كيف تحدث الفيضانات المفاجئة وكيف يمكن درء مخاطرها؟

الشيء الذي يميز الفيضانات المفاجئة هو سرعة حدوثها. بحكم تعريفها، تبدأ المياه المتدفقة للفيضان المفاجئ بالتجمع في غضون 6 ساعات من بدء العواصف الشديدة، وغالباً في غضون 3 ساعات، وفي بعض الأحيان قد تتجمع المياه في غضون دقائق. تُحدث هذه الفيضانات المفاجئة دماراً كبيراً، وتعد من أكثر الظواهر الجوية فتكاً بالناس بعد موجات الحرارة في الولايات المتحدة.

تصدرت أخبار الفيضانات المفاجئة الأخبار مؤخراً بعد هطول أمطار قياسية في كنتاكي في أواخر يوليو/تموز مؤدية لمقتل 37 شخصاً هناك. وعلى الرغم من أن الأضرار كانت واسعة النطاق، لم يختلف الحال في الولايات الأخرى. لقد حدثت الفيضانات بشكل متكرر في جميع أنحاء الولايات المتحدة خلال الأشهر العديدة الماضية: في نهاية عام 2021، هطل 430 ملليمتراً من الأمطار على ولاية تينيسي في يوم واحد، وأدت الفيضانات التي تلتها إلى مقتل 22 شخصاً. وفي بداية صيف 2022، أدت الفيضانات المفاجئة إلى إغلاق متنزه يلوستون الوطني. وفي سانت لويس، قبل يومين من فيضانات كنتاكي، أدت الأمطار الهائلة إلى حدوث فيضان مفاجئ أودى بحياة شخصين.

إليك ما يجب معرفته عن كوارث الطقس الخطيرة هذه.

أين تحدث الفيضانات المفاجئة؟

تختلف الفيضانات المفاجئة عن الفيضانات النهرية أو الساحلية. تحدث فيضانات الأنهار عندما تتسبب مياه الجريان السطحي الشديدة والناجمة عن الأمطار أو ذوبان الجليد في ارتفاع منسوب مياه الأنهار وتسربها من ضفافها إلى السهول الفيضية المحيطة بها لمدة ساعات أو حتى أيام. بينما تحدث الفيضانات الساحلية عندما تدخل مياه البحر إلى اليابسة، عادةً أثناء العواصف أو عرام العواصف (زيادة مؤقتة في ارتفاع البحر في مكان معين جرّاء الأحوال الجوية المتطرفة). من ناحية أخرى، لا ترتبط الفيضانات المفاجئة بمكان وجود المياه بالفعل. فعلى الرغم من أن العواصف غالباً ما تسبق حدوث الفيضانات المفاجئة، لكن حدوث الفيضان المفاجئ ليس مرتبطاً دائماً بالضرورة بهطول الأمطار في نفس المكان؛ فقد تذوب الثلوج أو تهطل الأمطار على ارتفاعات عالية مؤدية لتشكل السيول التي تتدفق إلى أسفل المنحدرات حيث لا تمطر هناك. كما يمكن أن تنهار الحواجز المائية أو الجليدية أو تتصدع السدود، ما يسمح بتدفق كميات هائلة من الماء في فترة قصيرة إلى المناطق التي عادة ما تكون جافة.

وتعتبر التضاريس الجبلية شديدة الانحدار، والتي توجد في جميع أنحاء الولايات المتحدة، معرضة بشكل خاص للفيضانات المفاجئة. وتعد المناطق العمرانية معرضة للخطر بشكلٍ خاص أيضاً نظراً لأن الأسطح الخرسانية السميكة وغيرها من الأسطح غير النفوذة تمنع المياه من التسرب إلى باطن الأرض، لذلك يفوق مستوى جريان المياه السطحية في هذه المناطق مستواها في المناطق ذات التربة الماصة أو التضاريس الطبيعية الأخرى بضعفين إلى 6 أضعاف.

عندما تكون مياه الجريان السطحي شديدة الغزارة في المدن، وعند عدم القدرة على تصريفها، فإن تأثيرها سيكون أسوأ على المدن غير المهيأة للتعامل معها. في الواقع، يمكن أن تؤدي الأمطار القليلة إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية غير الملائمة أو المتدهورة أصلاً، خاصةً عندما تغمر كميات ضخمة من المياه أنظمة التصريف المحلية. وبالمثل، يمكن أن تتحول المناطق المنخفضة مثل الممرات السفلية وكراجات السيارات والأقبية إلى أماكن خطرة جداً على البشر.

تزداد خطورة هذا النوع من الفيضانات سريعة الانتقال بسرعة، خصوصاً إذا ما حدثت الفيضانات المفاجئة في الوقت الذي لا يكون الناس مستعدين لها أو كانوا عالقين في المنزل أو على الطريق في سياراتهم. في الحقيقة، لقد حدثت أكثر من نصف الوفيات عندما كان الناس محاصرين في سياراتهم. غالباً ما تتخذ الفيضانات المفاجئة شكل جدرانٍ من السيول الجارفة تأخذ أي شيء في طريقها وتحمل الحطام معها، حيث يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار أو أكثر، ويمكن أن تتسبب بحدوث انزلاقات طينية خطيرة بنفس القدر أيضاً. لكن ليس من الضروري أن تكون المياه بهذا الارتفاع الكبير كي تكون لها آثار مدمرة؛ إذ يكفي أن يكون ارتفاع السيول المتحركة 15 سنتيمتراً كي تحدث أضراراً فادحة. يمكن للسيول التي يبلغ ارتفاعها نحو نصف متر جرف السيارات بعيداً. لقد تسبب فيضانٌ كان يتحرك بسرعة 10 أمتار في الثانية في وادي تومبسون الكبير في كولورادو عام 1976 في نقل صخور تزن نحو 250 طناً من مكانها.

هل تزداد شدة الفيضانات المفاجئة؟

تزداد الكوارث الطبيعية سوءاً عموماً، وهذا ينطبق أيضاً على الفيضانات.

بينما يؤدي التغيّر المناخي لارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، تزداد حوادث هطول الأمطار الغزيرة جداً، والتي تؤدي بدورها إلى زيادة مخاطر الفيضانات المفاجئة. من المتوقع أن تزداد أحداث هطول الأمطار الغزيرة بمقدار ضعفين إلى 3 أضعاف عن المعدل الطبيعي، وستزيد الأعاصير وعرام العواصف أنواعاً أخرى من الفيضانات أيضاً. وتشير وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية في دراسة حديثة إلى أنها تتوقع توسع السهول الفيضية في البلاد بنسبة 45% بحلول نهاية القرن. وقد خلصت دراسة أجريت في أوائل عام 2021 إلى أن زيادة هطول الأمطار، الناتجة جزئياً عن التغيّر المناخي، تؤدي إلى فيضانات تتسبب بأضرار تكلف الولايات المتحدة 2.5 مليار دولار إضافية سنوياً. كما تُظهر بعض الدراسات أن تواتر الفيضانات قد ازداد في وادي نهر المسيسيبي وعبر الغرب الأوسط في القرن الماضي، وكذلك في الشمال الشرقي على مدار الخمسين عاماً الماضية.

ما هي أفضل طريقة للاستعداد للفيضانات المفاجئة؟

هناك العديد من التدابير التي يمكنك اتخاذها تحسباً للفيضانات المفاجئة وللحفاظ على سلامتك إذا حدثت في منطقتك. تعرّف في البداية إلى مستوى الخطورة من خلال الاطلاع على خرائط الفيضانات. قد تكون هناك قوانين فيدرالية تفرض عليك الحصول على تأمين ضد الفيضانات إذا كنت تعيش في منطقة عالية الخطورة.

قامت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بتجميع قائمة بموارد خرائط الفيضانات الإضافية أيضاً، وأنشأت مؤسسة "فيرست ستريت فاونديشن" (First Street Foundation) غير الربحية لتوفير طرق أخرى إضافية لتقييم المخاطر على ممتلكاتك من التهديدات البيئية.

راقب تحذيرات الفيضانات المفاجئة الصادرة عن خدمة الطقس الوطنية لمعرفة متى تكون الظروف مواتية لحدوثها. يجب على الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق أن يكونوا مستعدين للتصرف بسرعة، خصوصاً إذا أصدرت خدمة الطقس الوطنية تحذيراً من فيضان مفاجئ محتمل، حيث يتم إصدار مثل هذه التحذيرات عندما تكون الفيضانات وشيكة، ويجب على الناس في هذه المرحلة إخلاء المنطقة على الفور.

ولكن كن حذراً بشكل خاص عند السفر بالسيارة. لا تسلك الطرق التي تغمرها المياه، إذ تصعب معرفة عمق المياه، ويمكن أن تنهار الطرق المغمورة بها بسبب التعرية.

إذا أدت مياه الفيضانات إلى توقف سيارتك، فاتركها وابحث عن مكان مرتفع، إذ يمكن أن يؤدي ارتفاع منسوب المياه بسرعة إلى جرف سيارتك. تعرّف إلى محيطك واتجه إلى الأماكن المرتفعة، واستمع إلى تحديثات راديو الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي عند حدوث الفيضانات.

من المهم أيضاً وضع خطة استعداداً للطوارئ مع عائلتك أو مع من تعيش معهم لتأمين ما يكفي من الموارد لبضعة أيام. يمكنك الاطلاع على هذا الدليل المفيد لمعرفة بعض الأشياء المهمة التي يجب مراعاتها عند وضع خطة للطوارئ.