تغيّر المناخ سوف يزيد تكلفة القهوة ويجعل طعمها أسوأ

3 دقائق
لا تتركنا أيها البنّ!

يعتقد معظم الناس بأن تغير المناخ هو أمر واقعي ويؤثر بالفعل على العالم. ولكن لا يعتقد الكثير من الناس بأن تغير المناخ يؤثر عليهم. وهذا أمر مفهوم عند التركيز على بعض الآثار مثل الشتاء الدافئ أو العواصف الأكثر شدّة والتي لم يحدث وأن واجهتك. لذا عليك التفكير بدلاً من ذلك في هذا الأثر المباشر على حياتك، بأن تتخيل أن تدفع المزيد من النقود لتناول قهوة ذات مذاق أسوأ.

هل بدأت تشعر بواقعية الأمر؟ إذ أن ذلك يؤثر على مزارعي البنّ، وإذا كانوا يشعرون بالقلق، فيجب عليك أن تشعر بذلك أيضاً. حيث وجد تقرير جديد - وهو أحدث تقرير ضمن سلسلة طويلة من الدراسات عن تغيّر المناخ وإنتاج البنّ - بأن أكثر من نصف محصول البنّ الحالي في إثيوبيا ينمو في مناطق لن تكون مناسبة للزراعة في المستقبل القريب. ونُشرت النتائج في مجلة نيتشر بلانتس "Nature Plants". وهناك تقارير أخرى لها تنبؤات مماثلة في باقي أنحاء العالم مثل البرازيل وإندونيسيا وكولومبيا. إذ أن كافة هذه الأماكن ستشهد انخفاض أراضيها المنتجة للبنّ إلى النصف بحلول عام 2050.

ويُذكر بأننا قد اعتدنا أن نشهد تأثير الاحتباس الحراري العالمي على الأماكن الباردة. من الدببة القطبية التي تطفو على الجبال الجليدية الصغيرة إلى البطاريق الهائمة حول الطين المكشوف. ولكن وكما يوحي الاسم، فهو ظاهرة عالمية. وقد لا نفكر في أن البنّ معرّض للخطر، لأنه ينمو في المناخات الحارة. فما الذي قد يحدث إذا أصبح المناخ أكثر حرارة؟ فالبنّ بالفعل يحب المناخ الحار.

البنّ لا ينمو في أي مكان

 ولأن نبات البنّ ينمو في الأماكن الحارة فهذا لا يعني بأنه يمكنه أن ينمو في جميع الأماكن الحارة. بالإضافة إلى أن تلك المواقع المحددة لها تأثير مباشر على طعم القهوة. فالبنّ العربي - مثل العنب - له بيئة طبيعية خاصة ينمو فيها وتغيّر من مذاقه. وهذا هو السبب في أن نفس الصنف من البنّ الذي ينمو في بلدين مختلفين (أو حتى على جانبي نفس الجبل) يكون له مذاق مختلف.

ومن "الحلول" المحتملة لانخفاض حجم الأراضي الصالحة هو نقل إنتاج البنّ إلى ارتفاع أعلى حيث سيكون المناخ أكثر برودة. إذ وجد هذا التقرير الأخير بأنه يمكن بالفعل زيادة الأراضي المتاحة بمقدار أربعة أضعاف. ولكن لا يمكن الانتقال إلى بيئة ذات ارتفاع أعلى دون تغيير مذاق القهوة. فقد يلزم تغيير الأصناف النباتية، أو على الأقل سيكون هناك نوعية مختلفة للتربة. ناهيك عن حقيقة أن هناك حدّ للارتفاع الذي يمكن بلوغه. فالجبل يبلغ ذروته في نقطة ما.

اقرأ أيضا: كيف يؤثر التغير المناخي على دورة المياه الطبيعية؟

وكي لا ننسى، فإن مهمة نقل إنتاج البنّ إلى مناطق جديدة لا تتعلق بمعالجة مشاكل النبات فحسب. فالبشر هم من يزرعون تلك النباتات وسوف يضطرون إلى تغيير حياتهم بأكملها لزرع البنّ بشكل مختلف. وسيحتاج ملايين مزارعي البنّ العربي والقصبي حول العالم إلى الانتقال بأجسادهم والتكيّف مع بيئة الزراعة الجديدة. وهذه التضحية ليست صغيرة، كما أنها ليست مجانية.

تغيير طريقة زراعة البنّ تعتبر مكلفة

 سوف يتحمل المستثمرون بعض تكاليف تغيير بيئة زراعة البنّ. وسيتعين على الشركات أن تكتشف طرقاً لضبط الجانب الزراعي للأشياء. وربما إذا أصبح الناس أكثر ارتياحاً للهندسة الوراثية، فيمكننا محاولة إعداد نبات البنّ العربي بحيث تكون أكثر مقاومة للحرارة والجفاف، ولكن الرأي العام يمنع هذا الأسلوب في الوقت الحالي. وإلا سيتحمل المستهلكون تكاليف إنشاء مزارع جديدة وتجربة تقنيات زراعة مختلفة.

ما لم يكن لدينا بعض التدابير الاستباقية، فمن المحتمل أن يحدث لدينا نقص في القهوة. ويؤدي النقص إلى ارتفاع الأسعار. عندما كانت البرازيل تعاني من الجفاف في عام 2014، تضاعفت أسعار القهوة. فماذا سيحدث عندما تعاني كافة بلاد العالم من الجفاف؟

وهذا ما يحدث بالفعل في إثيوبيا. حيث جعلت مواسم الجفاف الأطول والأكثر حرارة من الصعب على المزارعين أن ينتجوا نفس حجم وكمية البنّ. ويعتبر نبات البنّ العربي حساساً جداً للتغيرات الصغيرة في البيئة، ولا يتكيّف بشكل جيد. وحتى نباتات القهوة البرية تعدّ في خطر. وتعتبر إثيوبيا هي مسقط رأس القهوة، ولا يزال لديها الكثير من الأصناف البرية التي يستخدمها المزارعون كمخزونات للبذور. وهي تمثّل في الأساس الاحتياطي لتزويد العالم بالقهوة، ولكنها معرّضة لخطر الزوال. ربما لن تلاحظ الزيادة الصغيرة في درجة الحرارة من سنة إلى أخرى، ولكنك ستلاحظ ذلك بالتأكيد عندما لا تستطيع تحمّل تكلفة القهوة وعندما يصبح طعمها سيئاً فجأة. لذلك في المرة القادمة عندما تتاح لك الفرصة لأن تحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة الخاصة بك، فلا تفعل ذلك ليرث أحفادك كوكباً لائقاً، بل قم بذلك من أجل قهوتك الصباحية.

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي