كيف يؤثر التغير المناخي على دورة المياه الطبيعية؟

3 دقائق
كيف يؤثر التغير المناخي في دورة المياه الطبيعية؟
حقوق الصورة: شترستوك.

أشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في تقرير صادر عام 2021 إلى أنّ التغيرات المناخية تؤدي إلى حدوث تغيرات في دورة المياه الطبيعية على المدى الطويل. 

تحتاج كل الكائنات الحية للماء، لذلك، دائماً ما يُقال إنّ الماء هو سر الحياة، ولكنه يتأثر بسبب التغيرات المناخية التي تمر بها الأرض، وبالتالي تصبح المناطق الجافة أكثر جفافاً، وتفتقر إلى المياه، وتصير المناطق الرطبة أكثر رطوبة، فتحمل كمية زائدة من المياه. وقد توصلت مجموعة من الباحثين في مركز أبحاث تغير المناخ في جامعة ساوث ويلز إلى أنّ دورة المياه على الأرض تتغير بسرعة أكبر من المعتاد، ونُشرت الدراسة في مجلة "نيتشر" (Nature) في 24 فبراير/شباط 2022. 

أكدت النتائج على ضرورة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي ترفع درجة الحرارة قبل أن يحدث تغيّر دائم في دورة المياه، وإلا فقد لا نستطيع حل هذه المشكلة. 

مظاهر تغيّر دورة المياه 

مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، حدثت بعض التغيرات في دورة المياه، وبسببها صارت المناطق الرطبة أكثر رطوبة، والمناطق الجافة أكثر جفافاً، نتيجة انتقال المياه العذبة من المناطق الجافة إلى المناطق الرطبة لتستقر هناك، وتتمثل هذه المياه في صورة سحب محملة بالأمطار التي تسقط في الأماكن الرطبة بعد انتقال السحب إلى هناك. هذا بدوره يؤثر على حالة الطقس في تلك المناطق. على سبيل المثال: يزداد الجفاف في المناطق الجافة نسبياً، أما المناطق الرطبة نسبياً، فتتعرض للعواصف القوية والفيضانات. وإذا استمرت هذه التغيرات، سيصعب على عدد كبير من البشر في أماكن مختلفة على سطح الأرض الحصول على كميات كافية من المياه العذبة.

اقرأ أيضاً: التغير المناخي يؤثر بشكلٍ كبير على أنماط الطقس المتطرفة

كيف يمكن قياس تغيرات دورة المياه؟

يصعب قياس تغيرات دورة المياه، لعدم وجود بيانات وقياسات دقيقة لتحديد كميات هطولات الأمطار وتبخر المياه من على سطح الأرض، فهو الكوكب الأزرق الذي تشغل المياه نحو 70% من سطحه. لذلك، لجأ العلماء إلى المحيط. لكن لماذا المحيط؟ حسناً، من المعروف أنّ المحيط الأطلسي أكثر ملوحة من المحيط الهادئ، وذلك بسبب اختلاف كمية الأمطار التي تهطل على كل واحد منهما، فكما نعلم، مياه المطر عذبة، وعندما تهطل بغزارة في المحيط، تخف ملوحته بمرور الوقت. وعندما تحدث عملية التبخر من جديد، تبقى الأملاح ويتبخر الماء، ما يؤدي إلى زيادة ملوحة المياه. 

استخدم العلماء في الأبحاث السابقة التغيرات المسجلة في مستوى ملوحة المحيط لقياس مستوى الهطولات المطرية، وبالتالي اكتشاف التغيرات الحاصلة في دورة المياه. لكن هذا المقياس متغير، فالتيارات المائية والأمواج في حالة مستمرة من الحركة، ما يثير بعض الشكوك حول ارتباط الملوحة بتغيرات دورة المياه. هذا دفع العلماء إلى تطوير طرائق جديدة تمكنهم من الربط بين دقة التغيرات في درجة ملوحة المحيط والتغيرات الحاصلة كجزء من دورة المياه التي تنقل المياه العذبة من المناطق الدافئة إلى الباردة، ما ساعد في تقدير التغيرات في دورة المياه بدقة أكبر على نطاق واسع في الغلاف الجوي واليابسة والمحيطات. 

نتائج الدراسة حول دورة المياه

وجدت الدراسة أنّ هناك كمية كبيرة من المياه تعادل 123 ألف ضعف المياه الموجودة في سيدني قد انتقلت من المناطق الاستوائية إلى مناطق أكثر برودة منذ عام 1970. تُقدر هذه الكمية من المياه بنحو 46 إلى 77 ألف كيلو متر مكعب. وهذا يعني أنّ معدل تكثيف دورة المياه قد وصل إلى 7%. وهذا يشير إلى:

  • زيادة الأمطار بنسبة 7% في المناطق الرطبة. 
  • قلة الأمطار بنسبة 7% في المناطق الجافة. 

وتشير الدراسات السابقة إلى أنّ معدل التكثيف في دورة المياه يتراوح بين 2 - 4%، ما يعني أنّ التغيرات الحاصلة في دورة المياه أسرع من أي وقت مضى. 

اقرأ أيضاً: أكثر من 100 مليار دولار: تكلفة الكوارث الناجمة عن التغير المناخي عام 2021

ما التوقعات المستقبلية لتأثير التغير المناخي على دورة المياه؟ 

إذا استطاعت الحكومات التصدي لمشكلة التغير المناخي وحافظت على درجة الحرارة ضمن المعدلات التي يأمل باحثو التغير المناخي في البقاء عندها وعدم تجاوزها، فسوف يتعرض البشر إلى ظروف متطرفة أقوى بمعدل 14% مقارنة بالفترة الزمنية بين عامي 1850–1900، وستتعرض الكثير من النظم البيئية للضرر، ويزداد الجفاف في دول البحر الأبيض المتوسط وجنوب غرب وجنوب شرق أستراليا وأميركا الوسطى. من جانب آخر، ستُصبح مناطق الرياح الموسمية أكثر رطوبة. 

من ذلك نخلص إلى أنّ التغيرات الحاصلة في دورة المياه تعود بشكل أساسي إلى التغيرات المناخية، والتي تحدث بسرعة كبيرة كنتيجة للأنشطة البشرية التي تطلق الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، ما يعني أنّ قضية انقاذ كوكبنا بين أيدينا بفعل أنشطتنا.

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي