عندما نفكر في التسميد، نميل إلى التفكير في مقالب قمامة هائلة مليئة بكل ما لم نتناوله على العشاء، حيث تمزج معاً في تركيبة ترابية ذات رائحة كريهة يبدو أن لها حياة خاصة بها. ولكن التسميد في أبسط مستوياته الأساسية، هو ببساطة تفكيك أي مادة عضوية. وهو قد يحدث سواء كنت تدرك ذلك أم لا، في سلة المهملات البلاستيكية في مطبخك.
تكريماً ليوم الأرض، لنأخذ هذا بعين الاعتبار: في دراسة حول كفاءة السماد المنزلي، كان لدى الباحثين عدد من حالات التسميد المنزلي لمدة عام كامل، وتم فيها تتبع النفايات التي تم تركها. ووجد الباحثون أن التسميد، في المتوسط، وفر حوالي مائة كليوجرام من النفايات لكل شخص في السنة. وكان من الممكن أن تذهب تلك النفايات إلى مقالب القمامة أو إلى مرفق آخر لمعالجة القمامة. ويقول الباحثون إن نتائج الدراسة تظهر أن النفايات العضوية التي يمكن وضعها في القمامة عادة يمكن خفضها بأكثر من 80 في المائة.
ولكن إذا كانت المادة العضوية دائماً ما تتحلل، فلماذا سيختلف الأمر إن حدث ذلك فوق الأرض أو تحت غطاء مقلب للقمامة؟ عندما يتحلل الطعام في مقلب القمامة، فإن ذلك يحدث تحت الأرض. وهذا يعني أنه ليس لديه أي وصول إلى الأكسجين، ويخضع لعملية تسمى التحلل اللاهوائي، الأمر الذي يؤدي إلى إطلاق غاز الميثان، وهو غاز دفيئي يساهم في التغير المناخي. وعندما تتحلل المادة العضوية فوق الأرض (في التسميد)، فإن لديها القدرة على الوصول إلى الأوكسجين، وبالتالي تتحلل بالتحلل الهوائي، الذي لا يولد الميثان.
إذا كنت تعتقد أن التسميد هو نشاط غير نطيف ومزعج، فهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. فهو يمكن أن يكون ممتعاً حقاً، مثل تجربة علمية كبيرة. وإليك كيفية البدء:
اختر طريقة
هناك العديد من الاختلافات حول التسميد، وأفضلها يعتمد على المكان الذي تعيش فيه -هل هو شقة أو منزل مع فناء خلفي - ومستوى المشاركة الذي تريده فيه.
التسميد في شقة صغيرة
إذا كانت فسحة المعيشة في شقتك قد تم اختزالها، فقد تعتقد أن التسميد هو خارج حساباتك. ولكن هناك طريقتان سهلتان للتسميد داخل البيوت. تدعى إحداها التسميد بالديدان، وهو - كما يوحي اسمه- يوظف مساعدة الديدان لتفكيك المادة العضوية. يقدم هذا الموقع تعليمات رائعة خطوة بخطوة حول كيفية بدء إحدى تجارب التسميد بالديدان، ولكن الفكرة بسيطة: أحضر سلة ذات غطاء، املأها بالتربة بالديدان الحمراء، وقم بتفريغ المادة العضوية فيها. سوف تعمل الديدان على تفكيك القمامة إلى شيء يسمى السبائك، وهي غنية جداً بالعناصر المغذية. ثم يمكنك زرع السبائك داخل النباتات المحفوظة في الأوعية أو داخل حديقة صغيرة.
وهناك طريقة أخرى شائعة لأماكن المعيشة الضيقة والتي تسمى "بوكاسي"، والتي نشأت في اليابان، وهي تستخدم بادئاً من كائنات دقيقة محددة تفكك المادة العضوية. وكما هو الحال مع طريقة التسميد بالديدان، تحتاج إلى شراء بادئ من هذه الكائنات الدقيقة، ولكن بعد ذلك، من السهل الحفاظ عليها. يمكنك حتى إضافة منتجات الألبان واللحوم إلى السماد، أما الرائحة الناتجة فهي - وفقاً لمستخدمي طريقة بوكاسي- ضئيلة.
التسميد لشخص لديه في بيته فناء خلفي
إذا كنت تعيش في الضواحي أو الريف (أو أي مكان خارج المدينة)، فإن التسميد يصبح أسهل قليلاً. ولكن يبقى أمام مالكي البيوت ذات الفناء خياران رئيسيان للاختيار بينهما: الحار والبارد.
إذا كنت تبحث عن طريقة للتسميد لا تحتاج إلى الكثير من العمل، فالخيار البارد مناسب لك. قم بإنشاء منطقة مغلقة، أو اختر بقعة لا تقترب منها كثيراً، وقم بتجميع كل أوراق الشجر، والنفايات الناتجة في الفناء، والأعشاب التي لديك في كومة واحدة. انتظر من ستة أشهر إلى عامين (قم باستمرار بإضافة أشياء جديدة وتقليبها بمشط الزراعة أو بمجرفة) وسوف تتحلل في النهاية.
إذا كنت لا ترغب في الانتظار ولكنك ترغب في المزيد من العمل، جرّب الطريقة الحارة. في هذه الطريقة، تحتاج إلى النوع المناسب من المواد "البادئة". ويتطلب هذا الأمر توازناً بين المكونات الغنية بالكربون والمكونات الغنية بالنيتروجين. ويعتبر الورق والأغصان وأوراق الشجر غنية بالكربون في حين أن العشب والقهوة والشاي والفواكه والخضروات غنية بالنيتروجين. المزيج الصحيح أمر أساسي، حيث يجب أن يكون لديك كمية من الكربون أكبر بكثير من كمية النيتروجين. وبمجرد أن يصبح لديك ما يكفي من المواد لملء كومة بأبعاد 90 سم في 90 سم، ابدأ بإضافة المادة العضوية. وستبدأ الكائنات الدقيقة الموجودة بداخلها عملها فوراً. وسيستمر ارتفاع حرارة المزيج في البداية (وهي علامة جيدة)، ولكن بعد حوالي شهر، سوف يبرد وتكتمل عملية التسميد عند نصف درجة الحرارة تلك تقريباً. ويستغرق الأمر بضعة أشهر، لكن العملية ستنتج تربة غنية بالمغذيات يمكنك استخدامها في جميع أنحاء حديقتك.
دع شخصاً آخر يقوم بالتسميد
إذا لم يكن لديك الوقت للقيام بأي من هذه الأعمال، فلا تقلق. لا يزال بإمكانك القيام بدورك. غالباً ما تقوم المزارع المحلية وحتى أسواق المزارعين بجمع مواد التسميد أسبوعياً -أو وفقاً لجدول زمني منتظم - وفي بعض الأحيان ستقوم بذلك مجاناً. إذا اخترت هذا الطريق، فقم بجمع كل النفايات القابلة للتسميد (والتي تشمل فضلات الفاكهة والخضار، وقشور البيض، وأوراق الشاي المستعملة، ورواسب القهوة) في حقيبة جمّادة كبيرة قابلة لإعادة الاستخدام. وسيبعدها هذا عن كل شيء آخر في مطبخك، وسيمنعها من جذب الحشرات والروائح.
وعندما تعتاد هذا العمل، يمكن أن يصبح التسميد إدماناً، ويصبح أقرب إلى النشاط الترفيهي منه إلى العمل اليومي. وحتى لو لم يصبح هوايتك المفضلة، فهو عمل يمكنك القيام به يومياً لمساعدة هذا الكوكب. يوم أرض سعيد، وتسميد موفق نتمناه لك.