اختتم مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للتغيّر المناخي يوم الأحد في شرم الشيخ في مصر بعد أسبوعين من الاجتماعات والمحادثات التي ضمت أكثر من 200 دولة. تضمنت الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال تمويل العدالة المناخية وتحقيق الأهداف التي حددتها اتفاقيات باريس للمناخ لعام 2015، وحضر المؤتمر أكثر من 45000 شخص.
فيما يلي النقاط الثلاث الرئيسية التي تناولها مؤتمر هذا العام.
إقرار صندوق الخسائر والأضرار أخيراً
بعد سنوات من النقاش وتحفّظ الدول الغنية، تم توقيع اتفاق لإنشاء صندوق لتعويض البلدان النامية عن الأضرار والخسائر الناجمة عن الفيضانات والعواصف والجفاف، والتي تفاقمت بسبب التغيّر المناخي. يدعو القرار، والذي دُعي خطة شرم الشيخ التنفيذية، إلى تشكيل لجنة تضم ممثلين من 24 دولة لبحث الشكل الذي يجب أن يكون عليه الصندوق والدول التي يجب عليها المساهمة فيه ووجهة الأموال خلال العام المقبل.
كافحت العديد من البلدان من إفريقيا وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي وجنوب المحيط الهادئ وأميركا اللاتينية لإضافة قضية هذا الصندوق إلى جدول أعمال المؤتمر الرسمي، وواصلت حملة الضغط بشأن العدالة المناخية، قائلة إن البلدان النامية لا تسهم إلا بمقدار ضئيل في أزمة المناخ ولكنها تواجه أسوأ آثارها.
تقول وزيرة البيئة والتغيّر المناخي في باكستان، شيري رحمان: «يمثل الإعلان أملاً للمجتمعات الضعيفة التي تواجه الضغوط المناخية في جميع أنحاء العالم، ويضفي بعض المصداقية على مؤتمر كوب 27». تقود باكستان مجموعة مكونة من 134 دولة نامية تضغط من أجل دفع تعويضات الخسائر والأضرار بعد الفيضانات المدمرة التي ضربت البلاد هذا الصيف. كانت الفيضانات قد غمرت نحو ثلث البلاد تحت الماء وزادت سوءاً بسبب الاحتباس الحراري، وتسببت بمقتل 1500 شخص وبأضرار بلغت نحو 30 مليار دولار على الرغم من أن باكستان لا تسهم في الانبعاثات العالمية إلا بأقل من 1%.
الوقود الأحفوري كان حاضراً في النقاشات وفي اتفاقيات كوب 27
كان نحو 636 ممثلاً من شركات الوقود الأحفوري جزءاً من الوفود والفرق التجارية، ما أثار استياء نشطاء المناخ. لم يشر نص الاتفاق النهائي لهذا العام، والذي توسط فيه الوفد المصري المضيف، صراحةً إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ولكنه يشجّع بدلاً عن ذلك الجهود الرامية للتخلص التدريجي من توليد الطاقة باستخدام الفحم وإيقاف الدعم غير الفعّال المقدم للوقود الأحفوري على مراحل.
وتدعو الاتفاقية أيضاً إلى الإنهاء التدريجي لتوليد الطاقة غير المحدود من الوقود الأحفوري وبعض الدعم للوقود الأحفوري، ولكن جرى التأكيد على استخدام الوقود الأحفوري في المستقبل القريب، حيث قال رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن الإمارات ستواصل إمداد السوق بالنفط والغاز "ما دام العالم بحاجة إليهما". ستستضيف الإمارات، والتي تنتج وسطياً 3.2 مليون برميل من النفط يومياً، قمة المناخ "كوب 28" في دبي العام المقبل.
اعتبر العديد من الحاضرين أن اللغة غير المتحمسة والتخفيض غير الكامل للوقود الأحفوري غير كافيين.
يقول القائم بأعمال وزير المناخ والطاقة في الدنمارك، دان يورغنسن: «لقد اختبرت قيادتنا المناخية خلال العام الماضي في نواحٍ كثيرة. نحن لا ندعو إلى أي إيقاف مفاجئ لإمدادات الطاقة، لكن يجب أن ندرك بنفس القدر أن أزمة الطاقة مدفوعة بالاعتماد على الوقود الأحفوري».
لا تزال العديد من البلدان ملتزمة بهدف 1.5 درجة مئوية لارتفاع درجة الحرارة العالمية
نظراً لوجود فرصة متساوية لتجاوز ارتفاع درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية خلال السنوات الخمس المقبلة، أبدت العديد من البلدان المتقدمة الاستعداد لمواصلة العمل لتحقيق هذا الهدف الذي حددته قمة المناخ في باريس عام 2015.
ومع ذلك، لم تتضمن الاتفاقية النهائية إشارة إلى التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري، والذي يعتقد العديد من العلماء أنه ضروري لدفع القرار الذي تم اتخاذه خلال قمة "كوب 26" عام 2021 لتقليص استخدام الفحم تدريجياً.
وقالت مبعوثة جزر المارشال إلى قمة المناخ، كاثي غيتنيل كيغينر، والتي تخشى دولتها مع الدول الجزرية الأخرى التعرض لدمار كبير إذا ما ارتفعت درجات الحرارة فوق هذا الحد: «الاتفاقية الحالية غير كافية، لكننا أثبتنا أن بمقدورنا تجاوز الصعوبات من خلال إقرار صندوق العدالة المناخية، لذلك نعلم أنه يمكننا العودة في مؤتمر المناخ القادم والمطالبة بالتخلص من الوقود الأحفوري مرة واحدة وإلى الأبد».
يبدو أن الالتزام والإيمان بهدف 1.5 درجة مئوية كان نقطة خلاف بين مختلف الجهات الفاعلة الرئيسية. لدى الصين مخاوف عديدة متعلقة بهذا الهدف، حيث قال مستشار السياسة في منظمة السلام الأخضر التي تتخذ من بكين مقراً لها، لي شو، لصحيفة نيويورك تايمز إن هذا الهدف من شأنه أن يضغط على الحكومة الصينية لتنفيذ الهدف الأكثر صرامة المتمثل في خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الصين، وهو ما تريد الحكومة تجنبه. بينما قال ممثلو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إن أي اتفاق نهائي يجب أن يؤكد أهمية الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة.
اقرأ أيضاً: هل أهداف اتفاقية باريس للمناخ كافية للحد من تأثير التغيّر المناخي؟
وتشمل النقاط البارزة الأخرى استئناف التعاون بين الولايات المتحدة والصين بشأن التغيّر المناخي، وإعلان الرئيس البرازيلي المنتخب لولا دا سيلفا أن "البرازيل عادت" لتأخذ دورها في معركة المناخ العالمية. كان لولا دا سيلفا قد هزم الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو الذي رفض عقد قمة المناخ لعام 2019 التي كانت من المقرر عقدها في الأصل في البرازيل والذي يتحمل المسؤولية عن تدمير الغابات المطيرة المتزايد.