قامت الصين منذ عامٍ تقريباً بحظر واردات معظم المواد المُعاد تدويرها بما فيها البلاستيك والورق من الولايات المتحدة وغيرها. وقد اضطرت حينها بعض شركات النفايات في بعض الولايات، خصوصاً الواقعة منها على الساحل الغربي، إلى التخلص من تلك المواد في مكبّات النفايات حيث لم تعد قادرةً على تصدير مخلفّات الورق والبلاستيك إلى الصين، وأصبح شحنها مكلفاً أيضاً. وقد حذت الهند مؤخراً حذو الصين، فقد أعلن مسؤولون في الهند الأسبوع الماضي أن بلادهم ستحظر استيراد الخُردة البلاستيكية من الآن فصاعداً، ويأتي هذا الحظر في إطار الجهود الرامية للحد من التلوث الذي تتسبب به معالجة هذه المواد البلاستيكية المُستوردة من الولايات المتحدة وبلدانٍ أخرى غيرها.
ولن يُطبّق هذا الحظر بشكلٍ كامل عملياً حتى شهر آب/أغسطس القادم، بيد أنه سيؤدي لتفاقم المشاكل في صناعة التدوير في الولايات المتحدة، كون الهند من المستوردين الرئيسيين لخردة البلاستيك من أمريكا.
في الواقع، ما يزال الأمريكيون يحملون وعياً بيئياً عالياً، ومازالوا ملتزمين بحماسةٍ برمي المخلّفات في حاويات القمامة المخصصة، فبحسب تقارير وكالة حماية البيئة الأمريكية، زادت معدلات إعادة تدوير المخلفات منذ ستينيات القرن الماضي بمعدلٍ ثابت. تقول "كيت بيلي Kate Bailey"، مديرة الأبحاث في منظمة "إيكو سايكل" المهتمة بنشر ثقافة إعادة التدوير غير الربحية ومقرها ولاية كولورادو، أن نسبة تدوير المخلفات بلغت 34% منذ عام 2015. مع ذلك، ومنذ أن بدأنا باستخدام أسلوب جمع القمامة غير المفرزة (جمعها في حاوياتٍ تُرمى فيها مخلفات الورق والبلاستيك والألمنيوم على حدّ سواء) تدهورت صناعة إعادة التدوير أكثر. ربما كنا طموحين أكثر من الواقع، حيث تخيلنا أنه بالإمكان أن نصنع من القمامة مقعدَ حديقةٍ أو سترةً جلدية، لكننا دخلنا في متاهةٍ وأصبحت مشاكل الصناعة كثيرة".
وتضيف بيلي:"وقد برزت مشكلة حظر استيراد منتجات إعادة التدوير مؤخراً، فأحد أسباب رفض منتجاتنا يعود لاحتوائها على نسبةٍ عاليةٍ من الملوثات، لأن الكثير مما نرميه في حاويات القمامة المخصصة يحتوي على مواد غير قابلةٍ للتدوير وعلى مواد خطرة".
تقول "سوزان روبنسون"، كبيرة المدراء في شركة إدارة النفايات المسؤولة عن إدارة 100 منشأة لفرز النفايات في أمريكا الشمالية، حول ذات الموضوع: "تحتوي النفايات عند جمعها على ما نسبته حوالي 25% من الملوثات، وينبغي أن تُخفض النسبة إلى 1% عند بيعها"، وتتابع قائلةً: "تبيع الشركة منتجاتها إلى مصانع إعادة التدوير المحلية، فما زلنا نقوم بعملياتنا حتى الآن دون تغيرٍ يُذكر، لكن ما يرهق الشركة هو ارتفاع نسبة الملوثات التي تزيد الكلفة المادية اللازمة للتخلص منها، ويزيد من المخاطر وتلويث البيئة".
وتضيف: "يرغب العديد بشدة أن تزيد معدلات تدوير النفايات حفاظاً على البيئة، ولكن ذلك مجرد أضغاث أحلام، حيث نواجه الكثير من المشاكل والصعوبات في هذه الصناعة حالياً".
إذاً، كيف يمكننا أن نقوم بإعادة تدوير المخلفات بشكلٍ أفضل؟ ماهي الإجراءات الممكن اتباعها للمساعدة فعلياً؟ وماهي المواد التي يجب عدم رميها في حاويات القمامة؟
تقول كيت بيلي:" نضطر لإيقاف المعمل ثلاث مراتٍ في اليوم بسبب تراكم الأكياس البلاستيكية بين الأنابيب فتوقفها عن العمل، حيث يقوم عاملٌ بالصعود على التجهيزات ليقوم بتقطيع الأكياس البلاستيكية وإزالتها من بين الأنابيب. وعلى الرغم من أن العديد من العمال يقومون بإزالتها من بين المخلفات حتى قبل إدخالها للمعالجة، إلا أن بعضها يبقى ويظهر مجدداً ويعطل عمل الأنابيب".
وتصف روبنسون مشهداً مشابهاً في معامل شركة إدارة النفايات: "نقضي نحو 140 ألف ساعةٍ سنوياً في إزالة الأكياس والأشرطة البلاستيكية من بين أجزاء معدات إعادة التدوير في معاملنا".
وتقترح روبنسون حلاً لهذه المشكلة، حيث تشير إلى أنه ينبغي إعادة الأكياس البلاستيكية المُستخدمة إلى المتاجر التي اشترينا منها أغراضنا بدلاً من رميها في حاويات القمامة غير المخصصة لها أصلاً وتسببها في تعطيل معاملنا، إذ أن العديد من المتاجر يحوي صناديق لجمع هذه الأكياس والتي من الممكن تدويرها في معدّاتٍ خاصةٍ بها. تقول روبنسون: "المشكلة التي نواجهها هي أن التجهيزات التي تقوم بعملية فرز المخلفات غير مصممةٍ للتعامل مع مثل هذه المواد البلاستيكية الرقيقة السماكة، والتي تعلق وتوقف عمل المعدّات".
وتقول بيلي في هذا الصدد: "تُعدّ الخردة المعدنية، كالأنابيب القديمة، ملوثاتٌ شائعة أيضاً. هذه المواد يمكن تدويرها، لكن يجب نقلها إلى منشأةٍ خاصةٍ يمكنها التعامل معها، كما يمكن لعلب المشروبات الغازية وكراتين التغليف المشوهة أن تعطل عملية التدوير وتلوث منتجاتها، لأنه من الصعب فرزها واستبعادها عندما تكون مشوهةً ومضغوطةً".
وتضيف بيلي: "نعاني أيضاً من صعوبة التعامل مع مواد أخرى مثل حفاضات الأطفال والمحاقن في معاملنا، وهي ليست قابلة للتدوير فحسب، بل تشكل خطراً على سلامة العمال عند التعامل معها".
حسناً، ماذا يمكننا أن نفعل لتحسين واقع تلك المعامل؟
تقول بيلي: "تُعتبر المنتجات الورقية والعبوات الزجاجية، والعبوات المصنوعة من الألمنيوم مقبولة عادةً، أما بالنسبة إلى المواد البلاستيكية فالأمر قد يكون مربكاً، حسناً، لا بأس في أن تلتزم برمي المواد البلاستيكية مثل القوارير والمُستوعبات والأباريق فقط، فتلك المواد يسهل التعامل معها وإزالتها ومعاملتها معاملةً خاصة، ولكن يجب أن تكون خاليةً من أي أثرٍ للمواد التي كانت تُستخدم لأجلها، ليس عليك أن تزيل الأثر المتبقي للمواد بشكلٍ كامل، ولكن نُقدّر أن تقوم بتنظيفها قليلاً وإزالة ما أمكن من البقايا العالقة بها، فبقايا الطعام تجذب الآفات مثل القوارض والحشرات وتسبب مشاكل إضافية لنا. أما العبوات الورقية، فبقايا الأطعمة تفسدها وتصبح غير قابلةً للتدوير. على سبيل المثل، إن كان لديك صندوق بيتزا ماتزال بقايا المواد الدهنية عالقةً به، فإننا نفضل أن تستخدمه في تسميد الأرض بدلاً من رميه في حاوية القمامة المخصصة".
قم بوضع أغطية العبوات البلاستيكية عليها قبل أن ترميها في حاوية القمامة المخصصة. تقول روبنسون: "ترغب المعامل في أن تكون أغطية العبوات البلاستيكية عليها وإلا فإنهم سيلقونها بعيداً". وتؤكد بيلي على أن المعامل تقبل الأغطية البلاستيكية، وذلك في حال كانت الغطاء البلاستيكي يعود لعبوةٍ بلاستيكية فقط. عليك إذاً إزالة الأغطية في حالة كانت العبوات من مادةٍ مختلفة، مثل الأغطية المعدنية المستخدمة على العبوات الزجاجية.
يمكنك مراجعة شركة نقل القمامة في منطقتك لمعرفة أنواع البلاستيك الأخرى المقبولة والمرفوضة في حاويات القمامة المخصصة، ستجد العديد من الإرشادات على موقعها على شبكة الإنترنت.
لا تضع المخلفات التي تريد رميها في الحاوية في أكياسٍ أو تغلفها. تقول روبنسون: "هذه مشكلةٌ أخرى بالنسبة لمعاملنا، حيث يقوم البعض بوضع المواد القابلة للتدوير في أكياس، وعندما تصل إلى المنشأة يتم تجاهلها ورميها في مكبّ النفايات".
خفّف من إستهلاكك للمواد البلاستيكية واستخدم أدواتٍ يمكن استعمالها مجدداً
في حين أن إعادة تدوير بعض الأدوات البلاستيكية ممكنٌ مثل الأباريق والأحواض والمُستوعبات والقوارير، إلا أن هناك الكثير من المخلفات البلاستيكية الأخرى غير قابلة للتدوير، مثل الفلين وأكياس لف المنتجات التي تحوي فقاعات (التي تخفف ضغط الصدمات)، وأنواعٌ كثيرة من مواد تغليف الأطعمة (مثل أكياس الشيبس والحلوى). كما أن المنتجات الورقية المبطنة بالبلاستيك، مثل فناجين القهوة الورقية، يتم رميها في مكب النفايات ولا يُعاد تدويرها. تقول بيلي في هذا الصدد: "نحن لا نقوم بتدوير سوى ما نسبته 10% من مجمل البلاستيك المُصنّع بالمطلق. إعادة التدوير ليست هي الحل الوحيد المطروح لمعالجة البلاستيك، فهناك الكثير من البلاستيك المُصنع غير القابل للتدوير بعد استخدامه، لذا يجب اتباع طرق أكثر جدوى للتخفيف من استهلاك المواد البلاستيكية".
تشير بيلي إلى بعض النصائح التي يمكن أن نقوم بها موضحةَ: "يُفضّل استخدام العديد من الأدوات القابلة للاستعمال مجدداً، مثل حقائب التسوق وأكواب القهوة وعلب السفاري وغيرها بدلاً من استعمال تلك الأنواع التي تُستخدم لمرةٍ واحدة. ولكن حتى مع بذل هذه الجهود ورفع وعي الناس حول ذلك، ستبقى تصادف الكثير من العبوات ومواد التغليف غير القابلة للتدوير". وتقترح بيلي الضغط على الشركات التجارية أيضاً: "عليك رفع الصوت عالياً ومطالبة الشركات ببذل جهودٍ أكبر كي تستخدم في منتجاتها مواداً أكثر قابليةً للتدوير".