لننقذ الجليد البحري قبل فوات الأوان

2 دقائق
واحدة من مجموعة من بحيرات المياه الذائبة التي قامت "مهمة الجسر الجليدي" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية بمسحها لقياس عمقها في 19 يوليو 2017.

هناك 17 نوعاً مختلفاً من الجليد، ولكن ليس هناك أثمن من الجليد الموجود في القطبين. وتشكل مراقبة هذا الجليد العمل الذي تضطلع به "مهمة الجسر الجليدي" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية ناسا، وهي أكبر عملية مسح جوية في منطقة القطبين.

وتقوم وكالة الفضاء الأميركية ناسا بعمل جولتي تحليق على الأقل كل سنة فوق القطبين، لتسجيل التغيرات التي تلحق بالجليد. (وتتم هذه العمليات عادة في الربيع بالنسبة لقطب الشمالي، والخريف بالنسبة للقطب الجنوبي).
وقد بدأ هذا المشروع عام 2009 بعد أن توقف القمر الصناعي التابع لناسا "آيس سات" عن جمع المعلومات. وهو قمر صناعي مخصص لمراقبة الجليد، ويشبه عمله عمل المهمة الأوروبية التي ساهمت في مراقبة انفصال الجرف الجليدي لارسن سي في أوائل يوليو 2017.

وتعد هذه المهمة بمثابة جسر يسد الفجوة الزمنية ريثما يتم إطلاق القمر الصناعي "آيس سات 2". ومن المقرر أن تنتهي هذه المهمة في 2018.

وتراقب ناسا عن كثب الجليد القطبي، نظراً لأهميته المناخية. فالجليد في القطب الشمالي والقطب الجنوبي لا يقتصر دوره على الحفاظ على برودة الأرض عن طريق عكس أشعة الشمس، ولكنه يساهم أيضاً في تلطيف المناخ. فإذا ذاب جليد القطبين -كما يبدو أنه يحدث حالياً بسبب التغير المناخي- فسيحدث شيئان. الأول، هو أن الأسطح الناتجة ستصبح أكثر قتامة، فالتراب والصخور لا تلمع كالثلج والجليد، وهكذا سيتم امتصاص المزيد من أشعة الشمس، وهذا سيسرع من عملية الاحترار، مسبباً المزيد من ذوبان الجليد. وعندما يذوب الجليد سيرتفع مستوى سطح البحر.

في أوائل عام 2017، لاحظ الباحثون أن الجليد الشتوي سجل مستوى منخفضاً للعام الثالث على التوالي. وببساطة، ينمو الجليد القطبي عادة في الشتاء عندما يكون الجو بارداً، وينحسر في الصيف عندما يكون الجو دافئاً.

ولكن الجليد هذا العام نما بنسبة أقل من أي وقت مضى. وهو ما حدث في السنة الماضية والسنة التي قبلها. ويمكن تشبيه الأمر بطفلك الصغير الذي يتضاءل حجمه بدل أن يكبر، وكل سنة يتضاءل أكثر من السنة التي قبلها.

وقد أطلقت "مهمة الجسر الجليدي" مهمتين أخريين ولكن مدتهما أقصر، بدأت الأولى في يوليو 2017، ومن المقرر أن تبدأ المهمة الثانية في الخريف القادم. وتهدف هاتان المهمتان إلى تقصي حقيقة ما يحدث للجليد القطبي. وستتضمن المهمة الصيفية ست رحلات، مدة الواحدة أربع ساعات، وتركز على البحث عن الجليد البحري الذي لديه فرصة للبقاء لصيف واحد على الأقل. ويفترض أن هذا الجليد البحري هو حجر الأساس في القطب الشمالي. وكان يشكل في الثمانينات أكثر من 70 في المائة من المجموع الكلي لجليد القطب الشمالي الشتوي، وهو يؤمّن سطحاً ملائماً للدببة القطبية لتختبئ فيه وتصطاد منه. ولكنه مع حلول عام 2012 انحسر إلى أقل من 20 في المائة من المجموع العام للجليد.

وهذه إشارة مثيرة للقلق، لأنه عندما يختفي الجليد البحري، فإن المحيط سيمتص المزيد من الحرارة، مما سيسرع احترار القطب الشمالي. وفي الحقيقة، فإن معدل احترار القطب الشمالي يعادل مثلَي المعدل العالمي. وبالرغم من أن دراسة سابقة تشير أن هذا الاحترار قد يعزى لأسباب طبيعية، فإن نتائج تلك الدراسة -إن صحت- ما تزال تعني ضمنياً أن القطب الشمالي تزداد حرارته بمعدل 25 في المائة أكثر من باقي المناطق في العالم.

عندما نفقد الجليد القطبي فإن هذا لا يعني مجرد فقدان نظام بيئي ثمين تعتمد عليه كائنات كالدب القطبي وقرش جرينلاند للحفاظ على بقائها. فهذه الصور الحديثة التي التقطتها "مهمة الجسر الجليدي" التابعة لناسا، تظهر أننا نخسر مناظر طبيعية حيوية وساحرة.

كتلة كبيرة من الجليد الطافي في البحر الجليدي تغطيه بركة ذائبة ويحيط به جليد طافٍ أصغر حجماً. التقطت الصورة مهمة "الجسر الجليدي" التابعة لناسا في إحدى جولاتها في 17 يوليو 2017.
حقوق الصورة: وكالة الفضاء الأميركية/ناثان كورتز

المحتوى محمي