تلوث الهواء: الكارثة التي تهدد عشرات المدن المتنامية

2 دقائق
معدّلات تلوث الهواء تزداد بسرعة في العشرات من المدن المتنامية
مدينة مومباي التي تظهر في الصورة أعلاه هي من المدن التي تتأثر بازدياد معدلات التلوث. حقوق الصورة: فيجيت باغ/ بيكسلز.

يشهد العالم ازدياداً في عدد المدن الضخمة، إذ أنه وفقاً للأمم المتحدة، يوجد حالياً نحو 30 منطقة حضرية في العالم يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة تقع معظمها في جنوب شرق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط. تتوقع الأمم المتحدة أن يزداد عدد هذه المدن الضخمة خلال العقد المقبل، لا سيما في الصين والهند. يعمل العلماء على فهم التأثير الذي ستحدثه هذه المدن الكبرى على العالم بأسره مع ازدياد حجمها وعددها، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتلوث الهواء.   

فحصت مجموعة من الباحثين الدوليين في دراسة نُشرت في 8 أبريل/نيسان 2021 في مجلة «تقدّمات علمية» بيانات متعلقة بتلوث الهواء تم تجميعها باستخدام الأقمار الصناعية في الفترة بين عامي 2005 و2018 وتعود لـ 46 موقعاً يُتوقّع أن تتحوّل إلى مدن ضخمة في المستقبل في جميع أنحاء المناطق الاستوائية في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط. لاحظ العلماء كيف أن المدن تصبح أكثر تلوثاً بدراسة صور الملوثات الشهرية مثل ثنائي أوكسيد النيتروجين والفورمالديهايد والأمونيا والجسيمات الدقيقة.

يقول «كارن فوهرا»، مؤلف الدراسة الجديدة والزميل الباحث في الجغرافيا في كلية لندن الجامعية: «النتيجة باختصار هي أن نسب جميع الملوثات تقريباً تزداد في معظم هذه المدن سريعة النمو عبر السجل بأكمله»، ويضيف: «ما أدهشنا هو حدة هذه التغييرات». 

تضاعف عدد الأماكن المُعرضة للتلوث

ازدادت نسبة تعرض السكان في 40 من أصل 46 مدينة درسها الباحثون لتلوث الهواء لتبلغ 1.5-4 أضعاف النسب السابقة بين عامي 2005 و2018. تعارض بعض نتائج الدراسة الجديدة نتائج الدراسات المتعلقة بنقاء الهواء التي تمت من قبل، والتي ركزت على المساحات الإقليمية أو البيانات الوطنية. أوضح فحص البيانات على مقياس المدن الضخمة أن نسب بعض ملوثات الهواء كانت أكثر بـ 2-3 مرات في المدن الكبرى عنها في المناطق المحيطة. يقول فورها إنه على سبيل المثال، أشارت الدراسات الحديثة إلى انخفاض التلوث الناتج عن ثنائي أوكسيد النيتروجين في جميع أنحاء إفريقيا بسبب تقليل الاعتماد على حرق الوقود الحيوي. لكن تظهر الدراسة الجديدة أن التلوث يزداد في المدن التي يعيش فيها معظم السكان.     

قالت «إلواز ماريه» (Eloise Marais)، المؤلفة المشاركة في الدراسة الجديدة والأستاذة المشاركة في الجغرافيا الفيزيائية في كلية لندن الجامعية، في بيان: «نستمر كبشر في نشر تلوّث الهواء من منطقة لأخرى بدلاً من التعلم من أخطاء الماضي وضمان ألا يضر كل من التحوّل الصناعي السريع والتنمية الاقتصادية بالصحة العامة». 

لا يزداد تلوث الهواء فقط، بل مشكلاته المرافقة أيضاً

يمكن أن يساهم تلوّث الهواء في عدد كبير من المشكلات الصحية، من الربو إلى الوفاة. تمكن الباحثون من تقدير عدد الوفيات المبكرة السنوية الناجمة عن تلوث الهواء في الفترة ما بين عامي 2005 و2018، وبلغ عدد الوفيات 180 ألف وفاة في عام 2018، ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 62% عن معدل الوفيات في عام 2005. حدثت أسرع زيادة في عدد الوفيات في مدن مثل دكا وبنغلاديش، بالإضافة إلى عدد من المدن في الهند مثل مومباي وبنغالور وكولكاتا وحيدر أباد وتشيناي وسورات وبوني وأحمد أباد.   

يقول فوهرا: «إذا استمرت نسب التلوث بالازدياد بهذا الشكل، فمن المؤكد أن معدلات الوفيات ستزداد أيضاً»، ويضيف: «حتى لو افترضنا أن جودة الهواء لن تتغير، فإن عدد السكان في هذه المدن يزداد بمعدل هائل للغاية. وسيزداد معدل الوفيات المبكرة في هذه الحالة أيضاً».   

مشكلة ولكن قابلة للحل

لكن حسب فوهرا، لا يعني هذا أن المشكلة غير قابلة للحل. إذ يمكن لسكان المدن التخفيف من تلوّث الهواء من خلال الاعتماد أكثر على وسائل النقل العام وتقليل استخدام السيارات الخاصة. 

الأهم من ذلك أنه لحماية صحة السكان، يجب على صانعي السياسات وقادة المجتمعات النامية أن يطوروا آليات صارمة للتعامل مع تلوث الهواء (ويضمنوا تطبيقها) مع استمرار توسّع القطاع الصناعي. إذا تم تطبيق مشاريع لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة، ستصبح هذه المدن بالفعل في طريقها إلى تقليل نسب تلوّث الهواء.  

يقول فوهرا: «توقعت الكثير من الدراسات أن تتحول المدن مثل التي درسناها إلى مدن ضخمة، وأن معظم الناس سيعيشون في المناطق الاستوائية وفي هذه المدن»، ويضيف: «إذا علمنا أن شيئاً كهذا سيحدث، فعلينا بالتأكيد تنفيذ تدابير صارمة للتعامل مع التلوث على الفور». 

المحتوى محمي