ما هو منشأ النفايات البلاستيكية المتجمّعة في رقعة نفايات المحيط الهادئ؟

4 دقائق
ما هو منشأ النفايات البلاستيكية المتجمّعة في رقعة نفايات المحيط الهادئ؟
استخرجت منظمة ون أوشن كلين آب غير الربحية البلاستيك الذي تسببت به صناعة صيد الأسماك. وقد وُجد في رقعة القمامة العظمى في المحيط الهادئ إلى جانب العديد من الصناديق والعوامات التي مصدرها نشاطات الصيد. أوشن كلين أب

لعقود، امتلأت محيطات الأرض بشكل تدريجي بالقمامة. جمّعت رقعة نفايات شمال المحيط الهادئ، والمعروفة أيضاً باسم رقعة نفايات المحيط الهادئ العظمى، ما يقرب من 80 ألف طن من النفايات البلاستيكية، وهذا الرقم يستمر في الارتفاع. يتم نقل معظم القمامة إلى المحيط من خلال الأنهار التي تحمل النفايات والملوثات البشرية من البر إلى البحر. لكن لا يعرف الباحثون بعد منشأ هذه النفايات العائمة في البقع البحرية بدقة. حدد الباحثون في دراسة نُشرت مؤخراً في مجلة ساينتفيك ريبورتس أحد مصادر القمامة الرئيسية، وهو قطاع صيد الأسماك.

قطاع الأسماك يهدد المحيط

وفقاً لتحليل النفايات التي جمّعتها منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية، تنتج نسبة تتراوح بين 75% و86% من المواد البلاستيكية التي تطفو في رقعة نفايات المحيط الهادئ من نشاطات الصيد البحرية وتربية الأحياء المائية. تَبيّن أن الدول الصناعية الكبرى التي تمتلك قطاعاً لصيد الأسماك، مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وتايوان وكندا، هي المساهمة الأساسية في النفايات الناتجة عن الصيد. يقول لورينت ليبرتون (Laurent Lebreton)، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة وباحث في منظّمة ذي أوشن كلين أب: "تسلّط نتائج الدراسة الضوء على مساهمة هذه الدول الكبرى في هذه المشكلة العالمية".

إن رقعة نفايات المحيط الهادئ العظمى، وهي منطقة تبلغ مساحتها ضعف مساحة ولاية تكساس الأميركية وتقع بين الشاطئ الغربي لأميركا الشمالية واليابان، هي إحدى دوامات المحيط الهادئ التي تتجمّع فيها النفايات. تقوم هذه الدوامات، والتي تشكّلت بسبب التيارات الدوارة (أو التيارات المحيطية الدوّارة)، بتحريك المواد البلاستيكية بعنف وتكسيرها إلى أجزاء صغيرة غير قابلة للتحلل يصعب تجميعها. يقول ليبريتون إنه يتم استخدام أشباك العوالق لتجميع هذه المواد البلاستيكية الدقيقة (اللدائن الدقيقة) التي لا تتجاوز أقطارها 5 مليمترات، ويضيف: "لكن حالياً، من المستحيل تحديد منشأ هذه الملوثات بدقة".

عملت منظّمة ذي أوشن كلين أب منذ عام 2018 على إزالة النفايات الأقل انتشاراً في الرقعة، والتي يمكن تحديد منشأها في بعض الأحيان. يستخدم فريق هذه المنظّمة المراكب التي تقوم بسحب حاجز له شكل حرف U عبر المياه وتوجيه المواد البلاستيكية الأكبر حجماً إلى جهاز الالتقاط. يقول ليبرتون: "تتيح لنا هذه الطريقة فرصة دراسة المواد البلاستيكية الأكبر حجماً التي لم يتم التركيز عليها في الأبحاث السابقة".

سفينة تسحب جهازاً بشكل حرف U في المحيط
نظام 001/بي الخاص بمنظّمة ذي أوشن كلين أب، وهو جهاز تم استخدامه في تجميع البيانات في الدراسة الحديثة التي نشرت في مجلة ساينتفيك ريبورتس. منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية

في أثناء مهمة أجريت عام 2019، التقط هذا الجهاز أكثر من 6 آلاف قطعة بلاستيكية تتجاوز أقطارها 5 سنتيمترات (وهو الحد الأدنى لاعتبارها نفايات كبيرة). على الرغم من أن الباحثين لم يتمكّنوا من تحديد منشأ ثلث هذه الكمية، إلا أنهم ميزوا أنها تتألف من حطام صناديق الأسماك وبعض الأدوات التي تستخدم في صيد المحار (والتي تسمى المباعِدات) ومصائد ثعابين البحر. كانت معدات الصيد وتربية الأحياء المائية هذه ثاني أكبر أنواع المواد البلاستيكية الصلبة التي يتم تجميعها شيوعاً، إذ إنها شكّلت نسبة 26% من هذه المواد.

مثل بقية قطاعات الاقتصاد، اعتمدت مصائد الأسماك المواد البلاستيكية بسبب وزنها الخفيف وانخفاض تكلفة تصنيعها. ويمكن أن يستغرق تحلل هذه المواد البلاستيكية عقوداً من الزمن.

يقول ليبرتون: "وجدنا عوامة صيد تعود لستينيات القرن الماضي وصندوقاً يعود للسبعينيات. لذلك من الواضح أن النفايات تراكمت لزمن طويل". يشير ليبرتون إلى أن قطاع صيد الأسماك توسّع منذ القرن الماضي فقط، ويضيف: "تغطّي نشاطات الصيد حالياً أكثر من نصف مساحة المحيط الهادئ، ما يزيد من احتمال ضياع معدات الصيد أو رميها فيه".

اقرأ أيضاً: البشر أنتجوا 8 مليون طن إضافي من النفايات البلاستيكية خلال الجائحة

أخبار غير سارة

وفقاً لدراسة أجرتها منظّمة ذي أوشن كلين أب في 2020، ازداد الحطام في رقعة نفايات المحيط الهادئ العظمى من ناحية التركيز والحجم. يقول ليبرتون: "يشير ذلك إلى أن الحالة تزداد سوءاً، وهو أمر متوقع في هذه المرحلة نظراً للازدياد الكبير في إنتاج المواد البلاستيكية خلال العقدين الماضيين"، ويضيف: "لهذا السبب، يجب دراسة هذه الملوثات وتحديد منشأها حتى نستطيع التخفيف من كمية البلاستيك التي ينتهي بها المطاف في الرقعة".

يهدف مشروع المنظّمة إلى إزالة 90% من النفايات البلاستيكية البحرية بحلول عام 2040. منذ عام 2021، أزال النظام المطوَّر لفريق المنظّمة أكثر من 100 ألف كيلوغرام من المواد البلاستيكية العائمة في المحيط الهادئ. مع ذلك، أعرب علماء الأحياء البحرية عن شكوكهم حول كفاءة آليات تنظيف المحيط هذه، وأثاروا مخاوف جديّة من أن هذه التقنيات قد تضر بأشكال الحياة البرية. يفيد ليبرتون بأن جهود منظّمة ذي أوشن كلين أب يجب أن تتحول إلى حلول دائمة، إذ يقول: "نحن نسعى لإيقاف أعمالنا في النهاية"، ويضيف أن الطريقة الأفضل لتقليل كمية النفايات البلاستيكية الموجودة في المحيط هي معالجة سبب التلوث في مصدره. يمكن أن تساعد تكنولوجيا تنظيف المحيطات في تحديد سبب التلوث ومنشئه لزيادة كفاءة آليات التنظيم والإدارة. وفقاً لليبرتون، قد يتضمن ذلك تنظيم استخدام المعدات التي يتم استخدامها في مراكب الصيد أو طرق إدارة السفن للنفايات التي تنتجها.

يقول ليبرتون: "أعتقد أن تسليط الضوء على هذا التلوث [من خلال جهود التنظيف] سيؤثر بشكل كبير على توعية البشر وفهمهم للمشكلة"، ويضيف: "يجب أن يلعب توثيق الملوثات العائمة دوراً في وضع استراتيجيات تخفيف التلوث. كما يمكن أن يساعد الوعي العام في الضغط على السلطات لسن القوانين اللازمة".

صور وتعليقات توضيحية من منظّمة ذي أوشن كلين أب

كومة كبيرة من البلاستيك والحبال التي تم جمعها من المحيط
الصناديق والعوامات والخيوط والحبال التي أرجعت منظمة ذي أوشت كلين أب منشأها لقطاع صيد الأسماك. منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية
رجل يرتدي بدلة عمل صفراء ويكدّس مخاريط بلاستيكية سوداء على متن سفينة
هذه المخاريط البلاستيكية السوداء هي مصائد ثعابين البحر التي تستخدم لصيد الأسماك المخاطية. منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية
كومة من الصحّارات وصناديق البنزين البلاستيكية وغيرها من الحطام
شحنة من الصحّارات والصناديق. منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية
عامل يشير إلى كتابة منقوشة على صحّارة متسخة تم التقاطها من المحيط
باحث في منظّمة ذي أوشن كلين أب يحلل عناصر بلاستيكية لإيجاد دلائل تشير إلى منشئها بناءً على اللغة ورموز البلد. منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية
سفينتان تسحبان حاجزاً له شكل حرف U عبر المحيط
نظام 002 في رقعة نفايات المحيط الهادئ العظمى، وهو أحد أحدث أنظمة التجميع التي صممتها منظّمة ذي أوشن كلين أب. منظّمة ذي أوشن كلين أب غير الربحية

المحتوى محمي