هذه الجزيرة النائية في المحيط الهادي الجنوبي مغطاة بــ18 طناً من نفاياتنا

2 دقائق
لطالما عدت جزيرة هندرسون واحدة من أبعد الجزر وأكثرها نظافة في العالم، ولكن النفايات التي تظهر على شاطئها باتت تحولها إلى مكب للنفايات.

لو رغبت في السفر إلى هذه الجزيرة بالسفينة فستستغرق رحلتك 13 يوماً لتصل إليها لو انطلقت من نيوزلندا. فجزيرة هندرسون النائية تختبئ في عمق المحيط الهادئ الجنوبي على بعد 3000 كم من أقرب نقطة انطلاق، وهي أحد جزر البتكيرن التي أدرجت في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتعد واحدة من "أنظف الجزر المتبقية في العالم، التي لم يقطنها البشر، ونادراً ما يزورها أحد حتى لأغراض بحثية" على حد تعبير الباحثة جينيفر ليفرز.

فحين قدمت جينيفر مع زملائها إلى جزيرة هندرسون في شهر مايو 2015 للقيام ببعض الأبحاث البيئية لم تشهد هي وفريقها قدوم أي سفينة أخرى إلا حين عاد مركبهم ليعود بهم من حيث أتوا في نهاية شهر أغسطس. لكن وبالرغم من ندرة زيارة البشر لهذه الجزيرة، إلا أن آثارنا قد وصلتها وطغت عليها. فخلال فترة إقامتهم هناك، وجدت ليفرز وزملاؤها الباحثون أن هذه الجزيرة البعيدة ليس موطناً وحسب لطائر النوء والسلحفاة البحرية المعششة المهددين بالانقراض، ولكن ستجد فيها أيضاً 37.661.395 قطعة من نفايات الإنسان.

وقد نشرت نتائج البحث في مجلة (Proceedings of the National Academy of Science) وذلك بعد أن نبشوا كميات تثيرة الحيرة من كثرتها من النفايات خلال مرحلة البحث على شاطئ الجزيرة. وقد توصل كل من ليفرز (وهي باحثة في علم السموم البحرية في جامعة تاسمينيا)، وألكسندر بوند (عالم حماية البيئة من الجمعية الملكية لحماية الطيور) إلى أن هذه الجزيرة النائية تعاني من أعلى كثافة من النفايات مقارنة بأي مكان آخر معروف في العالم. ووفقاً لحسابات هؤلاء الباحثين، فإن في جزيرة هندرسون 17.6 طن على الأقل من النفايات (معظمها من البلاستيك)، وكل متر مربع من شاطئها يتلقى حوالي 27 قطعة جديدة من النفايات كل يوم.

ديفيد بارنز، وهو عالم أحياء يدرس نفايات البلاستيك في مؤسسة (British Antarctic Survey)، وصف هذا الرقم بأنه "مرعب جداً". وعبر أقل من قرن من الزمن تسبب البلاستيك بقدر هائل من التغيرات بصور عديدة، حتى أننا نحتاج قروناً كي نتخلص من بعض المشاكل الخطيرة جداً من التلوث بالبلاستيك، هذا لو بدأنا الآن. يضيف بارنز: "من المؤسف أنه حتى تلك البقع النائية من الطبيعة قد باتت شاهداً على فداحة هذه المشكلة، والتي لا تهدد التنوع الحيوي وحسب بل والبشر كذلك".

والأمر الأكثر رعباً هو أن هذه النفايات التي تظهر على شاطئ جزيرة هندرسون ويبلغ حجمها 17.6 طن تكاد لا تمثل شيئاً من مجموع النفايات على سطح الأرض. فالبشر يخلقون هذا القدر من النفايات كل ثانيتين فقط. وهنالك 5 تريليونات من قطع البلاستيك التي يقدر أنها تملأ محيطاتنا، ولكننا لا نعرف أين ينتهي بها المطاف. وهذه الدراسة تشير إلى أن هذه الجزر البعيدة عنا مثل جزيرة هندرسون قد تكون وجهة بعض هذه الكميات الهائلة من البلاستيك، حتى باتت مكبات نفاية دون أن نعرف ذلك.

مئات من حيوانات السلطعون على جزيرة هندرسون، كهذه التي تظهر في الصورة، تتخذ من بقايا البلاستيك بيوتاً لها

ويخبرنا بارنز: "مثل هذه الدراسات البعيدة تساعدنا على فهم معدلات تراكم الملوثات البلاستيكية وتركيبها ومصيرها". وعلى الرغم من أن كميات القمامة التي تلقيها مياه المحيطات على الشاطئ تختلف من مكان إلى آخر، إلا أن ليفرز وبوند يأملان أن يساعد إجراء المزيد من الأبحاث على هذه الشواطئ على كشف المزيد من الأسرار المتعلقة بفضلات البلاستيك. كما أن هذا الدراسات أرخص من تحليل رقع النفايات الضخمة في المحيطات. تقول ليفرز: "إن أثر الإنسان قد وصل إلى كل مكان، وهو أثر أعمق مما يتصوره غالبية الناس".

المحتوى محمي