تعلمنا في فصل العلوم في المدرسة الابتدائية أن للأرض 3 طبقات رئيسية: القشرة والوشاح والنواة. يزيد عرض النواة على 6437 كيلومتراً، وتتكون من طبقتين: نواة خارجية سائلة ونواة داخلية صلبة وكثيفة تتكون في معظمها من الحديد وهي في الواقع الطبقة التي تدور.
غير أن دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين من جامعة بكين في الصين، ونُشرت في مجلة "نيتشر جيوساينس" في 23 يناير/ كانون الثاني، أفادت بأن دوران النواة الداخلية ربما توقف مؤخراً، ومن المحتمل أنه ينعكس الآن. يعتقد الفريق البحثي أن هذه النتائج تشير إلى أن التغييرات في الدوران تتكرر كل 10 سنوات، وتساعدنا في فهم تأثير ما يحدث في أعماق الأرض السحيقة على سطحها بشكل أفضل.
اقرأ أيضاً: هل نشأت كل الجزر البركانية من مناطق حارة في باطن الأرض؟
مكونات النواة الداخلية
يفصل الجزء السائل من النواة الداخلية الجزء الصلب منها عن بقية كتلة الأرض الصلبة، لذلك فهو يدور بوتيرة واتجاه مختلفين عن الكوكب نفسه. النواة الخارجية مسؤولة عن تكوين المجال المغناطيسي للأرض من خلال حركتها الدورانية، بينما تساعد جاذبية الوشاح في إبقاء الدوران تحت السيطرة. ويمكن أن يمنحنا فهم دوران النواة الداخلية فهماً أفضل لكيفية تفاعل جميع طبقات الأرض مع بعضها.
في تفاصيل الدراسة، درس عالما الزلازل يي يانغ وشياودونغ سونغ الموجات الزلزالية، وذلك بتحليل الاختلاف في شكل الموجة ووقت انتقال الموجات الناتجة عن الزلازل شبه المتطابقة التي حدثت على طول مسارات مماثلة عبر النواة الداخلية للأرض منذ الستينيات، وركزوا على وجه الخصوص على الزلازل التي حدثت بين عامي 1995 و2021.
عملية الدوران ليست متسقة
في السنوات التي سبقت عام 2009، لوحظ أن النواة الداخلية تدور بشكل أسرع قليلاً من السطح والوشاح، لكن دورانها تباطأ وتوقف عام 2009 تقريباً. في الوقت الحالي، وعند النظر إلى النواة الآن، يبدو أن النواة الداخلية لا تدور لأنها تدور بمعدل دوران السطح نفسه تقريباً.
يقول أستاذ علوم الأرض والكواكب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، بروس بافيت، لمجلة نيو ساينتست في هذا الصدد: «يشير ذلك إلى أن عملية الدوران لم تكن متسقة كما أفادت الدراسات منذ نحو 20 عاماً، بل هي عملية أكثر تعقيداً في الواقع».
اقرأ أيضاً: محيط تحت القشرة الأرضية قد يكشف سر قدرة الأرض على إيواء الحياة
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الفريق أن ذلك قد يمثل دورة مدتها 70 عاماً من تسارع وتباطؤ دوران النواة الداخلية. ويعتقدون أن نقطة التحول السابقة حدثت في أوائل السبعينيات تقريباً ويقولون إن التغييرات في الدوران مرتبطة مع التغييرات الطفيفة في الملاحظات الجيوفيزيائية على سطح الأرض، مثل التغيرات في طول اليوم أو الحقول المغناطيسية.
يقترح المؤلفون أن الاختلافات في دوران النواة الداخلية تتوافق مع بعض التغييرات الدورية على سطح الأرض، ما يعتبر دليلاً على التفاعلات بين طبقات الأرض المختلفة.
هناك جدل مستمر بين العلماء حول سرعة دوران النواة الداخلية للأرض وما إذا كانت تحدث بها تغيرات، وهذه النظرية الجديدة ما هي إلا أحد النماذج العديدة التي تحاول تفسير هذا الدوران. يقول عالم الزلازل في جامعة جنوب كاليفورنيا والذي لم يشارك في الدراسة، جون فيدال، لصحيفة نيويورك تايمز: «من الغريب وجود كرة حديدية صلبة "تطفو" في مركز الأرض. بغض النظر عن النموذج الذي تقتنع به، فإن بعض البيانات تتعارض مع هذه الفكرة».
اقرأ أيضاً: لماذا تختلف فصول السنة في أجزاء الكرة الأرضية؟
من الصعب للغاية دراسة اللب الداخلي للأرض والوصول إليه مادياً يكاد يكون مستحيلاً (إلا في روايات الخيال العلمي)، لذلك فإن ما يحدث بالفعل في مركز الأرض يمكن أن يظل لغزاً دائماً.