عندما تتحقق من تطبيق أحوال الطقس على هاتفك الذكي في يوم بارد، قد تجد أن درجة الحرارة الحالية هي 3- درجة مئوية، ولكنها تبدو وكأنها 9- درجة مئوية. لا تقلق، فعلماء الأرصاد الجوية لا يعتمدون على إحساس البشر بالبرودة لقياس درجات الحرارة، بل إنهم يستخدمون عمليات حسابية غامضة إلى حد ما لتحديد مدى تأثير سرعة الرياح على درجة حرارة الجسم، وهي ظاهرة تسمى "تبريد الرياح".
مع مرور العديد من المناطق في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بفترة هبوب الرياح الأكثر برودة في الموسم، من الضروري فهم ظاهرة تبريد الرياح، ولماذا تعد مقياساً مهمّاً.
ما هو تبريد الرياح؟
يقول "بوب أورافيك"، كبير خبراء التنبؤ في دائرة الأرصاد الجوية الوطنية في مركز التنبؤ بالطقس في مدينة كوليدج بارك، ميريلاند: "تبريد الرياح هو ما تشعر به عندما تكون بالخارج في طقس بارد مع هبوب الرياح"، ويضيف: "ما يجعلك تشعر وكأن الطقس أكثر برودة مما هو عليه في الواقع".
يقول أورافيك إنه كلما هبت الرياح بشكل أسرع، يتحرك الهواء البارد عبر سطح الجلد ويبرّده. يشبه الأمر النفخ على الحساء الساخن لتبريده.
يقول أورافيك: "عندما تفعل ذلك، فأنت تولد ريحاً باردة على السطح الأكثر سخونة"، ويضيف: "يمكنك أن تشبه نفسك بحساء ساخن تهب الرياح عليه".
اقرأ أيضاً: القصة الكاملة لأول نفس أكسجين تستنشقه الأرض
كيف يتم حساب تبريد الرياح؟
يستخدم الباحثون في دائرة الأرصاد الجوية الوطنية معادلة رياضية لحساب تبريد الرياح. في هذه المعادلة، يتم طرح سرعة الرياح (والتي رمزها "v") من درجة حرارة الهواء (والتي رمزها "T"). يمكن استخدام هذه المعادلة لدرجات الحرارة التي تكون أقل من 10 درجة مئوية، ولسرعات الرياح التي تتجاوز 4.8 كيلومتراً في الساعة. إذا كنت لا تريد إجراء العمليات الحسابية بنفسك، فيمكنك استخدام هذه الآلة الحاسبة التي صممها الخبراء في دائرة الأرصاد الجوية الوطنية.
يعتمد الحساب بالكامل على معدل الحرارة التي يفقدها الجسم في درجات حرارة مختلفة. وفقاً لدائرة الأرصاد الجوية الوطنية، ابتكر العالمان "بول سيبل" و"تشارلز باسيل" في عام 1945 المؤشر الأول لتبريد الرياح من خلال إجراء تجربة في القارة القطبية الجنوبية قيس فيها الوقت الذي استغرقته المياه للتجمد في سرعات الرياح المختلفة، والذي أُطلق عليه اسم "مؤشر سيبل وباسيل".
في عام 2001، حدّثت إدارة الأرصاد الجوية الوطنية ودائرة خدمات الأرصاد الجوية الكندية المعادلة بناءً على تجارب أجرتها مع 12 متطوعاً. وُضع المتطوعون في نفق مبرّد بالرياح تتخله رياح لها سرعات ودرجات حرارة مختلفة، أثناء استخدام المشاركين جهاز المشي. قاس الباحثون بعد ذلك تدفق الحرارة من خدود وجباه وأنوف وذقون المشاركين.
من المهم ذكر أن هذه التجربة محدودة، إذ أنها اعتمدت على عينة من 12 شخصاً فقط، وأهملت تأثير دفء الشمس، وحسبت سرعة الرياح عند ارتفاع 1.5 متراً، وهو طول أغلبية الناس الذي افترضته دائرة الأرصاد الجوية الوطنية. لهذا السبب، يعتقد بعض خبراء الأرصاد الجوية وخبراء الديناميكا الحرارية إنه يجب استبدال هذا المقياس بمقياس أكثر تعقيداً مثل مؤشر المناخ الحراري العالمي. مع ذلك، يقول أورافيك إن تبريد الرياح مفيد كمقياس يخبرك بما عليك أن تلبس في يوم ما.
اقرأ أيضاً: لماذا تختلف فصول السنة في أجزاء الكرة الأرضية؟
لما يجب أن تهتم بتبريد الرياح؟
لا يجعل تبريد الرياح التواجد في الهواء الطلق أمراً مزعجاً فحسب، بل قد يجعله أيضاً غير آمن. يقول أورافيك: "يمكنك أن تصاب بقضمة الصقيع بشكل أسرع إذا كان جلدك مكشوفاً للرياح السريعة".
عندما تتجمد الأنسجة الحية، يُطلق على هذه الظاهرة اسم "قضمة الصقيع" أو عضة البرد، والتي يمكن أن تحدث في أي وقت تنخفض فيه درجة حرارة الهواء إلى ما دون 0 درجة مئوية. يحتوي الجلد على طبقة من الهواء العازل حوله، وعندما تتسبب الرياح باضطراب تلك الطبقة العازلة، يصبح فقدان الحرارة أسرع ويتسبب في تجمد الجلد. تؤدي قضمة الصقيع أحياناً إلى تلف الخلايا، بل وتتسبب في موت الجلد أو الأنسجة الرخوة الأخرى. يوضح الجدول أعلاه تبريد الرياح عند درجات حرارة مختلفة وسرعات رياح مختلفة، وكذلك المدة التي سيستغرقها الجلد المكشوف للإصابة بعضة الصقيع في درجات حرارة مختلفة.
لكن هناك طرق لحماية نفسك من تبريد الرياح وقضمة الصقيع. بالإضافة إلى الذهاب إلى "منطقة دافئة"، يوصي أورافيك بارتداء الملابس الدافئة وتغطية أي جلد مكشوف، ويشمل هذا الوجه. لذلك إذا كنت تعيش في مناطق ذات طقس أكثر برودة، فقد يكون الوقت قد حان لشراء قناع تزلج جيد. سيبدو جميلاً تحت كمامة "إن 95".