الاتحاد الأوروبي يتبنى خطة طموحة لخفض استخدام مبيدات الحشرات إلى النصف

3 دقائق
الاتحاد الأوروبي يتبنى خطة طموحة لخفض استخدام مبيدات الحشرات إلى النصف
يمكن أن تساعد تقنيات مثل زراعة المحاصيل بالتناوب ومكافحة الآفات المستهدفة على زيادة الغلة وحماية البيئة بشكلٍ كبير. ماركوس سبيسكي/أنسبلاش.

نُشرت مئات الأوراق العلمية حول مخاطر استخدام المبيدات. ومع ذلك، ما يزال الابتعاد عن استخدامها يمثل تحدياً. وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، تضاعف الاستخدام العالمي للمبيدات تقريباً بين عامي 1990 و2018 من 2.3 إلى 4.1 مليون طن.

ومع ذلك، هناك بعض الأمل في الاتحاد الأوروبي على الأقل. في هذا الأسبوع بالذات، اقترحت مجموعة دول الاتحاد الأوروبي أهدافاً ملزمة لتقليل المبيدات الخطرة بنسبة 50% بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، اقترحوا حظر استخدامها بشكلٍ كامل في مناطق مثل المنتزهات العامة والحدائق والملاعب والمسارات العامة والمناطق الحساسة بيئياً.

خفض استخدام المبيدات

تقول المفوضة الأوروبية للصحة وسلامة الغذاء، ستيلا كيرياكيدس، في بيان: «علينا الحد من استخدام المبيدات الكيماوية لحماية التربة والهواء والغذاء، وفي النهاية صحة مواطنينا. للمرة الأولى، سنحظر استخدام المبيدات في الحدائق العامة والملاعب، ما يضمن تقليل تعرضنا للمبيدات خلال حياتنا اليومية».

سيحصل المزارعون على تعويض مالي عن أي خسائر بموجب السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي (CAP) خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات. هذا مهم بشكل خاص لأن العديد من المزارع تم بناؤها اعتماداً على نظام زراعي كثيف المبيدات. على الرغم من أن الخطة ستوفر الدعم للمزارعين في نهاية المطاف، إلا أن أسعار الأسمدة الصناعية ارتفعت خلال العام الماضي، ما أثقل كاهل المزارعين الذين يعتمدون على الأسمدة الكيميائية لزيادة غلة المحاصيل بالمزيد من الأعباء المالية المباشرة.

تقول مديرة مركز أنظمة الأغذية والزراعة في كلية فيرمونت للحقوق، لوري بايرانيفاند: «منذ "الثورة الخضراء"، اعتمدت البلدان في جميع أنحاء العالم بشكل كبير على المبيدات الحشرية لزيادة الإنتاج الزراعي. يعتمد نظامنا الغذائي والطرق التي ننتج بها طعامنا في نواحٍ كثيرة على استخدام المبيدات، ما يعني أن المزارعين قد يحتاجون إلى التدريب والدعم لإدارة أنظمة مختلفة لمكافحة الآفات».

يُعد اقتراح هذا الأسبوع جزءاً من استراتيجية أكبر تُدعى "من المزرعة إلى الشوكة"، وهي إعادة تقييم لنظام الغذاء في الاتحاد الأوروبي بعد جائحة فيروس كورونا، وتركز على تغيير الإنتاج والمعالجة والتوزيع والاستهلاك وهدر الطعام بهدف الوصول إلى نظام مستدام وتخفيف آثار تغير المناخ. تعتبر مبادرة "من المزرعة إلى الشوكة" نفسها جزءاً من مبادرةٍ أكبر تُدعى "الاتفاقية الأوروبية الخضراء"، والتي تهدف إلى تحييد انبعاثات غازات الدفيئة وفصل الاقتصاد عن استخدام الموارد.

يمكن أن يصبح هذا الاقتراح التاريخي قانوناً في أقرب وقت ممكن اعتباراً من عام 2023، إلى جانب أول تشريعٍ للتنوع البيولوجي يتم تمريره في الاتحاد الأوروبي منذ عام 1992، عندما دخلت سياسة "توجيه الموائل" حيز التنفيذ، والتي تحمي النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى 200 نوعاً مختلفاً من الموائل البيئية الفريدة.

ومع ذلك، لا يتفق الجميع مع هذه الخطة. كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صريحاً بشكل خاص بشأن المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي، حيث أعطى الأولوية للحاجة إلى "الاستقلال الزراعي" على الاستدامة وسط أزمات الغذاء التي عصفت بالمنطقة إبان بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

ومع ذلك، فإن هذه المخاوف لا تستند بالضرورة إلى الواقع. تقول بايرانيفاند: «على الرغم من أن الكثيرين يفترضون أن النظام الغذائي سيتعرض لعواقب وخيمة إذا تم الحد من قدرة المزارعين على استخدام المبيدات الحشرية، لكن هذه الرواية خاطئة».

مكافحة الآفات بطرق أخرى

تقول المديرة التنفيذية لمركز "سويتي" (Swette) للأنظمة الغذائية المستدامة بجامعة ولاية أريزونا، كاثلين ميريجان، في هذا الصدد: «هناك طرقٌ للزراعة المستدامة والاستمرار في إطعام العالم». على سبيل المثال، تشمل الإدارة المتكاملة لمكافحة الآفات على مجموعة من التقنيات مثل تحديد العتبة الحدية التي تُعتبر عندها الآفة مؤثرة قبل اتخاذ أي خطوات للسيطرة عليها، بالإضافة إلى رصد وتحديد كائناتٍ معينة واتباع طرق الزراعة المتناوبة واختيار النباتات المقاومة للآفات. وتُعتبر المبيدات الكيميائية ذات الانتقائية العالية للأعشاب الضارة والآفات الملاذ الأخير قبل اللجوء إلى استخدام مواد أكثر خطورة.

وتضيف ميريجان أن طرقاً أخرى، مثل تمكين قيادة المرأة في الزراعة، يمكن أن تكون حلاً. لقد وجدت دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة عام 2011 أن الغلة يمكن أن تزيد بنسبة 20 إلى 30% إذا كانت المزارعات يتمتعن بفرص متساوية للوصول إلى الموارد. كما تعتبر معالجة هدر الطعام أمراً مهماً أيضاً، حيث يتم إهدار نحو ثلث الإمدادات الغذائية في العالم سنوياً.

وتضيف ميريجان: «ما أريد أن أقوله هو أن لدينا الآن ما يكفي من الغذاء لإطعام العالم، ومع ذلك، لدينا أكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع. لذلك عندما يقول الناس أنه لا يمكن تغيير الطريقة التي ننتج بها طعامنا لأننا لا نستطيع تحمل الجوع، نجد أنه لدينا أناس جوعى».

من المهم ملاحظة أن هذا الاقتراح لا يحظر استخدام مبيدات الآفات بشكلٍ كامل. وفقاً للرئيسة التنفيذية لشركة مراقبة الحشرات "فارم سينس"، ليزلي هيكل، لا تزال المبيدات أداة مهمة لمكافحة الآفات. من المحتمل أن يصبح استخدام المبيدات أكثر تعقيداً مع تغير الكوكب واستمرار التنوع البيولوجي والبيئة في التدهور. وتضيف هيكل إنه مع تركيز التكنولوجيا والاستراتيجيات على حماية البيئة والإمدادات الغذائية، يمكن للأنظمة الزراعية أن تكون أكثر استدامة.

وسيساعد استمرار التعليم العام والضغط على تحقيق هذه الأهداف. تقول هيكل إن الغضب العام الذي غذاه كتاب "الربيع الصامت" لريتشيل كارسون، والتسرب النفطي في كاليفورنيا وحريق نهر كوياهوغا، هو ما أدى إلى تأسيس وكالة حماية البيئة. نحن الآن في نقطة تحول مماثلة مع موقف المفوضية الأوروبية بشأن الحد من استخدام المبيدات.

المحتوى محمي