هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً
ارتفعت درجات الحرارة في القارة القطبية الجنوبية بشكلٍ غير مسبوق في فبراير/ شباط هذا العام، فقد سجلت قاعدة أبحاثٍ أرجنتينية تقع في أقصى الطرف الشمالي للقارة هذا الشهر رقماً قياسياً جديداً لدرجة حرارة بلغت 18.5 درجة مئوية لأول مرةٍ على الإطلاق. وقد كانت -في هذا السياق- أعلى من درجة الحرارة المسجلة في مدينة نيويورك بعشر درجات.
تجاوز هذا الرقم الجديد الرقم القياسي السابق البالغ 17.5 درجة مئوية والذي تم تسجيله في شهر مارس/ آذار عام 2015، ويأتي ذلك بعد أن اُعتبر شهر يناير/ كانون الثاني الماضي الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم حتى الآن، والذي ظهرت آثاره بشكلٍ واضح من خلال درجات الحرارة القياسية الجديدة المسجلة في شمال شرق أوروبا على وجه الخصوص.
يقول «جيمس رينويك»، عالم المناخ في جامعة فيكتوريا في ويلينجتون، لصحيفة الجارديان: «ذهل العلماء لمعرفة درجة الحرارة الجديدة لأنها كانت أعلى بدرجةٍ مئوية واحدة من الرقم القياسي السابق، والذي لم يمضي على تسجيله أكثر من 5 سنوات. يمثل ذلك في الواقع دليلاً على أن الاحترار هناك أصبح يتسارع أكثر من المتوسط العالمي».
في الواقع، تأثرت القارة القطبية الجنوبية بشدة من التغير المناخي. -التي كانت تُعتبر مناطق مستقرة في السابق- تشهد ذوبان الأنهار الجليدية، وجريان مياهها إلى المحيطات المجاورة. علينا ألّا ننسى أن القارة القطبية الجنوبية تحتوي على حوالي 90% من الجليد الموجود على الأرض، وهو ما يكفي لرفع مستوى سطح البحر بمقدار 60 متراً في حال ذوبانه.
قالت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، «كلير نوليس»، في بيان صادر عن الأمم المتحدة في هذا الصدد: «إنها من بين أسرع المناطق ارتفاعاً في درجة حرارة الكوكب. يدور الحديث كثيراً حول القطب الشمالي، ولكن هذا الجزء الخاص من شبه جزيرة أنتاركتيكا ترتفع حرارته بشكلٍ متسارع أكثر. لقد ارتفعت الحرارة هناك على مدى الخمسين عاماً الماضية بمقدار 3 درجاتٍ مئوية تقريباً».
لقد تسارع معدل ذوبان الجليد منذ أواخر السبعينيات حتى الآن بمقدار 6 أضعافٍ تقريباً، ويُعد ذوبان الجليد -تحديداً في هذه المنطقة الحرجة- مسؤولاً عن حوالي ربع مقدار ارتفاع مستوى سطح البحر على مستوى العالم. ولكن ليس الجليد فقط هو الذي يتغير في القارة القطبية الجنوبية، فقد أصبحت الرياح الإقليمية الدافئة أقوى وأكثر شيوعاً، مما يؤدي إلى تسرب المياه الدافئة تحت طبقات الجليد، لتؤدي بدورها لذوبان الأنهار الجليدية من الأسفل عند تلامسها معها.
ربما يكون للرياح دورٌ في درجة الحرارة القياسية المُسجلة في القطب الجنوبي في فبراير/ شباط الماضي. لذلك يتحقق خبراء الأرصاد الجوية في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية؛ من احتمال أن تكون درجة الحرارة القياسية المُسجلة مرتبطة بظاهرة رياح «فوهن»، وهي بالأصل ظاهرة جوية مميزة للمناطق الألبية بشكلٍ خاص، والأحزمة الجبلية الشاهقة في كثير من بلاد العالم بشكلٍ عام، وهي عبارة عن رياح جافة عاتية تسخن بسرعة عند هبوبها من قمم الجبال نحو الوديان والمنحدرات المجاورة لها بسبب اختلافات ضغط الهواء.
لكن لا يبدي الجميع اهتماماً بفكرة أن درجة الحرارة القياسية هذه هي دليل على التغير المناخي. فقد أخبر «ديفيد برومويتش» -باحث المناخ في جامعة ولاية أوهايو- صحيفة واشنطن بوست بأن هذه الرقم القياسي المتطرف لدرجة الحرارة يبدو وكأنه حدث لمرة واحدة، ولا يخبرنا بأي شيء.
وسواء بسبب درجات الحرارة الأكثر دفئاً أو الرياح المتغيرة، فلا أحد ينكر أن ذوبان الجليد الضخم الذي يجتاح القطب الجنوبي مرتبط باعتماد البشرية على الوقود الأحفوري، وتسببها.