دليل علمي بالصور لتصنيف أشكال الغيوم وفهمها

دليل علمي مفصل لتصنيف أشكال الغيوم وفهمها
سحب ماماتوس فوق منارة سانت ماري في إنجلترا. أوين هامفريز/ بي أيه إميدجيز عن طريق غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ماذا ترى عندما تنظر إلى السحب؟ يمكن أن تتخذ السحب أشكالاً مختلفة، فقد ترى كتلة كبيرة وغامضة أو خيوطاً رقيقةً تتطاير في السماء، وقد تكون هذه الكتل السحابية على شكل فيل. يمكن أن يكون الإبداع في ابتكار أوصاف للسحب أمراً ممتعاً، لكن العلماء يستخدمون نظام تصنيف رسمياً لهذه السحب، إذ يمكن أن يكون هذا النظام مفيداً لمراقبي السحب العاديين. لذلك، أعددنا دليلاً ميدانياً لأنواع السحب، ويمكنك الاستفادة من هذه المعلومات الجديدة للاستمتاع بمشاهدة السماء وتحديد أنواع السحب المختلفة التي تراها عندما تقضي وقتاً ممتعاً في الهواء الطلق.

ما المواد التي تتكون منها السحب وما الأسماء المستخدمة لوصف هذه السحب؟

تتكون السحب من قطرات من الماء أو بلورات جليدية صغيرة تطفو في الغلاف الجوي للكوكب. وتحمل هذه السحب مؤشرات مهمة عن حالة الطقس، مثل فرص هطول الأمطار أو الثلوج أو الظواهر الجوية الأخرى، بالإضافة إلى إمكانية التعرف إلى العمليات الفيزيائية والكيميائية المثيرة التي تحدث في الجو.

تقول عالمة الغلاف الجوي في جامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس فانيسا ماسييل (Vanessa Maciel): “تُعد السحب ميزة رائعة للأرض، لذلك، فهي تستحق الدراسة والاستكشاف”. تتشكل السحب من خلال العديد من الخصائص المتغيرة للغلاف الجوي، مثل درجة الحرارة والرطوبة والرياح وغيرها.

يستخدم علماء المناخ نظاماً خاصاً لتسمية السحب على أساس الأجناس والتصنيفات الفرعية الأصغر لأنواعها، على غرار تصنيف أنواع الحيوانات. وتعتمد هذه التصنيفات على شكل السحب ومظهرها ومدى ارتفاعها في الغلاف الجوي. يمكن وصف كل نوع من السحب وفقاً لـ 4 أشكال رئيسية صُنفت لأول مرة في عام 1803، وهي: السحب السمحاقية (Cirro-form)، والسحب الركامية (Cumulo-form)، والسحب الطبقية (Strato-form)، وسحب المُزن الداكنة (Nimbo-form). تتميز السحب السمحاقية بأنها عبارة عن خصلات رفيعة، وتتصف السحب الركامية بأنها ضخمة ومنتفخة، أما السحب الطبقية فهي عريضة ومسطحة، بينما تكون سحب المُزن الداكنة رمادية وتسبب الهطولات المطرية.

اقرأ أيضاً: 8 تشكيلات فريدة ومميزة للغيوم

يمكن أن يبدو هذا التنوع المدهش للسحب أمراً مربكاً للمبتدئين الذين يحبون مشاهدة السحب، لكن تمكن الاستفادة من نصائح ماسييل حول طريقة تحديد أنواع السحب؛ إذ تقول: “إذا أردت أن تعرف نوع سحابة ما، حاول أن تعرف أولاً موقعها، سواء في الطبقة السفلية أو الوسطى أو العلوية من الغلاف الجوي”.

مشهد يرصد من الفضاء السحب الركامية في سماء ولاية فلوريدا
في 25 يناير/ كانون الثاني عام 2023، التقطت الأقمار الصناعية التابعة للإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي صوراً لسحابة خيطية استثنائية من حيث طولها وعمرها الافتراضي، إذ تشكلت هذه السحابة نتيجة لجبهة هوائية باردة تحركت فوق خليج المكسيك. تعرّف السحابة الخيطية بأنها شريط طويل وضيق جداً من تشكيلات السحب الركامية. الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي

السحب العالية الارتفاع

تتميز السحب التي تتشكل على ارتفاعات عالية بأنها رفيعة، وتشمل السحب السمحاقية (cirrus) والسحب السمحاقية الركامية (cirrocumulus) والسحب السمحاقية الطبقية (cirrostratus). تتشكل هذه السحب عادةً على ارتفاع أكثر من 6,000 متر تقريباً، وتشير إلى التغيرات الجوية المتوقعة، مثل تغيرات الرياح أو الطقس. وفي بعض المناطق الاستوائية، يمكن أن تشير السحب العالية إلى إمكانية حدوث الأعاصير أو العواصف المدارية. عموماً، تنخفض درجة الحرارة كلما ارتفعنا في الغلاف الجوي للأرض، ولذلك، تتكون هذه السحب العالية من بلورات الجليد، التي تتمدد وتنتشر بفعل الرياح، ما يمنحها مظهراً رقيقاً أشبه بخصلات الشعر.

تُعد السحب السمحاقية أقل السحب سمكاً، بينما تبدو السحب السمحاقية الركامية كطبقة بيضاء رقيقة ومتموجة. أما السحب السمحاقية الطبقية فتبدو كغطاء كبير ومتجانس. إذا رأيت طوقاً ساطعاً يتشكل حول الشمس، فقد يكون علامة على وجود السحب السمحاقية الطبقية. عندما تتراكم السحب السمحاقية معاً على شكل تكدسات تشبه الأضلاع، يُطلق عليها اسم السحب الفقارية أو فيرتيبريتوس (vertebratus).

السحب الصدفية
تُعد السحب الصدفية من الأنواع القليلة للسحب اللامعة القزحية. الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي

على الرغم من أن هذه السحابة التي تفضّلها ماسييل تشبه السحابة السمحاقية، لكنها في الواقع مختلفة تماماً. تتكون السحب الصدفية، التي تسمى أيضاً غيوم أم اللؤلؤ أو السحب الستراتوسفيرية القطبية الجليدية، من بلورات جليدية شديدة البرودة. عندما تغرب الشمس، تلتقط هذه السحب الضوء وتعكس ألواناً رائعة ومشرقة.

اقرأ أيضاً: أكسب قوتي من صناعة الغيوم!

تقول ماسييل: “تحدث هذه الألوان فقط في أثناء شروق الشمس وغروبها، وتتشكل نتيجة التفاعل بين ضوء الشمس وبلورات الجليد الموجودة في السحابة، وتكون هذه البلورات أصغر من تلك الموجودة في السحب الجليدية الأخرى، كما إن هذه السحب نادرة جداً؛ لأنها تحدث فقط في الطبقات الجوية العليا وعند خطوط العرض المرتفعة”. بإمكانك رؤية هذه السحب بصورة مثالية بالقرب من القطبين الشمالي والجنوبي.

السحب الطبقية المتوسطة والسحب السمحاقية الركامية
صورة لسحب طبقية متوسطة الارتفاع وسحب سمحاقية ركامية عند غروب الشمس بالقرب من حديقة ناتشورال بريدج ستيت بارك (Natural Bridge State Park) في ولاية كنتاكي، وايد هورايزنز/ يونيفيرسال إميدجيز غروب/ غيتي إميدجيز

السحب المتوسطة الارتفاع

في منتصف الغلاف الجوي، تظهر مجموعة من السحب بصورة أوضح، مثل السحب الركامية المتوسطة (altocumulus) والسحب الطبقية المتوسطة (altostratus). يمكن العثور على هذه السحب على ارتفاعات تتراوح بين 1,900 إلى 6,000 مترٍ، ويمكن أن تعطينا إشارات متباينة عن حالة الطقس الحالية والمتوقعة، فعلى سبيل المثال، تشير السحب الركامية المتوسطة إلى يوم لطيف ومشمس، بينما قد تنبئ السحب الطبقية المتوسطة بحدوث هطولات مطرية وثلجية تدوم لفترات طويلة.

تظهر السحب الطبقية المتوسطة على شكل صفائح كبيرة ومسطحة، وليست سميكة بما يكفي لحجب أشعة الشمس بالكامل. من ناحية أخرى، تبدو السحب الركامية المتوسطة على شكل كرات قطنية صغيرة متناثرة في السماء. ربما تكون قد شاهدت بعض الأنواع والأصناف المختلفة من السحب الطبقية المتوسطة والسحب الركامية المتوسطة من قبل، لا سيّما غيوم الثقب أو السحب المجوفة (cavum).

اقرأ أيضاً: نوع جديد غير مكتشف من الغيوم، ويمكنك أن تجده بنفسك

يتميز هذا النوع بوجود طبقة سحابية داخلها فجوة دائرية أو بيضاوية كبيرة. كما يظهر نوع آخر من السحب الركامية المتوسطة، وهو سحب طبقية الشكل (Stratiformis)، إذ تبدو السحب العالية على شكل طبقة متقطعة تظهر على سطحها الأخاديد والتجاعيد. كما يوجد نوع من السحب التي تغطي الشمس بالكامل، وتسمى السحب المعتمة أو سحب أوباكوس (opacus).

سحب المُزن الطبقية
تنبئ هذه السحب بظروف جوية عاصفة وماطرة. مجموعة خدمات الطقس الوطنية التابعة للإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي

السحب المنخفضة الارتفاع

يتشكل العديد من أنواع السحب على ارتفاعات منخفضة بالقرب من سطح الأرض، إذ يبلغ ارتفاعها عادةً 1,900 متر أو أقل، وتمتد عالياً في الغلاف الجوي. ومنها: سحب المُزن الطبقية (nimbostratus) و السحب الطبقية (stratus) والسحب الركامية الطبقية (stratocumulus) والسحب الركامية (cumulus) وسحب المُزن الركامية (cumulonimbus). تتكون هذه السحب من قطرات الماء الموجودة في الهواء الدافئ المحيط، ما يفسر مظهرها المنتفخ.

سحب المُزن الطبقية هي السحب الرمادية الداكنة التي تشير إلى هطول الأمطار. تسبب السحب الطبقية جواً حزيناً وكئيباً لأنها تغطي السماء بطبقة منخفضة من اللون الأبيض الباهت. تشبه السحب الركامية الطبقية إلى حد ما السحب الركامية المتوسطة، لكنها ذات ظل داكن وتبدو أقل إشراقاً مقارنةً بالسحب الأخرى التي توجد على ارتفاعات أعلى.

تُعد السحب الركامية وسحب المُزن الركامية أضخم السحب في هذه المجموعة. كما تتميز السحب الركامية بأنها سحب كبيرة بيضاء تصل إلى ارتفاعات عالية في السماء، وتشبه كرات القطن. من ناحية أخرى، تُعد سحب المُزن الركامية مخيفة بعض الشيء؛ إذ تتميز بقمة عالية ومسطحة ويترافق ظهورها بحدوث عواصف مطرية.

تتميز السحب المنخفضة بالعديد من الأصناف والخصائص الغريبة والمثيرة للاهتمام، مثل ظهور الدوامات التي تتشكل من هذه السحب، وتسمى هذه الظاهرة “البوق” أو “توبا” (tuba). كما يمكن أن تظهر مجموعة من الأمواج المتلاطمة، التي تسمى “فلوكتوس” (Fluctus)، لفترة قصيرة على الأقل. على الرغم من أن شكل الفلوكتوس يبدو حقيقياً إلى حد كبير، لكنه في الواقع نتيجة طبيعية لظواهر فيزيائية تتعلق بحركات السوائل. يمكن أن تظهر السحب الطبقية الركامية أيضاً بمظهر يشبه أثداء البقرة؛ إذ تنمو نتوءات صغيرة أسفل هذه السحب بصورة تشبه الضروع، وتسمى هذه الظاهرة “الثدي” (mamma). كما يمكن أن تظهر سحابة إضافية على شكل قبعة على قمة إحدى هذه التشكيلات الضخمة من الغيوم، وتسمى “القلنسوة” (pileus).

سحابة القلنسوة
يشير تشكّل هذه السحابة النادرة فوق السحابة الركامية إلى أن السحابة السفلى تتوسع صعوداً وربما تتطور إلى عاصفة. جياتشي صن/ وكالة ناسا

ما السحب التي يمكنك البحث عنها الآن؟

هذا الصيف، يمكنك أن تتوقع ظهور كل السحب المترافقة مع الأجواء الجميلة المعتدلة، بالإضافة إلى بعض السحب الأكثر غرابة، والتي تظهر مع العواصف الصيفية مثل سحابة القلنسوة. تقول ماسييل: ” تكون السماء صافية في فصل الصيف، على عكس الأجواء الغائمة التي تسود في فصل الشتاء، لكن لأن الصيف يتميز بالكثير من الحمل الحراري بسبب درجة حرارة السطح الدافئة، تمكنك رؤية السحب الركامية، وهي السحب الشهيرة بطابعها المنتفخ ولونها الأبيض الناصع”.

اقرأ أيضاً: ما دور اليود في تشكّل السحب وما تأثيره على طبقة الأوزون؟

تتصف السحب بالتعقيد والتنوع؛ فهي لا تتغير مع تغير الفصول فحسب، وإنما أيضاً مع تغير المناخ ومع ارتفاع درجة حرارة الأرض. تقول ماسييل: “على الرغم من انتشار السحب في كل مكان، لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي لا نعرفها حتى الآن حول هذه الظواهر”. في الوقت الحالي، حاولْ أن ترصد أكبر عدد ممكن من السحب الموجودة في محيطك، وتمتَّع بالمناظر الجميلة التي يوفرها الغلاف الجوي الرائع لكوكبنا.