هذا المهندس يبتكر خطة طموحة لإنقاذ الشعاب المرجانية من التعير المناخي

3 دقائق
عناصر الغطس يستكشفون الحيد المرجاني العظيم في أوستراليا

يملك محمد إحساني، المهندس المدني من جامعة أريزونا، الحل للمشكلة العالمية المتمثلة بابيضاض الشعب المرجانية، وهو عبارة عن أنبوب يوصل الماء البارد إلى الشعاب المرجانية المتضررة.

يدمر ابيضاض الشعاب المرجانية الناتج عن التغير المناخي بعض أجمل الشعاب المرجانية في العالم. يقول إحساني الأستاذ المتقاعد للهندسة المدنية في جامعة أريزونا: "إن تصرفاتنا الطائشة تقتل هذه المخلوقات الجميلة التي عاشت لعشرين مليون عام. أي ميراث ثمين قد أضعناه!".

يحدث ابيضاض الشعاب المرجانية عندما ترتفع درجة حرارة مياه المحيط بشدة، فتقوم الشعاب المرجانية بطرد الطحالب الملونة التي تعيش داخل أنسجتها، وهي عملية تحوّل المرجان إلى اللون الأبيض تماماً. ويمكن للشعاب المرجانية أن تنجو من الابيضاض، ولكن ذلك يضعها تحت ضغط أكبر، ويجعلها عرضة للمزيد من الضرر وبالتالي للموت. ويمكن للشعاب الصحية والمرنة مقاومة ظروف صعبة كالابيضاض، أو التعافي منها، ولكن بشرطة عودة الحرارة بسرعة إلى الحدود الطبيعية.

ابيضاض الشعاب المرجانية في جزر المالديف
وكالة المحيط/إكس إل كاتلين سيفيو سيرفي/ ستيفاني روتش
حقوق الصورة: وكالة المحيط/ إكس إل كاتلين/ ستيفاني روتش

واقتراح إحساني بسيط، وغير مكلف ومستدام بشكل فعال. حيث سيتم استخدام الطاقة الناتجة عن أمواج المحيط لضخ المياه الباردة إلى الشعاب المرجانية المتضررة من الحرارة العالية، من خلال أنابيب متينة وخفيفة الوزن صممها إحساني.

يقول إحساني: "هناك إمدادات لا نهاية لها من المياه الباردة على بعد مسافة قصيرة في قاع المحيط. ويأتي تسخين المياه من فوق، من الشمس التي تضرب المحيط". وأوضح أن المياه السطحية تسخن أسرع من بقية مناطق المحيط.

ويضيف إحساني: "الأنابيب مصنوعة من البوليمر المقوى بالألياف، بدلاً من الخرسانة أو الصلب التي تصنع منها الأنابيب التقليدية. وهذا يسهل البناء والنقل والتركيب. وهي تشبه خرطوم المياه العادي تقريباً، ولا تخضع لأية حمولات كبيرة أو ضغوط، ويمكننا إنزالها في المحيط، كما يمكنها التعامل مع الظروف الصعبة".

كما أن هذه الأنابيب رخيصة التكلفة. يقول إحساني: "ليس من السهل استخدام التقنيات التقليدية مع الأنابيب ذات الأقطار الكبيرة، كما أنها مكلفة للغاية". ولذلك فإن أنابيب إحساني المقواة بالألياف أكثر فعالية بالنظر إلى كلفتها.

وقد قامت شركة إحساني "كويك راب" التي أسسها عام 1994 بصناعة هذه الأنابيب. وتتضمن هذه التقنية تغليف قالب من الصلب بألياف زجاجية أو ألياف كربونية على شكل أنبوب. وأثناء التغليف، يبقى الليف لزجاً ومرناً. وعند تسخينه، يتصلب وينزلق حول القالب ليشكل الأنبوب. يقول إحساني: "إن التقنية التي طورناها تمكننا من صنع أية أقطار نحتاجها".

ويعمل إحساني مع منتجات البوليمر المقوى بالألياف منذ أواخر الثمانينيات. وقد غادر العمل الأكاديمي في عام 2010 لتكريس المزيد من الوقت لشركته. وقام بتصميم منتجات أخرى تستخدمها شركات البناء لإصلاح خطوط أنابيب الضغط العالي، وأنفاق الطرق السريعة، والمنصات البحرية، والأبنية التاريخية، وغيرها. وقد نال أحد منتجاته جائزة الابتكار التي تمنحها الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين عام 2016، كأول أنابيب مستدامة وصديقة للبيئة في العالم.

إحساني يقف إلى جانب النموذج الأصلي للآلة التي تسمح بإنتاج أنابيب تركّب على الشاحنات أو القوارب.
حقوق الصورة: كويك راب

ويعمل باحثون آخرون على تطوير محولات طاقة الأمواج العائمة التي يمكنها تسخير الطاقة من أمواج المحيطات. وهذا يعني -بحسب إحساني- "أن نحصل على طاقة مجانية ونظيفة ومستمرة في وسط المحيط. وبهذا، لا داعي للقلق بشأن أخذ الكهرباء من الأرض".

ويقر إحساني بأنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله قبل أن يكون هذا النظام جاهزاً للتطبيق. حيث يجب على الباحثين حساب حجم الشعاب المرجانية، وقياس درجة حرارة المياه، وتحديد حجم الأنابيب المطلوبة. ومع ذلك يقول إحساني: "أعتقد أن هذا التصميم فيه من الجدارة ما يجعله يستحق الدعم من أحد ما".

ويأمل إحساني في جذب اهتمام المسؤولين الأوستراليين بمشروع تجريبي في الحِيد المرجاني العظيم. ويقول العلماء إن الحيد المرجاني الذي يشكل ثروة وطنية لأوستراليا، قد عانى من الموت المكثف للشعاب المرجانية والأضرار الناجمة عن الابيضاض. والحِيد المرجاني العظيم هو أكبر نظام بيئي للشعاب المرجانية في العالم. ويتألف من أكثر من 3000 من الشعاب المرجانية، ويساهم في الاقتصاد الأوسترالي بأكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً.

وفي حين أن إحساني لم يتصل بالمسؤولين الأوستراليين مباشرة، ولكنه تواصل مع العلماء الأوستراليين على أمل التعاون معهم. يقول: "إنني آمل فى أن تصل أنباء ما نقوم به الى الأشخاص المناسبين الذين يرغبون بالنظر فى هذا القضية".

ويقوم العلماء بالبحث في عدد من الحلول للحفاظ على الشعاب المرجانية. ويأمل فريق من الباحثين الأوستراليين في إجراء هندسة وراثية للطحالب الدقيقة الموجودة في الشعاب المرجانية لتعزيز تحملها لاحترار المحيط.

يقول إحساني: "إنه لأمر يبعث الأسى حقاً أن ننظر إلى الشعاب المرجانية التي أصابها الابيضاض. إنها تموت بالفعل. إنه كوكبنا ، ونحن نقوم بالعبث به ولا نعتني به كما يجب. وعلينا التزام أخلاقي تجاهه بأن نحاول إعادة الشعاب المرجانية إلى وضعها الأصلي وإيقاف تدميرها".

المحتوى محمي