رياح مدمرة: أبرز ما تود معرفته عن الأعاصير

حين تبلغ سرعة دوران الرياح 62.7 كم/ ساعة فهي عواصف مدارية، لكن عندما تصل سرعة الدوران 119 كم/ الساعة فهي أعاصير.

لم تتوقف السينما الأميركية عن صناعة الأفلام التي تدور أحداثها حول الأعاصير المدمرة، ربما كان أقدمها فيلم «الإعصار» إنتاج عام 1937، وأحدثها وبالتأكيد ليس آخرها، فيلم «الزحف» إنتاج هذا العام 2019، مروراً بعشرات الأفلام التي قُدمت على مر سنوات عن الأعاصير والعواصف المدارية، البعض منها مبني على قصص واقعية. إن كنت شاهدت يوماً واحداً منها، أو كنت متابعاً جيداً للأخبار وتابعت تطورات إعصار «دوريان» الذي ضرب جزر الباهاما،فلدينا إجابات لكل ما تود أن تعرفه عن الأعاصير.

أين تحدث الأعاصير؟

تعد الأعاصير ظاهرة مدارية تماماً، وتحدث في منطقتين مختلفتين، الأولى بين خطي عرض 4 درجات و22 درجة جنوباً، والثانية بين خطي العرض 4 درجات و35 درجة شمالاً، بينما تختفي تماماً في المنطقة الاستوائية بين 4 درجات جنوباً و 4 درجات شمالاً، إلا أن أكثر من ثلثي الأعاصير المدارية المسجلة رُصدت في النصف الشمالي للكرة الأرضية، فشهدت منطقة شمال المحيط الهادئ وحدها أكثر من ثلث هذه الأعاصير مجتمعة، في حين أن جنوب شرق المحيط الهادئ وجنوب المحيط الأطلسي كانت آمنةً إلى حدٍ كبير من هذه الأعاصير.

متى تحدث الأعاصير؟

يتوقف موعد الإعصار على المنطقة التي يحدث فيها، ففي النصف الشمالي للكرة الأرضية تحدث معظم الأعاصير المدارية بين شهري مايو ونوفمبر، أي فصل الصيف الشمالي، وتبلغ ذروتها في شهري أغسطس وسبتمبر. أما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية فتحدث أغلب الأعاصير بين شهري ديسمبر وأبريل، أي أشهر الصيف الجنوبي، وتبلغ ذروتها في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/شباط.

كم يبلغ عمر الإعصار؟

تتراوح مدة الإعصار من عدة ساعات إلى أسبوعين، أما متوسط المدة فهي 6 أيام.

كيف يتكون الإعصار؟

يعتمد الإعصار على الهواء الدافئ والرطب كوقودٍ له كي يتشكل وينمو، ويتحرك، لذا تتشكل الأعاصير في مياه المحيطات الدافئة قرب خط الاستواء، التي تتسبب في تسخين الهواء الرطب الملامس لسطحها. فبالإضافة لعوامل تتعلق بالغلاف الجوي المداري، حتى يتكون الإعصار يجب أن تزيد حرارة المياه السطحية  للمحيط – من السطح وحتى عمق 60 متر- عن 26 درجة مئوية.

يتسبب سطح المياه الساخن في تسخين الهواء الرطب الملامس لسطحها، ليرتفع مسبباً منطقة من الضغط المنخفض تحته، فيندفع الهواء من المناطق المحيطة ذات الضغط المرتفع إلى منطقة الضغط المنخفض، وكذلك يصبح الهواء الجديد رطباً ودافئاً، فيرتفع بدوره أيضاً.

وبينما تندفع دوامات الهواء من المناطق المحيطة لتأخذ مكانه، يرتفع الهواء الرطب الدافئ إلى الأعلى ليبرد مشكلاًسحباً كثيفة، وبينما تبدأ العواصف بالدوران أسرع فأسرع، ينخفض ضغط الهواء في المركز دافعاً الهواء ذي الضغط الأعلى إلى الانسياب بداخله، ليتشكل فراغ في مركز الدوران يطلق عليه اسم «عين الإعصار».

في أي اتجاه تدور الأعاصير؟

تدور الأعاصير التي تتشكل شمال خط الاستواء عكس اتجاه عقارب الساعة، بينما تدور العواصف جنوبه مع اتجاه عقارب الساعة، ويرجع هذا الاختلاف إلى دوران الأرض حول محورها.

ما هي فئات الأعاصير؟

تحمل الأعاصير رياحاً تصل سرعتها إلى 114 كم/ الساعة في معظم الحالات، وتنقسم الأعاصير وفقاً لمقياس سيفر-سيمبثون للأعاصير تبعاً لسرعة الرياح بها إلى 5 فئات كالآتي:

ما مدى قوة الأعاصير؟

خلال إعصار واحد فقط، يمكن للرياح أن تنتج حوالي نصف كمية الطاقة التي تولدها الطاقة الكهربائية في العالم بأسره.

كيف ينتهي الإعصار؟

تضعف الأعاصير عادةً عندما تصطدم بالأرض،  إذ تتبدد طاقة الإعصار عن طريق الاحتكاك السطحي، وانقطاع  الطاقة المستمدة من مياه المحيط الدافئة، وبالتالي تَضعف سرعة الرياح، أو قد تنخفض تيارات الرطوبة التي تغذي الإعصار حين تحركه فوق مياه باردة نسبيا في المحيط، وبالتالي تضعف قوة الإعصار. كذلك يمكن للإعصار استعادة قوته مجدداً عندما يمر فوق مياه دافئة، كما حدث في إعصار كاترينا، وهو إعصار كارثي مر عبر خليج المكسيك عام 2005.

ماذا يمكننا أن نفعل حيال الأعاصير؟

لم يتمكن العلماء حتى الآن من إيجاد حلٍ يمكنه إيقاف الأعاصير، وأقصى ما نتمكن فعله هو رصده من ارتفاع يقدر بأكثر من 35 ألف كم فوق سطح الأرض، من خلال الأقمار الصناعية التي صنعتها ناسا، وتديرها الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي. يساعد ذلك خبراء الأرصاد الجوية في التنبؤ بمكان وزمان وقوع الإعصار القادم، واتخاذ الإجراءات اللازمة مثل إجلاء المواطنين من المناطق المتوقع أن يضربها الإعصار، وإغلاق الموانئ والمطارات للحد من الخسائر البشرية والمادية قدر الإمكان.

يدور الإعصار، دورانه يخيفنا، يذكرنا بأن قدراتنا ما زالت محدودة، وأن أمامنا الكثير من التطوير والبحث كي نجد حلولاً تحمينا من ظواهر طبيعية لا نستطيع حتى اليوم أن نفعل حيالها شيئاً ولا نملك صلاحية إيقافها أو السيطرة عليها، وأن علينا أن نتمسك بالعلم جيداً كي لا نكون في مهب الريح.