عندما ضربت أعاصير التورنادو (وتُعرف أيضاً بالأعاصير القمعية) في كنتاكي وإلينوي وأركنساس وميسوري وميسيسبي وتينيسي، لم يتم تحذير السكان إلا قبل 20 دقيقةً من حدوثها. قُتل أكثر من 70 شخصاً في هذه الأعاصير، لكن ارتفع عدد الوفيات لاحقاً لأن فرق الاستجابة الأولية بقيت تبحث عن الضحايا في المسارات التي سلكتها الأعاصير، والتي يبلغ طولها نحو 320 كيلومتراً.
ولكن هذا هو وقت التحذير النموذجي قبل حدوث إعصار تورنادو كبير، ويبلغ عادةً 18 دقيقة قبل وصوله.
كيف تتشكل أعاصير التورنادو؟
تتشكل أعاصير التورنادو جنباً إلى جنب مع العواصف الرعدية. لكن العاصفة الرعدية لا تتحول إلى إعصار إلا في ظل ظروف محددة للغاية. يجب أن تتحرك الرياح على الأرض وفي الأعلى في اتجاهات متعاكسة، بحيث يؤدي ذلك إلى دوران الهواء بينهما على شكل دوامةٍ أفقية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون الهواء القريب من الأرض دافئاً بدرجة كافية لدفع دوامة الهواء الدوارة عن الأرض، ويجب على العاصفة الرعدية في الأعلى أن تجذب الطرف العلوي من دوامة الهواء هذه مما يسمح لها بالنمو.
يتمثل التحدي الرئيسي في توقع مسار الإعصار في أن أحداث الطقس هي ظاهرة محلية غالباً. على الرغم من أن أعاصير التورنادو المذكورة قد قطعت أكثر من 320 كيلومتر، إلا أن عرضها كان أقل من 1.6 كيلومتراً. وفقاً لوكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، يبلغ متوسط عرض إعصار التورنادو حوالي 365 متراً، أي أقل من ربع ميل أو بطول حوالي أربع ملاعب كرة قدم. (قد تبدو هذه المسافات كبيرة، لكن العواصف الاستوائية، والتي تُعرف بالهوريكان ويمكن توقعها بسهولةٍ أكبر، عادةً ما يكون عرضها أقل من 275 متراً). غالباً ما تأخذ نماذج التنبؤ بالطقس بعين الاعتبار الظواهر الطقسية التي تزيد مساحتها عن عدة أميال مربعة، وقد أفاد موقع «وايرد» المنوع عام 2019 أن دقة نمذجة أعاصير التورنادو المتقدمة لم تصل إلى أكثر من ميلين.
أي أن متنبئي الطقس سيكونون قادرين على التنبؤ بالظروف التي تكون فيها أعاصير التورنادو قابلةً للحدوث (من المرجح أن تؤدي عواصف معينة، مثل السحب الخارقة والعواصف الاستوائية إلى حدوث الأعاصير)، لكنهم لن يتمكنوا من تحديد المكان الذي سيضربه إعصار التورنادو بدقة.
لماذا يصعب التنبؤ بمسار الأعاصير؟
من المشاكل الأخرى عدم معرفة المسار الذي سيسلكه الإعصار. فنظراً لسرعة العاصفة ونقص البيانات عن ظروف الغلاف الجوي العلوي التي تؤثر على مسار إعصار التورنادو، من الصعب التنبؤ بمساره بعد تشكله.
لذلك يتعين على علماء الأرصاد الجوية الموازنة بين الأخطاء الإيجابية الكاذبة والسلبية الكاذبة. وفقاً لموقع الطقس العالمي «Weather.com»، لم تحدث أعاصير التورنادو في نحو 70% من الحالات التي صدرت فيها تحذيرات من حدوثها بين عامي 2016 و 2020. (تصدر تنبيهاتٌ التأهب عندما تبدو الظروف مناسبةً لحدوث إعصار، بينما تصدر التحذيرات عندما يعتقد المتنبئون أن إحداها على وشك الحدوث). ونظراً لصعوبة معرفة المكان الذي سيتحرك فيه الإعصار بالضبط بعد تشكله، لن يكون هناك سوى عدد قليل من السكان على مسار الإعصار النهائي.
Watch vs Warning? What's the difference? Check it our below 👇 pic.twitter.com/jHjVVMVe21
— NWS Memphis (@NWSMemphis) December 10, 2021
ومع ذلك، ما يزال المتنبئون قادرون على توقع أسوأ الأعاصير بنجاح. وجدت دراسة أجريت عام 2019 أن 87% من الأعاصير المدمرة كانت مُتوقعة مسبقاً، وأن 95% من الوفيات قد حدثت في مناطق صدرت فيها تحذيرات من الإعصار.
من الصعب أيضاً توقع مدى قوة الإعصار. تشير تنبيهات التأهب من الأعاصير إلى أن هناك احتمالاً لحدوث إعصارٍ ما، ولكن لا تحدد ما إذا كان الإعصار المحتمل سيكون قصيراً مع رياحٍ شديدة، أو إذا ما إذا كان من المحتمل أن يكون إعصاراً مدمراً.
كتب الباحث في الغلاف الجوي جوشوا ورمان في مقالٍ لشبكة سي إن إن: «بالنسبة للعواصف الاستوائية (الهوريكان)، ستتخذ المجتمعات إجراءات مختلفة اعتماداً على ما إذا كان من المتوقع حدوث عاصفة من الفئة الأولى أو الفئة الخامسة. أما بالنسبة لأعاصير التورنادو، لا توجد مثل هذه التفاصيل، وقد يصبح الناس راضين عن التحذيرات بعد تجربتهم مع الإنذارات الكاذبة».
بالنسبة للعاصفة المذكورة أول المقالة، كان عدد القتلى أعلى على ما يبدو بسبب عدم استجابة أرباب العمل بناءً على المعلومات التي وصلتهم. خصوصاً في مصنع الشموع في مايفيلد بكنتاكي، حيث أفادت شبكة إن بي سي في نشرة أخبار الظهيرة أنه قِيل للموظفين بأنهم سيُطردون من العمل إذا ما غادروا مبكراً للاحتماء من العاصفة المتوقعة (نفى متحدث باسم الشركة هذه المزاعم لاحقاً). لقي ثمانية أشخاص على الأقل حتفهم عندما دُمر المصنع. وقد نشر موقع «إنسايدر» قصةً مشابهة حدثت في مستودع أمازون في إدواردسفيل في إلينوي، حيث لقي ستة أشخاصٍ حتفهم هناك بسبب الإعصار المذكور.
على الرغم من أن هناك الكثير من السلبيات الكاذبة، فإن مستوى التنبؤات جيد بما فيه الكفاية لتحذير الناس من الخطر الداهم، ويجب أن يكون صانعو القرار مستعدين دائماً للعمل وفقاً لتلك المعلومات.