كيف يؤثر التغير المناخي على معدل انتشار الجفاف؟

كيف يؤثر التغير المناخي على معدل انتشار الجفاف؟
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تتجه أنظار العالم اليوم نحو مشكلة التغير المناخي التي تؤثر على حياة الإنسان وغيره من المخلوقات، وتمتد آثارها لتشمل الجفاف. وفي هذا الصدد، تُشير دراسة، أجرتها مجموعة بحثية من الصين والولايات المتحدة، إلى أنّ ارتفاع درجة الحرارة في الغلاف الجوي نتيجة التغير المناخي، يتسبب في تسريع انتشار الجفاف، ونُشرت الدراسة في دورية “نيتشر كوميونيكيشن” (Nature Communication) في 3 مارس/آذار 2022. 

ما هو الجفاف؟ 

هو تعرّض منطقة ما إلى نقص هطول المطر خلال فترة زمنية قد تستمر لأسابيع أو شهور أو سنوات أو عقود، وهذا يعني حرمان المنطقة المعرضة للجفاف من مصادر المياه المتنوعة سواء كانت مياه المطر أو الثلج أو الصقيع وغيرها، وتقل مستويات المياه في البحيرات والخزانات، ما يؤدي في النهاية إلى نقص المياه. وكلما ازدادت فترة الجفاف، عانى الناس من الآثار الضارة له، وتؤدي في النهاية إلى انخفاض رطوبة التربة وتلف المحاصيل. 

حالات الجفاف المفاجئ

عادةً ما تحدث عملية الجفاف ببطء نتيجة نقص كمية الأمطار على مدار فترات زمنية طويلة، لكن أشارت الدراسة الأخيرة المنشورة في “نيتشر كوميونيكيشن” إلى أنّ موجات الجفاف المفاجئة تنتشر بسرعة أكبر خلال العقدين الماضيين، ففي الغالب، كنا نسمع عن الفيضانات المفاجئة، لكنها المرة الأولى التي تحدث فيها حالات الجفاف المفاجئ، حتى إنّ هناك بين 33- 46% من حالات الجفاف المفاجئ ظهرت خلال 5 أيام فقط. 

استخدم الباحثون بيانات المناخ حول العالم بين عامي 2000 إلى 2020، ولاحظوا ازدياد معدل الجفاف بمرور الوقت، ففي العادة، تنتشر موجات الجفاف خلال 5 إلى 6 أشهر، لكنها أصبحت أسرع من أي وقت مضى، ولاحظوا الآتي: 

  • تحدث 33.64- 46.18% من حالات الجفاف المفاجئ خلال 5 أيام فقط، ما يُصعب عملية رصد الجفاف. 
  • ما يزيد عن 30% من حالات الجفاف السريع تحدث خلال 5 أيام فقط، مع معدل تكثيف عالٍ. 
  • تحدث أكثر من 70% من حالات الجفاف السريع خلال نصف شهر. 

تحدث حالات الجفاف المفاجئ في المناطق الرطبة وشبه الرطبة، من ضمنها: شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وشرق أميركا الشمالية وجنوب أميركا الجنوبية. وقد لُوحظت أيضاً في وسط الولايات المتحدة الأميركية بين عامي 2012- 2013 والصين وأستراليا وبعض دول إفريقيا. وتقترح الدراسة مراقبة معدل التكثيف السريع، ما يساعد في رصد حالات الجفاف المفاجئ والتنبؤ بها بسرعة. 

أسباب حدوث الجفاف 

تتنوع الأسباب المؤدية إلى موجات الجفاف من ضمنها ما يلي: 

أسباب طبيعية 

قد يحدث الجفاف بصورة طبيعية دون تدخل البشر نتيجة التغيرات الحاصلة في أنماط الطقس بسبب اختلافات في كميات الرطوبة والحرارة في الجو والبحر والبر، هذا بدوره يغير كيفية هطول الأمطار حول العالم، وبالتالي يؤثر في أنماط الطقس. 

تدهور التربة وإزالة الغابات 

يؤدي الاستخدام المكثف للأراضي الزراعية إلى جفاف التربة بسرعة أكبر من المعتاد، وتقل كمية المياه المتاحة لإتمام عملية الزراعة. ومع إزالة الأشجار والغابات، تقل كمية بخار الماء التي تطلقها الأشجار والنباتات إلى الغلاف الجوي في شكل رطوبة، وهذا بدوره يتسبب في عدم اتزان دورة المياه، ما يجعل بعض المناطق أكثر عرضة للجفاف.

ارتفاع الطلب على المياه 

بدأت الحضارة الإنسانية تزامناً مع قيام الزراعة بعد أن انتقل الإنسان من الصيد إلى الاستقرار والزراعة، ومع مرور الوقت، زاد الطلب على المياه نتيجة الزيادة السكانية، ما خلق حاجة إلى المزيد من الغذاء للإنسان والماشية وغيرهما من الكائنات الحية، فاضطر البشر لاستخدام الممارسات الزراعية المكثفة، ما أدى إلى زيادة الضغط على الموارد المائية وانتشار الجفاف.  

أشارت دراسة، أجرتها مجموعة بحثية من هولندا إلى ازدياد استهلاك البشر للمياه بين عامي 1960- 2010 في قارة أميركا الشمالية بنسبة 25 % بسبب نقص هطول المطر، ما يؤدي إلى زيادة استهلاك مياه الأنهار والمياه الجوفية، هذا بدوره يؤثر على كمية الموارد المائية على المدى البعيد، ونُشرت الدراسة في سبتمبر/أيلول 2013 في دورية “إنفايرومنتال ريسيرش ليترز” (Environmental Research Letters). 

التغيرات المناخية 

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى: 

  • جعل المناطق الرطبة أكثر رطوبة: وهذا يعني أنّ الهواء الدافئ في المناطق الرطبة يُحمّل بالمزيد من المياه، فيزداد معدل هطول الأمطار.
  • المناطق الجافة تصبح أكثر جفافاً: حيث يتبخر الماء بسرعة أكبر، فيزداد جفاف تلك المناطق. 

الاحتباس الحراري 

عادةً ما ترتبط درجات الحرارة العالية بالغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي والمنبعثة نتيجة الأنشطة البشرية، وهي تؤدي إلى ارتفاع معدل التبخر، وانخفاض معدل هطول الأمطار وبالتالي الجفاف. 

إنّ عملية الجفاف واحدة من أخطر الظواهر، فوفقاً لـ “منظمة الصحة العالمية (WHO)“، يتأثر 55 مليون شخص حول العالم بالجفاف كل عام، ويزداد خطر الوفاة والأمراض وندرة المياه بنسبة 40%، وبحلول 2030، سيتعرض 700 مليون شخص حول العالم لخطر النزوح، ما يجعل الجفاف مشكلة كبيرة تستحق المجهود والوقت للتعامل معها وتخفيف وطأتها.