الأشجار المُعمرة هي أشجار يبلغ عمرها على الأقل 150 سنة، ومنها ما يعود إلى عدة قرون في الماضي وتساهم بشكل كبير في تكوين النظام البيئي على كوكب الأرض، فماذا تعرف عنها؟
أهمية الأشجار المُعمرة
تتميز الأشجار المُعمرة عن الأشجار الصغيرة باحتفاظها بكميات أكبر من الكربون، فلقد قدر العلماء أن 70% من الكربون التي تحتفظ به الأشجار يُخزن في النصف الثاني من عمرها. يعتقد العلماء أن السبب في هذا هو كون الأشجار المُعمرة أكثر طولاً فيمكنها الوصول بسهولة لضوء الشمس الضروري في عملية البناء الضوئي التي تحتاج إلى امتصاص ثاني اكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
بسبب قدرتها الهائلة لاحتفاظ بثاني اكسيد الكربون، ستساعد الأشجار المُعمرة في حماية الأرض ضد الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى أن الأشجار المُعمرة في الغابات الاستوائية تعتبر مصدر للتنوع البيئي فهي موطن للحيوانات مثل النمور والذئاب، وللطيور مثل النسور لبناء أعشاشها، وكذلك يعطي ظل الأشجار المُعمرة الفرصة للنباتات التي تحتاج إلى ظل أو ضوء أقل من أجل النمو.
تناقص مستمر
وبالرغم من أهمية الأشجار المُعمرة للبيئة، تؤدي بعض العوامل البيئة والبشرية خاصة إلى فقدان أعداد هائلة من الأشجار المُعمرة، فطبقاً لبعض الدراسات، وجد الباحثون أن العالم فقد أكثر من ثلث الأشجار المُعمرة في الفترة ما بين عام 1900 إلى عام 2015. وفي دراسة من جامعة ماريلاند الأميركية نُشرت في مطلع الشهر الجاري، فقدت المناطق الاستوائية 11.9 مليون هكتار من الغطاء الشجري في عام 2019، وحدث ما يقرب من ثلث هذه الخسارة، أي 3.8 مليون هكتار، داخل الغابات الاستوائية، ومناطق الغابات التي تضم الأشجار المعمرة، وتعتبر هذه الخسارة ثالث أكبر خسارة عالمية للأشجار المُعمرة منذ عام 2000.
أكد الفريق البحثي الذي أجرى الدراسة الأخيرة أن موت الأشجار المُعمرة لا يأتي نتيجة لهدم الغابات فحسب، ولكن هناك عوامل أخرى مثل زيادة انبعاث ثاني اكسيد الكربون الناتج عن استخدام الوقود الأحفوري وموجات الحر الشديدة التي تُضعف الأشجار وتؤدي إلى فقدان أوراقها. بالإضافة إلى اندلاع الحرائق في الغابات فلقد ازدادت معدلات فقدان الأشجار في أستراليا إلى ستة أضعاف بعد حرائق الغابات عام 2019. يمكن أن تشتعل الحرائق في الغابات نتيجة عوامل طبيعية مثل البرق أو مواسم الجفاف التي تستمر لفترات طويلة أو نتيجة التدخل البشري مثل قطع الأشجار أو الرعي.
هل نستطيع؟
رغم أن أعداد الأشجار المُعمرة في تناقص مستمر عالمياً؛ إلا أن بعض الدول سارعت بسن قوانين لحماية الأشجار، في كولومبيا على سبيل المثال، انخفضت معدلات فقدان الغابات بنسبة 35%، كما سجلت إندونيسيا معدلات منخفضة لموت الأشجار في عام 2019، وللسنة الثالثة على التوالي بسبب تنفيذ بعض القوانين التي تساعد على حماية الأشجار مثل منع الأفراد من قطع الأشجار وأخذ الاحتياطات ضد اندلاع الحرائق في الغابات.
هناك أيضاً بعض الإجراءات التي يمكن للأفراد اتخاذها للحفاظ على الأشجار المُعمرة، مثل الترويج لوسائل الزراعة المستدامة؛ كاستخدام الأسمدة العضوية، وتقليل استخدام المبيدات الحشرية، وهذا لأن وسائل الزراعة التقليدية تساهم بنسبة 80% في إزالة الأشجار عالمياً، بسبب اضطرار المزارعين لإزالة الأشجار المُعمرة بحثاً عن تربة جديدة خصبة وصالحة للزراعة بدلاً من التربة التي فقدت خصوبتها مع الوقت بسبب وسائل الزراعة التقليدية.
ويمكن أيضاً إعادة زراعة الأشجار على نطاق واسع في المراعي للتغلب على موت الأشجار المُعمرة بأعداد كبيرة، أو زرعها في حدائق المنازل للترويج إلى أهمية الأشجار والحفاظ عليها.