شهد عام 2021 عدداً كبيراً من الكوارث المناخية في جميع أنحاء العالم، فقد أدت أنماط الطقس المتغيرة إلى أحداث متطرفة كالأعاصير في شمال شرق الولايات المتحدة وغمرت الفيضانات المدن في جميع أنحاء أوروبا، الأمر الذي باغت العديد من السكان. وحدثت حرائق الغابات في العديد من الأماكن ونفثت كمياتٍ هائلة من الانبعاثات في الجو، كحرائق تركيا وسيبيريا وغرب الولايات المتحدة. في الواقع، لقد أدت كثافة هذه الأحداث في العام الماضي إلى تدمير الكثير من الممتلكات العامة والخاصة، وتشريد ملايين الأشخاص حول العالم.
الكوارث الناجمة عن التغير المناخي تؤدي إلى خسائر تقدر بالمليارات
أصدرت منظمة «كريستيان أيد» الخيرية، والتي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها وتركز على معالجة الفقر العالمي، تقريراً في نهاية ديسمبر/كانون الأول من عام 2021 يوجز بعض أسوأ كوارث عام 2021، والأضرار الفادحة التي خلفتها، والتي وصلت تكلفتها إلى مليارات الدولارات. من بين 15 كارثةً مرتبطةً بالمناخ تم توصيفها في الدراسة، خلفت عشرٌ منها خسائر بأكثر من مليار دولار. ستكون هذه هي السنة السادسة من بين السنوات العشر الأخيرة التي تسبب فيها الكوارث الطبيعية حول العالم خسائر فاقت المئة مليار دولار.
كان إعصار إيدا الذي ضرب ولايات مختلفة عبر الساحل الشرقي في الولايات المتحدة أواخر أغسطس/آب وأوائل سبتمبر/أيلول أكثر الكوارث المناخية تكلفة، حيث تسبب بأضرار قُدرت بنحو 65 مليار دولار. بعد عدة أشهر على ذلك، كان آلاف النازحين، بما في ذلك 14 ألف نازح من منطقة واحدة في لويزيانا، ما زالوا يبحثون عن مأوى مناسب. يعكس التقرير زيادة بنسبة 13% في الخسائر المرتبطة بالحوادث المناخية. ومع ذلك، تأتي هذه التقديرات من الخسائر المؤمن عليها فقط، ما يعني أن الأضرار الفعلية يمكن أن تكون أعلى بكثير.
قال محمد أدو، مدير مركز أبحاث «باور شيفت أفريكا» ومقره نيروبي، في بيان: «يعطي هذا التقرير لمحة عن الكارثة المناخية التي شملت مختلف أرجاء العالم عام 2021. إنه رسالةٌ قوية تذكرنا بأن المناخ لن ينتظرنا حتى ننتهي من التعامل مع جائحة كوفيد-19. يجب أن نتصرف بسرعة وعلى نطاقٍ واسع إذا أردنا درء هذه الأنواع من المخاطر المحتملة مستقبلاً».
وقد أشار الباحثون في منظمة كريستيان أيد إلى أن الملايين قد تشردوا لأن بعض الكوارث المناخية المتفرقة، والتي قُدرت خسائر كل منها بمليار دولار، أدت إلى تهجير عشرات آلاف الأشخاص في نفس الوقت، مثل الفيضانات في كولومبيا البريطانية في كندا، وفيضانات جنوب السودان التي استمرت لأسابيع وأدت إلى نزوح أكثر من 800 ألف شخص. وقد لقي أكثر من 1000 شخص حتفه في هذه العواصف المدمرة.
المجتمعات الفقيرة في مواجهة كوارث سببتها أفعال دول غنية
وقد أفادت كات كرامر، مديرة سياسة المناخ في منظمة كريستيان أيد والمؤلفة الرئيسية للدراسة، لدورية بوبيولار ساينس بأن زيادة الأحداث المناخية المكلفة تعني أن المجتمعات الفقيرة ستتأثر بشكل يفوق قدرتها على التعويض. لا يقتصر الأمر على تهجير السكان داخلياً فحسب، بل إن الأمر سيستغرق وقتاً أطول لتلك المجتمعات للتعافي والوصول إلى سكن آمن وضروريات أخرى مجدداً بعد وقوع الكارثة.
تقول كرامر موضحةً: «هناك الكثير من الأشخاص في البلدان النامية الذين ما زالوا يقيمون في المخيمات منذ ثلاث سنوات، يكافحون ويحاولون الحصول على المساعدة والاعتماد عليها... غير قادرين على إعادة بناء حياتهم والوصول إلى التعليم أو الحصول على الرعاية الصحية المناسبة. ربما كان بإمكانهم الوصول بشكل أفضل إلى «الموارد» لو لم تكن دولهم تخسر باستمرار نسبة كبيرة من ناتجها المحلي الإجمالي بسبب هذه الأنواع من التأثيرات المناخية».
في وقت سابق من عام 2021، في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي الذي أُقيم في غلاسغو باسكتلندا «COP 26»، شجبت البلدان منخفضة الدخل غياب مساءلة البلدان الغنية ذات الانبعاثات العالية. لقد تم إقرار الدعم المالي كنوع من التعويضات للبلدان الفقيرة المتضررة بشدة في اتفاقية باريس للمناخ، ومع ذلك، لم تفِ البلدان الأكثر ثراءً بتعهداتها لتمويل صمود البلدان الضعيفة.
كان لازاروس تشاكويرا، رئيس ملاوي، قد قال في مقابلة مع بي بي سي إفريقيا في الخريف الماضي عندما طالب الدول ذات الانبعاثات المرتفعة بدفع أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني: «عندما نطالبهم بالوفاء بتعهداتهم تجاه الدول الفقيرة، فنحن لا نطلب صدقة، إنها تكلفة أفعالهم».
وتتفق كرامر مع فكرة أن السياسات الأفضل على المستوى العالمي، جنباً إلى جنب مع التضامن والدعم المالي للمجتمعات الضعيفة، يمكن أن تخفف من تكلفة الكوارث في المستقبل.
تقول كرامر في هذا الصدد: «إذا كنا ننفق مليارات الدولارات للتخلص من آثار الكوارث المناخية، فلماذا لا ننفق تلك المليارات لمنع حدوثها في المقام الأول؟ علينا أن نحاول الحد منها، وذلك يتطلب إرادةً سياسية صادقة».