صدوع جليدية عملاقة تعيق إجراء البحوث للشتاء الثاني على التوالي

3 دقائق
موقع محطة البحث هالي 6 والموقع السابق لمحطة البحث هالي 5، والتي تظهرفي هذه الصورة المأخوذة بالأقمار الصناعية، وتبين موقع اثنين من الصدوع التي تشكل خطراً لا يسمح للعلماء في محطة هالي 6 بالبقاء هذا الشتاء، وهذه هي السنة الثانية التى تغلق فيها المحطة خلال فصل الشتاء.

عندما تكون المباني التي تعيش فيها، مع أنظمة الحفاظ على الحياة، ووسائل الراحة، وسبل العيش الأساسية، كلها قائمة على قطعة متحركة من الجليد، فسوف تتمنى لو أن هذا الجليد صلباً، وإلا سيكون من الأفضل أن تخرج من هذا المكان بأسرع ما يمكن.

لهذا السبب قررت منظمة المسح البريطاني للقطب الجنوبي إغلاق قاعدة هالي 6 خلال الشتاء المقبل في القارة القطبية الجنوبية. وهذه هي السنة الثانية على التوالي التى تتخذ فيها المنظمة قراراً بوقف عملياتها خلال شهور الشتاء، وذلك بسبب وجود صدعين كبيرين فى موقع محطة البحوث عند الجرف الجليدي برنت.

تقول جين فرانسيس، مديرة المسح البريطاني للقطب الجنوبي في تصريح لها: "ما نشهده هو قوة الطبيعة وعدم إمكانية التنبؤ بها. إن سلامة موظفينا هي أولويتنا في هذه الظروف. سوف تستمر البحوث الصيفية في القطب الجنوبي كما هو مخطط لها، ونحن واثقون من قدرتنا على تنفيذ رفع سريع لموظفينا في حال حدوث كسر للجرف الجليدي. ومع ذلك، ولأن الوصول إلى المحطة عن طريق السفن أو الطائرات أمر صعب للغاية خلال أشهر الشتاء حيث الظلام التام على مدار 24 ساعة، ودرجات الحرارة شديدة الانخفاض، والبحر المتجمد، فسوف نأخذ مرة أخرى الاحتياطات بإغلاق المحطة قبل بدء فصل الشتاء في القطب الجنوبي لعام 2018 (مارس - نوفمبر).

وقد حدث كل من الشقين سبب المشكلة بشكل طبيعي، وظل أحدهما ساكناً منذ 35 عاماً، لكنه بدأ يتحرك ويتسع نحو محطة البحوث في عام 2012، ثم ظهر الآخر في أكتوبر من عام 2016، حتى أصبحت المحطة في وضع خطر.

في يناير 2017، قررت محطة هالي أن تغلق في شهر مارس  خلال موسم شتاء 2017، وقد تم اتخاذ نفس القرار للعام المقبل أيضاً. ومن المقرر إعادة فتح المحطة في نوفمبر 2017 لموسم العمل الصيفي، ولكنها ستغلق مرة أخرى في مارس 2018. والشتاء في القارة القطبية الجنوبية محفوف بالمخاطر، حيث يغلق موسم الشتاء بعض المخارج القليلة، ويمكن أن تجعل الأحداث غير المتوقعة مثل انقطاع التيار الكهربائي الوضع الخطير أكثر سوءاً.

وبدلاً من إضاعة الوقت الثمين للبحوث هذا العام، فإن الباحثين يخططون لتركيب أجهزة لجمع البيانات أثناء غيابهم عن المحطة. وقد جمع العلماء في محطة هالي بيانات عن الطقس والشمس والغلاف الجوي تتعلق بالجرف الجليدي منذ عام 1956. وأخذ هذا الموقع معظم شهرته لكونه الموقع الذي تمت مراقبة ثقب الوزون منه لأول مرة عام 1985. والآن، سيعتمد الباحثون على أجهزة آلية لجمع تلك المعلومات على مدى عدة أشهر، ولكنهم لن يكونوا قادرين على العودة وإنجاز المسائل التي تحدث خلال الشتاء المظلم.

وقد صرح ديفيد فوجان، المدير العلمي لمنظمة المسح البريطاني للقطب الجنوبي لهيئة الإذاعة البريطانية أن نظام الطاقة كان نموذجاً أولياً. يقول فوجان: "سيكون تحدياً كبيراً لهذا النظام أن يستمر في العمل عند درجة حرارة -50 مئوية، مع عدم وجود أي شخص يقوم بكسر الجليد حوله أو إبعاد الثلج عنه. لكن إذا عمل واستمرت الأجهزة الموصولة به في العمل، فسوف نجمع الكثير من البيانات التي كان من الممكن أن نخسرها، بما في ذلك قياسات الأوزون".

لكن لن تستطيع أي آلة تكرار أحد الجوانب غير العادية من البحوث في القطب الجنوبي، وهي الملاحظات البشرية. فخلال فصل الشتاء، تمكث المحطة هالي 6 في الظلام الدامس لعدة أشهر، تاركة فريقاً صغيراً من العلماء في مكان مغلق لفترات طويلة من الزمن. إنّ تعلّم كيفية تصرف البشر في مثل هذا الوضع هو أمر مهم لمنظمات مثل وكالة الفضاء الأوروبية، التي تشترك مع منظمة المسح البريطاني للقطب الجنوبي للوصول إلى فهم المزيد عن العزلة الممتدة، والتي تشكل معلومات لا تقدر بثمن عند التحضير لإرسال رواد الفضاء في البعثات الطويلة في الفضاء الخارجي.

وسيتم إرسال 14 شخصاً الذين كان يفترض أن يقضوا وقتاً في محطة هالي في شتاء 2018 إلى مبان أخرى أكثر صلابة في القارة القطبية الجنوبية، أو ستتم إعادتهم إلى منازلهم، وهذه ليست المرة الأولى التي تعبث فيها الطبيعة بخطط محطة هالي.

ترتكز المحطة الحالية هالي 6 على زلاجات هايدروليكية، لترتفع فوق الجليد على قواعد تشبه قواعد المباني المعروفة، بحيث تسمح للثلج المتحرك بالمرور تحت المبنى، وهو ما يسمح بالحركة الدورية للهروب من الجليد بسرعة غير كبيرة لا تزيد عن 3.2 كيلومتر في الساعة، بحيث يمكن جر المختبرات وغرف السكن ووحدات الترفيه إلى موقع جديد أكثر أمناً.

وقد تم تدمير أو التخلي عن ست عمليات إعادة سابقة لمحطة هالي عندما غطاها الثلج بوزنه الثقيل، أو حركها الجليد ببطء باتجاه البحر. وقد شوهدت بقايا محطة هالي 3 أخيراً مغلفة بجبل جليدي، أما محطة هالي 5 فقد تم تدميرها عام 2013 مع وصول محطة هالي 6 الأكثر حركية عن طريق الإنترنت.

وتم تصميم محطة هالي الأخيرة لتكون أكثر تحملاً من سابقاتها، ولكن وبحسب ما اكتشفه مالكوها، فإن القارة القطبية الجنوبية بطقسها القاسي ومعالمها المتحولة تجبرك على الارتجال، ولحسن الحظ فإن تركيب أحد المباني على زلاجات هو أكثر شكل مناسب لهذه الظروف.

المحتوى محمي