المرض بـ 4.7% و 0.3% على الترتيب.

وقعت نسبة هائلة بلغت 47.6% من حالات الإصابة المؤكدة بكوفيد-19 في الأميركيتين، وتلتهما آسيا بنسبة 31.22% ثم أوروبا بنسبة 17.26%. مع ذلك، فإن القارة التي ساهمت بأكبر قدر من النفايات البلاستيكية كانت آسيا (46% من النفايات)، تليها أوروبا (24%) وأميركا الشمالية والجنوبية (22%).

لاحظ مؤلفو الدراسة أنه على الرغم من أن التسوق عبر الإنترنت وارتداء الكمامات كانا أكثر انتشاراً في البلدان الآسيوية، إلا أن الأنظمة المعيبة الحالية للتعامل مع القمامة الطبية هي السبب وراء هذه الفجوة بين عدد الإصابات ونسبة النفايات. قالت «أمينة شارتوب»، الأستاذ المساعد في معهد سكريبس لعلوم المحيطات، في بيان: «كانت أكبر مصادر النفايات الزائدة هي المستشفيات الموجودة في المناطق التي كانت تعاني من سوء إدارة النفايات قبل الجائحة»، وأضافت: «لم تكن هذه المناطق مجهّزة للتعامل مع ازدياد نسبة النفايات ببساطة».

حقق الفريق بعد ذلك في نسبة البلاستيك الزائد التي ستصل وسيتم نقلها إلى البحار عن طريق 369 نهراً رئيسياً ومستجمعاتها المائية، وذلك بناءً على سرعة هذه الأنهار وخصائص أخرى لها. حسب العلماء أن حوالي 25900 طن من البلاستيك ستصل إلى المحيطات، وهو ما يمثل حوالي 1.5% من إجمالي النفايات البلاستيكية التي توصلها الأنهار إلى المحيطات في جميع أنحاء العالم. وفقاً لما كتبه الباحثون، كانت أكبر مصادر النفايات هي شط العرب، ونهر السِّند، ونهر يانغتسي، ونهر غانج براهمابوترا في آسيا، يليها نهر الدانوب في أوروبا، ونهر آمور في آسيا، وهي مناطق تحتاج «اهتماماً خاصاً في إدارة النفايات البلاستيكية».

اقرأ أيضاً: النفايات البلاستيكية: قاتلة بكتيريا الأكسجين في المحيطات

الحلقة الأضعف بين المحيطات بسبب التلوث: المحيط المتجمد الشمالي

أخيراً، استخدم الفريق نموذجاً حاسوبياً لمحاكاة كيفية تحرك هذه النفايات عبر المحيطات، مع الأخذ في الاعتبار كيفية حركة مياه البحر وكيف يمكن أن تتفتت أنواع مختلفة من البلاستيك أو تتغير بطريقة أخرى أثناء رحلتها. وجد الباحثون أن معظم النفايات البلاستيكية ستصل إلى  الشواطئ وقيعان البحار في غضون 3 سنوات. مع ذلك، من المحتمل أن تبقى بعض النفايات في المحيط المتجمد الشمالي.

خلص الباحثون إلى أن «النظام البيئي في القطب الشمالي يعتبر معرضاً للخطر بشكل خاص بسبب البيئة القاسية والحساسية العالية لتغير المناخ، مما يجعل التأثير البيئي المحتمل للتعرض للمواد البلاستيكية المتراكمة في القطب الشمالي مقلقاً بشكل خاص».

رغم  أن العديد من لقاحات كوفيد-19 عالية الفعالية متوفرة في الولايات المتحدة وخارجها، لكن لم يتم القضاء على الجائحة بعد. يقدّر الباحثون أنه بحلول نهاية عام 2021، سيتم إنتاج ما مجموعه 11 مليون طن من البلاستيك الزائد، وستنقل الأنهار 34000 طن من هذه النفايات إلى البحر.

يجدر الذكر بالطبع أن النفايات الزائدة الناتجة عن الجائحة تشكّل جزءاً صغيراً فقط من مشكلة النفايات البلاستيكية الكبيرة. قال كانينغ كلود: «إن التراكم المستمر للقمامة والبلاستيك في المحيطات يؤثر بشدة على الحياة البحرية، وتعتبر النفايات البحرية اليوم واحدة من أكبر مشاكل التلوث التي يعاني منها الكوكب».

وفقاً لما يقوله الباحثون، يعتمد حل مشكلة النفايات على تحسين تكنولوجيا جمع النفايات البلاستيكية ومعالجتها وإعادة تدويرها، وتطوير المزيد من البدائل الصديقة للبيئة، ورفع مستوى الوعي بين عامة الناس حول الآثار البيئية لمعدات الوقاية الشخصية وغيرها من المنتجات البلاستيكية.

المحتوى محمي