علماء أبوظبي يكشفون لغز الجرف الجليدي الغامض

2 دقائق

كشفت صور الأقمار الصناعية في منتصف سبتمبر/ أيلول 2017 شيئاً غامضاً، تبين أنه فجوة كبيرة وسط الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية، أطلق عليها العلماء اسم «بولينيا»، وتمتد على مدى آلاف الأميال. ظل العلماء في حيرة منذ اكتشافها، حيث لم تحدث هذه الظاهرة من قبل سوى في سبعينيات القرن الماضي، دون أن يجد العلماء لها تفسيراً، حتى كشف علماء بجامعة نيويورك أبوظبي لغز تكوّنها.

لغز الجرف الجليدي ينكشف!

بولينيا أو الجرف الجليدي، هي مساحة مفتوحة من المياه محاطة بالجليد. رصد العلماء بولينيا بواسطة بيانات من القمر الصناعي، وسط كتلة من الجليد  في بحر لازاريف في القارة القطبية الجنوبية أطلق عليها اسم «ماود-رايز-بولينيا»، لأنها تقع فوق جبل هائل تحت سطح البحر يدعى «ماود رايز»، ما جعل الباحثون في حيرة من كيفية حدوث هذه الظاهرة خلال أشهر الشتاء القارس عندما يكون الجليد في ذروته بالقارة الجنوبية.

توصل الباحثون إلى أن البولينيا تكونت على الأرجح بسبب إعصار قوي مكافئ في قوته لعاصفة مدارية قوية، وانتشر في بحر «ويدل» بأنتاركتيكا قبل أن يهاجر إلى بحر «لازاريف»، ويتشكل فوق جبل ماود رايز في منتصف سبتمبر/ أيلول 2017. فالأعاصير ذات شدة تصل إلى 11 على مقياس بوفورت والرياح القوية التي تحملها معها تتسبب في إزاحة الجليد عكس الاتجاه إلى الخارج من مركزها، ما يؤدي إلى فتح جرف جليدي أو بولينيا يستمر في التوسع على مدار الأيام التالية.

نشر الباحثون الدراسة في مجلة أبحاث الجيوفيزياء التابعة للاتحاد الأمريكي الجيوفيزيائي.

توسع هائل

كان حجم الجرف الجليدي وقت الاكتشاف حوالي 9500 كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة اليابسة في ولاية كونيتيكت، وضعف مساحة ولاية رود آيلاند، لكنها تضاعفت في الحجم فبلغت نحو 800 ألف كيلومتر مربع خلال شهر واحد، أي نحو 740% (ما يعادل تقريباً حجم أيرلندا)، ثم اندمجت البولينيا في النهاية مع المحيط المفتوح عندما بدأ الجليد في التراجع خلال أشهر الصيف.

ظل هذا اللغز بدون حل على مدار أربعة عقود، حيث لاحظ العلماء هذه الظاهرة لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي عن طريق صور الأقمار الصناعية، وأثارت منذ ذلك الحين حيرة العلماء.

تقول «ديانا فرانسيس» الباحث الرئيس بالدراسة أنه بمجرد فتحها، تعمل البولينيا كنافذة عبر الجليد البحري حيث تنقل كميات هائلة من الطاقة خلال فصل الشتاء بين المحيط والغلاف الجوي.

وتشير إلى أنه من المهم فهم هذه الظاهرة والعوامل التي تسببت فيها، وكيفية تأثيرها في المناخ. كما حذرت من أن البولينيات المماثلة الحجم من المرجح أن تظهر في كثير من الأحيان مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة عالمياً. فتقول: «وفقاً للعلاقة التي وجدناها بين البولينيا والأعاصير التي أظهرناها في هذه الدراسة، من المتوقع أن يتكون مزيد من البولينيا في ظل المناخ الأكثر دفئاً، حيث ستكون هذه المنطقة أكثر عرضة لأعاصير أكثر شدة. فقد أظهرت الدراسات السابقة أنه في ظل المناخ الأكثر دفئاً سيزداد نشاط الإعصار القطبي، وستتحرك الأعاصير الخارجية نحو القارة القطبية الجنوبية، بالتالي يقل مدى الجليد البحري، ويكوّن مناطق بولينيا أقرب إلى منطقة تكون الأعاصير».

وتوضح فرانسيس، أنه مع تغير المناخ ترتفع درجات الحرارة ما يجعل من الصعب على البولينيا أن تتجمد بمجرد فتحها، وبسبب حجم البولينيا الكبير أيضاً، يمكن أن تؤثر في المناخ على الصعيد الإقليمي والعالمي لأنها تغير حركة المحيطات.

المحتوى محمي