يُعد ارتفاع مستوى سطح البحر أحد تهديدات تغير المناخ التي تلوح في الأفق باستمرار، والذي يهدد بالفعل بتشريد ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم وإجبارهم على الانتقال إلى المناطق الداخلية بحلول نهاية القرن. السبب الأساسي لارتفاع منسوب المياه هو ارتفاع درجات الحرارة في القطبين، وهي مواطن الأنهار الجليدية العملاقة والصفائح الجليدية التي تحتوي على كميات كبيرة من الماء.
نهر ثويتس الجليدي في خطر
يفقد نهر «ثويتس» الجليدي الذي يوجد في القارة القطبية الجنوبية، وتبلغ مساحته مساحة ولاية فلوريدا، ويُطلق عليه «نهر يوم القيامة الجليدي»، 50 مليار طن من الجليد كل عام. وهذا بحد ذاته مسؤول عن نحو 4% من ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي السنوي. يبين بحث غير منشور تمت مشاركته في اجتماع الخريف للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري أن الجرف الجليدي الرقيق الممتد من نهر ثويتس يمكن أن يتحطم في غضون السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. يقع خلف ثويتس كتلة أكبر من الجليد، إذا ذاب النهر الجليدي، فسوف تتعرض هذه الكتلة لمياه دافئة بشكل متزايد.
قال «تيد سكامبوس»، كبير علماء الأبحاث في المعهد التعاوني للبحوث في العلوم البيئية والمنسّق الرئيسي في التعاون الدولي لنهر ثويتس الجليدي، في بيان صحفي: «نهر ثويتس هو أوسع نهر جليدي في العالم»، وأضاف: «لقد تضاعفت سرعة تدفق هذا النهر خلال الثلاثين عاماً الماضية، وهو يحتوي في مجمله على ما يكفي من المياه لرفع مستوى سطح البحر [العالمي] بأكثر من 0.6 متراً. يمكن أيضاً أن يتسبب هذا النهر بارتفاع إضافي لمستوى سطح البحر قد يصل إلى 3 أمتار إذا جذب معه الأنهار الجليدية المحيطة به».
كيف يؤثر تغير المناخ على معدل ذوبان الأنهار الجليدية؟
يعاني نهر ثويتس بسبب تغير المناخ منذ زمن، ويحاول العلماء معرفة كيف سيؤثر تغير المناخ بالضبط على معدل الذوبان فيه وعلى الأنهار الجليدية الأخرى المعرضة للخطر. مع ذلك، تُظهر الدراسة الجديدة أن ارتفاع درجة حرارة المحيط المتجمد الجنوبي يتسبب في ذوبان الجليد من الأسفل، وتشكّل شقوق كبيرة عبر الجرف الجليدي العائم.
قالت «إرين بيتيت»، خبيرة في علم الجليد في جامعة ولاية أوريغون في كورفاليس، في الاجتماع سابق الذكر: «أتخيل الأمر وكأنه مثل نافذة سيارة تحتوي على عدد قليل من الشقوق التي تنتشر ببطء، ثم فجأة بعد مرور السيارة فوق نتوء على الطريق، تبدأ النافذة بالتكسّر».
وفقاً لبيان أصدره المعهد التعاوني للبحوث في العلوم البيئية، الجرف الجليدي هو جزء عائم من النهر الجليدي يُثبّت بواسطة «جبل تحت الماء». إذا تصدّع الجرف، فسيكون ذوبان كل الجليد واندفاعه إلى المحيط مسألة وقت فقط. قال «بيتر ديفيس»، عالم المحيطات في هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي، لشبكة «سي إن إن» الإخبارية: «أكثر ما يثير القلق بشأن النتائج الأخيرة هو أنها تشير إلى انهيار هذا الجرف الجليدي. هذا الجرف هو بمثابة حزام أمان يحمل الجليد على الأرض»، وأضاف: «إذا زال هذا الجرف الجليدي، فسوف يتدفق النهر الجليدي إلى المحيط بسرعة أكبر، مما سيساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر».
يتسبب ارتفاع درجة حرارة المياه الزاحفة تحت النهر الجليدي أيضاً في انفصال الجليد عن «منطقة التأريض»، وهي الجزء من قاع البحر الذي يثبت النهر الجليدي في مكانه. اكتشف «بيتر واشام»، وهو باحث مشارك في جامعة كورنيل، باستخدام روبوت تحت الماء يتم التحكم فيه عن بعد أن هذه المنطقة تعاني من اضطراب بسبب الماء الدافئ والجليد الوعر والقاعدة شديدة الانحدار. يتسبب المد والجزر أيضاً بضخ الماء الدافئ بين طبقة الأساس والجبل الجليدي، ما يؤثر بشكل أكبر على استقرارها.
قال سكامبوس في البيان: «إذا انهار ثويتس، فسوف يسحب معه معظم جليد غرب القارة القطبية الجنوبية»، وأضاف: «لذلك من الضروري للغاية الحصول على فهم أوضح لحالة النهر الجليدي خلال المائة عام القادمة». سيستمر الباحثون من المعهد التعاوني للبحوث في العلوم البيئية، وهو مجموعة من 100 عالم يشكلون أكبر مشروع بريطاني أميركي في القارة الجنوبية منذ 70 عاماً، في إجراء أبحاث لكشف مستقبل نهر ثويتس الغامض.