اعتُبر ثوران بركان "هونغا تونغا-هونغا" في جزر "ها أباي"، والتي تبعد نحو 65 كيلومتراً شمال عاصمة مملكة "تونغا"، أكبر ثوران بركاني في العالم خلال الـ 30 سنة الماضية. عندما ثار هذا البركان تحت المائي الذي يقع في "منطقة الحزام الناري في المحيط الهادئ"، انبثقت أعمدة الرماد والحطام بارتفاع 19 كيلومتراً في السماء. ضربت موجات التسونامي الناتجة عن البركان مملكة تونغا الأرخبيلية، وقطعت مسافات آلاف الكيلومترات، لتزيد ارتفاع الأمواج بضعة أمتار في الساحل الغربي للولايات المتحدة، وفي اليابان ونيوزيلندا والبيرو.
ثوران بركان تونغا يسبب انقطاعها عن العالم الخارجي
تُظهر الصور الجوية وصور الأقمار الصناعية الحجم الهائل لثوران البركان، والذي ازداد بسرعة تنذر بالخطر. حسب وكالة "إن بي سي نيوز" الإخبارية، كان البركان، والذي اندلع آخر مرة في عام 2014، "يُصدر الدخان لمدة شهر تقريباً قبل أن تتلامس الحمم المنبثقة، والتي وصلت درجة حرارتها لنحو 1000 درجة مئوية، مع المياه التي بلغت درجة حرارتها 20 درجة مئوية، ما تسبب في انفجارات فورية وهائلة". تُظهر صور جزر تونغا طبقات سميكة من الرماد تغطي المملكة. أدت الكارثة إلى تحويل المباني إلى حطام، واقتلاع الأشجار، وضرب معظم المناطق الساحلية بموجات عنيفة.
منذ انفجار البركان، تمكنت الدول الأخرى من الاتصال بشكل محدود فقط مع تونغا. أكدت الاختبارات أن كابل الاتصالات الرئيسي الذي يربط الجزر بالعالم الخارجي انقطع على بعد نحو 37 كيلومتراً من الساحل. قالت حكومة تونغا في بيان نُشر على موقع تويتر إنها تواجه صعوبات في الاتصال بالجزر الخارجية للبلاد. لا يوجد حتى الآن سوى 3 حالات وفاة مؤكدة: امرأة بريطانية تعيش في تونغا، وامرأة تبلغ من العمر 65 عاماً من جزيرة مانغو، ورجل يبلغ من العمر 49 عاماً من جزيرة نوموكا. كما تم تأكيد وفاة شخصين في البيرو، إذ سحبتهما الأمواج وغرقا.
قلق المسؤولين في تونغا من انتشار كوفيد-19 مع قدوم المساعدات
قال "ألكسندر ماثيو"، مدير الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لشبكة "سي إن إن" الإخبارية، إن هناك "أضراراً ساحلية واسعة النطاق نتيجة لموجات التسونامي"، وأضاف: "نحن قلقون بشكل خاص على تلك الجزر القريبة من البركان ... في الوقت الحالي، ليس لدينا سوى معلومات قليلة جداً".
أرسلت أستراليا ونيوزيلندا رحلات استطلاعية يوم الاثنين 17 يناير/ كانون الثاني 2022 لتقييم الأضرار، إلا أن الرماد العالق في هواء تونغا سيجعل إرسال المساعدات صعباً على الأرجح. تعهدت نيوزيلندا بتقديم مليون دولار نيوزيلندي (676000 دولار أمريكي) لمساعدة تونغا، وتستعد الصين لإرسال مياه الشرب والغذاء ومعدات الحماية الشخصية، كم تعمل وكالة المعونة الدولية الأميركية على توفير إمدادات الإغاثة والمأوى للسكان.
لكن تونغا قلقة من خطر آخر ستجلبه هذه المساعدات الدولية. قال "كورتيس تويهالانجينجي"، وهو دبلوماسي تونغي في أستراليا، لوكالة "رويترز" الإخبارية: "لا نريد أن نجلب موجة من كوفيد-19 إلى البلاد". أغلقت تونغا، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 100,000 نسمة، حدودها في عام 2020 لحماية نفسها من الجائحة، ولم تُفتح الحدود منذ ذلك الحين. سجلت تونغا حالة إصابة واحدة فقط منذ بداية الجائحة، وتلقى نحو 60% من سكانها جرعتين من اللقاح. بينما تستعد المساعدات للوصول، تحاول حكومة تونغا إيجاد طريقة لقبول الإغاثات مع الحفاظ على سلامتها من مرض كوفيد-19.
قال "بيني هيناري"، وزير الدفاع النيوزيلندي، لصحيفة "ذا نيويورك تايمز" إن بلاده على دراية بمخاوف تونغا، وأنها "قامت بعدد من العمليات مع تونغا في المحيط الهادئ على مدار العامين الماضيين دون تلامس مباشر"، وأضاف أن نيوزيلندا ستعمل مع جيرانها في المحيط الهادئ "للتأكد من أننا نواصل الحفاظ على سلامة تونغا".