بدأ الربيع بالانتشار أخيراً، لكنه لم يصل إلينا من تلقاء نفسه. فقد ساهم النحل الصغير المليء بحبوب الطلع في وصوله إلينا. ولا تجبر هذه الحشرات الطنانة الصغيرة العالم على الخروج من فصل الشتاء والدخول في فصل الإزهار وحسب، بل إنها تضمن أمننا الغذائي عن طريق تلقيح محاصيلنا. علاوة على كل ذلك، فهي تقوم بصنع غذاء خاص بها. إنه العسل الحلو.
لذلك لا عجب إن ظهر لنا مربو النحل في كل حديقة وسطوح. ولكن هذه الهواية ليست لذيذة وحسب، فهي قد تكون مربحة، بما فيها من عسل، وأقراص عسل، وغير ذلك من منتجات النحل مثل الصابون، التي أثبتت نجاحات باهرة في أسواق المزارعين. وإذا كان الرحيق لا يقنعك بإنشاء خلية نحل خاصة بك، فقد تقنعك الحالة البيئية المحفوفة بالمخاطر التي يتعرض لها، حيث تشهد العديد من مجتمعات نحل العسل (والتي تضم أقل من عشرة أنواع من 20 ألف نوع من أنواع النحل في العالم) انخفاضاً عاماً بعد عام في الولايات المتحدة. ويميل البشر في مسألة اختفائها لإلقاء اللوم على "اضطراب انهيار مستعمرات النحل"، وهي مصطلح عام يشمل الوفيات الناجمة عن فقدان المواطن، والمبيدات الحشرية، وعثّ فاروا.
ولكن قبل أن تغطس في وعاء العسل، هناك الكثير مما يجب أخذه في الاعتبار. وفيما يلي دليلك لتربية النحل في الفناء الخلفي لبيتك، من صحة المستعمرات التي يتم طلبها بالبريد، إلى أفضل أجهزة الطرد المركزي لفصل الشمع عن العسل.
اسأل عن الأمور القانونية
يسدي النحل لنا نحن البشر الكثير من الخير. ولكن هذا لا يعني أن الجميع يحب طنينه. لذلك، فإن معظم المدن في الولايات المتحدة لديها قواعد صارمة تتعلق بتربية النحل، هذا إن سمحت بها. لذا فإن خطوتك الأولى هي تحديد القوانين التي ستحكم منحلتك. فمجلة العلوم للعموم، على سبيل المثال، يمكنها أن تبدأ بفتح مكتب لإنتاج النحل في مدينة نيويورك، ولكن فقط إذا أرسلنا إشعاراً إلى إدارة الصحة، كما ينص على ذلك البند 161.01 (ب) (12) من قانون البلدية، للتأكد من أن نحلنا الحضري لا يزعج أي شخص على الإطلاق.
وفي حين أنه قد يبدو أمراً شاقاً، إلا أن تقصي القوانين المحلية سيجعلك تبدأ محادثة طيبة مع أقرب جمعية لتربية النحل، والتي ستحتاج في النهاية إلى الانضمام إليها. تقدم هذه المجموعات دورات في تربية النحل، وكتباً إرشادية، ومشورة في كل شيء، من القوانين إلى الصيانة. وللعثور على جمعيتك المحلية، فاسأل عنها متاجر البستنة القريبة.
توفير احتياجات النحل
قبل وصول النحل، ستحتاج إلى بعض اللوازم المهمة لتربية النحل. وأكثرها أهمية هو الخلية، والتي يمكنك إنشاؤها بنفسك أو شراؤها عبر الإنترنت.
من الخارج، تبدو الخلايا مثل صناديق بسيطة. أما في الداخل، فهناك حياة صاخبة. توجد في كل صندوق إطارات خشبية بجانب بعضها، مغطاة بصفائح من شمع العسل، والتي توفر الأساس الذي يمكن للنحل أن يبني عليه أقراص العسل. وهناك غربال شبكي يسمى "عازل الملكة" يفصل الملكة وذكورها عن العاملات، لكيلا تهجر الملكة الصندوق وتسحب المستعمرة معها. من الخارج وعلى السطح والجوانب، هناك ما يسمى "غربال السرقة" الذي يسمح للخلية بالتنفس بينما يمنع النحل الغريب من سرقة العسل الذي جنته نحلاتك بشق الأنفس.
ومن الأدوات التي يجب ألا تنساها: المدخّن الذي ينتج أبخرة تهدئ النحل الصغير، وأداة لتنظيف الشمع الزائد والمخلفات الأخرى، وفرشاة لفصل النحل عن الأقراص، وألواح الدخان لدفع النحل بشكل انتقائي بعيداً عن الخلية عندما تحتاج لتنظيف أو جمع العسل. قم بعملك بارتداء ملابس واقية من النحل تتألف من المعطف والقبعة ذات الحجاب، وكذلك القفازات التي تتجاوز مرفقيك.
شراء النحل
بمجرد إعداد الخلية، أصبح بإمكانك الترحيب بمستعمرتك. لكن نحل العسل لن يقوم بإنشاء متجر من تلقاء نفسه، لذلك يجب عليك شراؤه. وبينما يمكنك طلب شراء النحل من بائع عبر الإنترنت في عبوة بحجم صندوق الأحذية، فإن العديد من مربي النحل يوصون بشراء مستعمرة "نواة" من نحّال مجاور (يمكن أن تلتقي به من خلال جمعية تربية النحل المحلية). بهذه الطريقة، لن يضطر النحل للخضوع لضغوط رحلة شحن البريد السريع، وسيكون من المرجح أن ينمو بنجاح عند وصوله.
ولكن ما الذي تتوقعه من المستعمرة "النواة"؟ يتألف الصندوق النموذجي من عدد قليل من الإطارات للنحلات والملكة. عندما تصل المستعمرة، ستقوم ببساطة بنقل النحل إلى الخلية والسماح له بالانتشار حتى يملأ بقية الإطارات في هذه الوحدة التي ستبدأ بالطنين عاجلاً.
قبل طلب الشراء، ضع التوقيت في حسبانك. فأفضل موسم للبدء هو الربيع، حيث يتغذى النحل على حبوب الطلع ويبني خلاياه بنشاط. فإذا بدأت بعد هذا الوقت من العام، فقد لا يكون لدى النحل الوقت الكافي لتخزين ما يكفي من العسل ليعيش عليه خلال فصل الشتاء. في الفصول الأبرد، ينكمش النحل. وحتى يحافظ على بقائه، يجب أن يعتمد على 20 كيلوجراماً أو أكثر من العسل الذي أنتجه خلال الصيف.
النحل يجب أن يبقى بعيداً عن جيرانك
إن كونك جاراً صالحاً أمر مهم، سواء كنت تعيش في الخلاء أو في قلب مدينة مكتظة بالسكان. وتزداد أهمية الموضوع عندما تقوم بتربية عشرات الآلاف من النحل. وهذا هو السبب في أن بعض قوانين المدينة تمنع وضع خلايا النحل قريباً جداً من الممرات، وتطلب منك أن تخطر جيرانك بنشاطك.
ولكي تكون منصفاً مع الذين يعيشون بجوارك، يمكنك اتخاذ خطوات إضافية لإبعاد نحلك عن جيرانك. فأنت مثلاً لا ترغب في أن يتجول النحل في الفناء المجاور لك بحثاً عن الطعام. لذلك، قم بشراء مغذي الخلية، وهو عبارة عن نظام أنبوبي يوصل الشراب مباشرة إلى النحل. سيساعد هذا أيضاً خلال الأيام الأولى من الربيع، عندما ينخفض محتوى العسل في خلايا النحل، ولكن موعد تفتح الأزهار لم يحن بعد.
لضمان عمل خليتك بسلاسة، سيكون عليك تفقّد النحل كل يوم. فهذه المخلوقات الصغيرة تتطلب -مثل الكلاب والقطط- الكثير من الرعاية. تأكد من أن الملكة تضع البيض، وأن الخلايا تتم تغطيتها ببطء بالشمع والعسل، وأن صوت الطنين لم ينقطع على امتداد فصلي الربيع والصيف.
قم بجني شمع العسل
بعد أشهر من العمل الشاق، ستذكّرك ألوان الخريف والهواء النقي بأن الوقت قد حان لجني ثمار عملك. يخزن نحل العسل - أثناء استعداده للبيات الشتوي- مئات الكيلوجرامات من العسل. وفي حين أنك تحتاج إلى ترك كمية كبيرة من العسل ليتغذى عليه النحل (من 20 إلى 30 كيلوجراماً)، فإن ذلك يترك لك كمية مساوية تقريباً عند قدوم الخريف.
يجب عليك أولاً تحديد ما إذا كان عسلك جاهزاً بالفعل للإزالة. يجب ألا تحرم النحل من أزهار آخر الصيف. انتظر حتى يبدأ موسم "تدفق الرحيق" في منطقتك (وهو الموسم المفضل للنحل لجمع الرحيق من الأزهار) قبل أن تبدأ فتح الخلية. لكن لا تنتظر طويلاً حتى لا يصبح الجو بارداً جداً وغير مناسب لتدفق العسل. وكما هي الحال مع كل ما يتعلق بشؤون النحل، فإن التوقيت هو كل شيء.
تعتمد طريقة حصادك على معداتك. إذا كان لديك خلية أكثر تعقيداً ذات أنابيب تصريف، ستكون قادراً على سحب العسل مباشرة من خلال صنبور. أما إذا كانت الخلية بدائية، فيجب عليك ارتداء أفضل معدات تربية النحل. قم بإزالة الإطار (كل إطار يحمل حوالي 2.7 كيلوجرام عند امتلائه)، واكشط الشراب المتجمع وشمع العسل. بعد ذلك، قم بتدويره بذراع تدوير يدوية رخيصة حتى ينفصل. أخيراً، قم بكشط الشمع الذي يمكن تحويله إلى شموع وغيرها من منتجات التجميل، والنحل الميت الذي لا يمكن الاستفادة منه) ثم قم بتعبئة سائلك الذهبي.
ومع ذلك، من المهم توخي الحذر. فكما هي الحال مع المحار الذي يأخذ نكهات (وملوثات) المياه التي يعيش فيها، فإن العسل هو نتاج بيئة النحل. في مدينة نيويورك، كان النحل يتغذى على المنتجات السكرية لمصنع كرز ماراشينو، والذي اتجه الآن لإنتاج العسل الأحمرالفاتح. وهناك قضية أقل إثارة تتعلق بالعسل الأخضر السام الذي تخرجه مجموعة أخرى من نحل مدينة نيويورك بعد التقاطه لمانع التجمد. ومع أن هذه الحالات نادرة، فمن المهم أن تراقب النحل وما ينتجه من عسل.
في النهاية، تعد تربية النحل عملية مجزية لمربي النحل الجريئين الذين يهتمون بهذا العمل. لكن النجاح لا يأتي بسهولة. فإذا بدأت بعمل خليتك الخاصة، فسوف تنشغل بهذا العمل.