4 مدن عربية معرضة للغرق بسبب تغيّر المناخ بحلول عام 2100

5 مدن عربية معرضة للغرق بسبب تغيّر المناخ بحلول عام 2100
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Dariush M
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في مشهدٍ مهيبٍ دخلت مياه البحر الأسود بضع عشرات الأمتار إلى مدينة سوتشي الروسية، بتأثير منخفض جوي قطبي شديد. لكن ماذا لو كان ذلك لبضع مئات؟ أو ماذا لو علمت أن مدينتك التي تقع على الساحل ستغطيها مياه البحر خلال سنوات؟ وستصبح أتلانتس العصر الحديث!

وفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (The Intergovernmental Panel on Climate Change)، من المتوقع أن يرتفع مستوى منسوب مياه سطح البحر إلى ما يصل 1.1 متر بحلول عام 2100 عن مستواه الحالي، ما سيؤدي إلى محو العديد من المدن الساحلية في أنحاء العالم كافة، ولن يتمكن أي خفض للانبعاثات أو وقف لها أن يوقف تأثيرات هذه الظاهرة. فأي المدن العربية التي ستغرق تحت البحر في المستقبل بسبب تغيّر المناخ؟

أسباب ارتفاع منسوب مياه البحر

مع بدء الثورة الصناعية في القرن الماضي، ترتب على النشاط البشري تكلفة باهظة الثمن وعواقب بيئية وخيمة، حيث أدّى استغلال الموارد الطبيعية إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى في الغلاف الجوي، فأصبح كوكبنا أكثر دفئاً الآن من أي وقتٍ مضى في تاريخ البشرية بتأثير ما يُعرف بالاحتباس الحراري. فقد ارتفعت درجة حرارة الأرض خلال القرن الماضي نحو 1.1 درجة مئوية منذ عام 1880، وحدثت غالبية الاحترار منذ عام 1975، بمعدل 0.15- 0.20 درجة مئوية تقريباً لكل عقد.

يشير عدة ظواهر إلى تأثير هذا الارتفاع، وتحذّرنا منه، بما في ذلك ارتفاع منسوب مياه البحر.

يُعدُّ مستوى سطح البحر مقياساً لحالة النظام المناخي ومؤشراً للتغيرات المناخية. على وجه العموم، يتأثر مستوى سطح البحر على المدى الطويل بعدة أسباب، وهي:

  • ذوبان الجليد: يسبب ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية ارتفاعاً بنحو مليمترين سنوياً لمياه المحيطات.
  • التمدد الحراري: هو تمدد مياه المحيطات بتأثير ارتفاع درجة حرارتها، بحيث تُضيف ارتفاعاً يُقدّر بمليمتر واحد في السنة.
  • تخزين المياه: مثل ضخ المياه الجوفية أو بناء السدود والبحيرات الاصطناعية.
  • التغيرات العمودية في حركة قشرة الأرض.     

اقرأ أيضاً: ما تأثير التغير المناخي في المحيطات؟

مدنٌ عربية ستغرق مستقبلاً بمياه البحر بسبب التغيّر المناخي

ومن بين المناطق الأكثر عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر هي الدول العربية:

1. الإسكندرية

الإسكندرية مدينة مصرية تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتُعدُّ واحدة من أكثر المدن كثافة سكانية لأنها تقع على دلتا نهر النيل -الذي يُعدُّ شريان حياة للبلاد- حيث يصب في البحر المتوسط. إلّا أنها وبسبب انخفاضها وانخفاض كمية الطمي المتراكم في دلتا النيل، تتآكل الأساسات الساحلية التي بُنيت عليها الإسكندرية، لذا من المحتمل أن يرتفع مستوى سطح البحر بنحو 0.6 متر بحلول نهاية القرن.

على مدى قرون كانت منارة الإسكندرية أطول مبنى في العالم، إلّا أنها وبعد تاريخ من الزلازل ابتلع البحر معظمها وما كان ميناء لها. اليوم، شيدت الحكومة حاجزاً صخرياً لمواجهة العواصف الشتوية والحد من الفيضانات لاختفاء الشاطئ نتيجة انجراف الرمال منذ سنوات.

في تقييم نُشر في مجلة البحوث البيئية (Environmental Research Letters)، تبين أنه في حال ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر سينزح أكثر مليون شخص من منازلهم، وتُفقد نحو 214 ألف وظيفة، وسيتسبب ذلك بخسارة ما يفوق 35 مليار دولار من قيمة الممتلكات والدخل السياحي.

اقرأ أيضاً: هل التغيّر المناخي الحالي هو السيناريو الأسوأ للمناخ؟

2. البصرة

تقع مدينة البصرة العراقية على ضفاف نهر شط العرب الذي يصب في الخليج العربي. تحيط بها الأهوار وتضم شبكة معقدة من القنوات والجداول، لذا فهي مهددة بأن تغمرها مياه البحر في أجزاء عديدة منها قبل نهاية هذا العقد.

3. الدوحة

الدوحة عاصمة قطر، شبه الجزيرة الصغيرة في الخليج العربي. يقع معظم مناطقها السياحية ومشاريعها الاقتصادية على الواجهة البحرية، إلّا أن وزارة البيئة حذّرت في بيانٍ لها من مخاطر التغيّرات المناخية على أراضيها، فقد أشارت إلى أنها معرضة لارتفاع مستوى سطح البحر بنحو 5 أمتار، وإلى أن تجتاح الفيضانات الداخلية نسبة 18.2% من مساحة أراضيها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك المساهمة في إيقاف التغيّر المناخي

4. أبوظبي

العاصمة السياسية والصناعية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وثاني أكبر مدنها. يتركز نشاطها التجاري والثقافي على السواحل، ما يعرّض أصولها لخطر ارتفاع منسوب مياه البحر؛ حيث تقع البنية التحتية للدولة على بعد أمتار قليلة من مستوى سطح البحر الحالي.

أظهرت دراسة لتقييم مخاطر ارتفاع مستوى مياه سطح البحر، أن ارتفاع منسوب المياه بنحو 0.5 متر سيؤدي إلى غمر 1.46% من المدينة، وفي حال تجاوز الارتفاع مترين، كما هو متوقع بحلول عام 2100، سيُفقد نحو 15.89% من المدينة تحت المياه، وهي أضرار تُقدّر بمليارات الدولارات، علاوة على الخطر الذي قد تلحقه بالنُظم البيئية، بما في ذلك فقدان أشجار المانغروف التي تساعد على تثبيت التربة ومنع تآكلها، وحبس كميات كبيرة من الكربون. وفي حال فقدان هذه الأنواع الشجرية ستزداد وتيرة غمر المياه للمدينة بسرعة لا يستطيع للنظام البيئي مواكبتها.

اقرأ أيضاً: الملتقى الدولي للاستمطار: الإمارات تدعو العالم إلى محاربة ندرة المياه

على وجه العموم، تُعدُّ المدن الساحلية جميعها في المنطقة العربية والعالمية معرضة لخطر الغمر بمياه البحر في المستقبل بتأثير التغيّر في المناخ، ما يتطلب تضافر جهود الحكومات والمجتمعات والأفراد معاً لاتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة تلك التحديات.