يبدو أن طبقة الأوزون في طريقها للتعافي أخيراً بعد ثلاثة عقود من الجهود التي بذلتها مختلف البلدان على مستوى العالم للتخلص من المواد الكيميائية الضارة بطبقة الأوزون.
وفقاً لتقرير فريق التقييم العلمي لعام 2022 المدعوم من الأمم المتحدة لبروتوكول مونتريال للمواد المستنفدة للأوزون، والذي يُنشر كل 4 سنوات، تم التخلص التدريجي من 99% من المواد المحظورة المستنفدة للأوزون بنجاح، بما في ذلك مركبات الكلوروفلوروكربونات.
اقرأ أيضاً: انقراض جماعي وتلف في طبقة الأوزون: أهم نتائج التغيّر المناخي في عصور ما قبل التاريخ
تاريخ ثقب الأوزون
إذا ظلت السياسات الحالية قائمة، فمن المتوقع أن تستعيد طبقة الأوزون عافيتها إلى قيم عام 1980 (قبل ظهور ثقب الأوزون) بحلول عام 2066 تقريباً فوق المنطقة القطبية الجنوبية، وبحلول عام 2045 فوق المنطقة القطبية الشمالية، وبحلول عام 2040 لبقية العالم. في الواقع، لقد استمر توسع ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي حتى عام 2000، وكانت الاختلافات في حجمه، خاصة بين عامي 2019 و2021، مدفوعة إلى حد كبير بالظروف المناخية، لكن الثقب كان يتقلص ببطء على مدى العقدين الماضيين عموماً.
كان العلماء قد اكتشفوا ثقب الأوزون عام 1985، وبعد ذلك بعامين، وقّعت 46 دولة على "بروتوكول مونتريال" الذي نص على التخلص التدريجي من استخدام أكثر من 100 مادة كيميائية اصطناعية تستنفد طبقة الأوزون، وأصبح الاتفاق فيما بعد أول معاهدة للأمم المتحدة تنال تصديقاً عالمياً.
تعافي طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال
تقول السكرتيرة التنفيذية لأمانة الأوزون في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ميغ سيكي، في بيان: «إنه لأمر رائع أن تعافي طبقة الأوزون يسير على الطريق الصحيح وفقاً لما أفاد به أحدث تقرير لفريق التقييم العلمي الذي يصدر كل 4 سنوات. دون مبالغة، لقد كان تأثير بروتوكول مونتريال كبيراً في التخفيف من آثار التغيّر المناخي، وأصبح نصيراً حقيقياً للبيئة على مدى العقود الثلاثة الماضية. لا تزال التقييمات والمراجعات التي يجريها فريق التقييم العلمي عنصراً حيوياً في تتبع آلية عمل البروتوكول الذي يساعد صانعي السياسات والقرارات على اتخاذ الإجراءات المناسبة باستمرار».
تقع طبقة الأوزون في الستراتوسفير، وتحمي جميع الكائنات الحية على الأرض من التعرض لمستويات خطرة من الأشعة فوق البنفسجية للشمس. وتؤثر المواد الكيميائية الاصطناعية- مثل مركبات الكلوروفلوروكربونات (CFCs)- التي تدخل في صناعة البخاخات والمذيبات والبرادات في طبقة الأوزون وتؤدي إلى استنفادها، ما يسمح للأشعة فوق البنفسجية الضارة بالنفاذ عبر الغلاف الجوي، حيث يمكن أن تتسبب بحروق الشمس المؤلمة والخطيرة، ويمكن أن تتلف الحمض النووي للخلايا، ما يزيد من خطورة حدوث مشكلات مثل سرطان الجلد.
على الرغم من أن استنفاد طبقة الأوزون ليس السبب الرئيسي للتغيّر المناخي، فإن الأبحاث تظهر أن هذا الجهد العالمي لإنقاذها مفيد في مكافحة تغيّر المناخ.
تعديل كيغالي
في عام 2016، تمت إضافة تعديل إلى بروتوكول مونتريال (يسمى تعديل كيغالي) دعا إلى التخلص التدريجي من إنتاج واستهلاك بعض مركبات الكربون الهيدروفلورية (HFCs). على الرغم من أن هذه المركبات لا تستنفد طبقة الأوزون بشكل مباشر، فإنها غازات دفيئة قوية يمكن أن تسرع الاحترار. تم اكتشاف زيادة طفيفة في استخدام مركبات الكربون الكلورية فلورية عام 2018 وتم تعقبها إلى الصين، ولكن تم تدارك هذه المشكلة بسرعة.
ويقول العلماء إن تعديل كيغالي يمكن أن يسهم في تفادي الاحترار بمقدار 0.3-0.5 درجة مئوية بحلول عام 2100 (وهذا لا يشمل المساهمات من انبعاثات مركبات الكربون الهيدروفلورية-23).
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تُحلّ مشكلة الاحترار العالمي عن طريق الانفجارات البركانية الوهمية؟
يقول الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس، في بيان: «تشكل الإجراءات المتعلقة بالأوزون سابقة في العمل المناخي. ويظهر نجاحنا في التخلص التدريجي من المواد الكيميائية المستنفدة للأوزون لنا ما يمكن ويجب القيام به على وجه السرعة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والحد من غازات الاحتباس الحراري، والحد بالتالي ما أمكن من ارتفاع درجة الحرارة».