ما تأثير التغير المناخي في المحيطات؟

ما تأثير التغير المناخي في المحيطات؟
الشمس تلقي بأشعتها على المحيط. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعطينا دراسة محيطات كوكب الأرض الكثير من المعلومات عن صحة هذا الكوكب ككل، وخصوصاً في ظل التغير المناخي. وفقاً للعديد من الدراسات، تبين المؤشرات الأساسية على آثار التغير المناخي في المحيطات أن حالتها تزداد سوءاً. يمكن قياس آثار التغير المناخي في المحيطات من خلال 3 مؤشرات، وهي ارتفاع درجة حرارة المياه، والتفاوتات في درجة الملوحة (أي المقارنة بين درجات الملوحة والعذوبة)، وظاهرة انفصال المياه إلى طبقات التي تحمل اسم تطبّق مياه المحيط. تبين هذه المؤشرات أن هناك حاجة إلى اتخاذ الإجراءات لإنقاذ المحيطات سريعاً.

مؤشرات حاسمة آخذة بالتزايد

وفقاً لدراسة نُشرت بتاريخ 11 يناير/ كانون الثاني 2023 في مجلة أدفانسز إن أتموسفيريك ساينس (Advances in Atmospheric Science)؛ يبدو أن معدلات كل من درجة حرارة المحيطات وتفاوت الملوحة وتطبق المياه مستمرة بالتزايد. وتبين الدراسة أنه من الضروري وضع توقعات أدق لهذه التغيرات من أجل التحضير للظروف المناخية المتطرفة في المستقبل.

وجد مؤلفو الدراسة أن المحتوى الحراري للمحيط في المياه التي تتراوح أعماقها بين 0 و2,000 متر حطم الأرقام القياسية في عام 2022، وأنه تمت إضافة نحو 10 زيتا جول من الحرارة إلى المحيطات في هذا العام، والزيتا جول هي إحدى الوحدات المستخدمة لقياس العمل، أو في هذه الحالة، الحرارة. يبلغ مقدار العمل المتطلب لرفع تفاحة واحدة لمسافة متر واحد عن سطح الأرض 1 جول، وتساوي كمية الحرارة السابقة 2210 ضعف هذه الكمية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن توفر دراسة الأساطير الجيولوجية رؤى جديدة حول التغير المناخي؟

تلخّص الدراسة الجديدة مجموعتيّ بيانات من قاعدة بيانات معهد فيزياء الغلاف الجوي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم والمراكز الوطنية للمعلومات البيئية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي؛ التي تحلل أرصاد المحتوى الحراري للمحيط وآثار ارتفاع درجات الحرارة منذ خمسينيات القرن الماضي. وفقاً للمؤلفين؛ تبين مجموعتا البيانات أن المحتوى الحراري للألفيّ متر العلوية من المياه في المحيطات وصل إلى رقم قياسي في عام 2022.

ازدياد في شدة الدورة المائية

قال الباحث في معهد فيزياء الغلاف الجوي والمراكز الوطنية للمعلومات البيئية والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، ليجينغ تشينغ (Lijing Cheng)، في بيان صحفي: “الاحتباس الحراري مستمر وتتجلّى آثاره في الارتفاع الكبير في حرارة المحيطات وفي التفاوتات الشديدة في درجة الملوحة. تبين هذه التفاوتات أن المناطق المالحة من المحيطات تصبح أكثر ملوحة، بينما تصبح المياه العذبة أكثر عذوبة؛ ما يؤدي إلى ازدياد مستمر في شدة الدورة المائية”.

قد تكون تبِعات ضخ الحرارة في المحيط خطِرة للغاية، وهي تتضمن ازدياد شدة الأعاصير ومستويات رطوبتها؛ كما يمكن أن تظهر هذه التبعات بسرعة كبيرة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ازدياد كل من ملوحة المحيطات وتطبق المياه فيها إلى تغيير طرائق تبادل الكربون والأوكسجين والحرارة بين المحيط والغلاف الجوي. يؤدي هذا التغير إلى فقدان المياه للأوكسجين، وهي ظاهرة تحمل اسم إزالة أوكسجين المحيطات وتتسبب في الضرر لأشكال الحياة البحرية والبرية. يمكن أن يؤدي انخفاض أعداد الأسماك في المحيطات إلى تضرر المجتمعات التي تعتمد على صيد الأسماك اقتصادياً.

اقرأ أيضاً: التغير المناخي فاقم الجفاف بمقدار 20 مرة على الأقل

زيادة في فترات الجفاف أيضاً

قال الباحث في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي وجامعة أوكلاند والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، كيفن ترينبيرث (Kevin Trenberth) في بيان صحفي: “يعاني بعض المناطق من ازدياد وتيرة فترات الجفاف؛ ما يزيد خطر حدوث حرائق الغابات. كما تعاني مناطق أخرى من فيضانات هائلة نتيجة لغزارة الأمطار، والناجمة في أغلب الحالات عن ازدياد معدل تبخّر المياه من المحيطات. يسهم ذلك كله في إحداث تغيّرات في الدورة المائية ويؤكّد الدور التفاعلي الذي تؤديه المحيطات”.

يسهم ارتفاع كل من درجات حرارة المحيطات ودرجة ملوحتها في زيادة اختلاط المياه بدلاً من انفصالها في طبقات، ويُعتبر ذلك واحداً من العوامل العديدة التي تتسبب في اضطراب التوازن الحساس بين المحيطات والغلاف الجوي.

يقول المؤلفون إن التتبع المستمر لدورات الأرض والتغيرات التي تطرأ عليها سيساعد العلماء على وضع الاستراتيجيات تحضيراً لعواقب التغيرات في الدورة المائية وفي المحيطات التي ترتفع درجة حرارتها باستمرار.

اقرأ أيضاً: كيف يؤدي التغير المناخي إلى فقدان المحيطات لذاكرتها؟

وقال أستاذ علوم الغلاف الجوي في جامعة بنسلفانيا والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، مايكل مان (Michael Mann) في بيان صحفي: “تمتص المحيطات معظم كمية الحرارة الناجمة عن انبعاثات الكربون التي يتسبب فيها البشر”. وأضاف: “سيستمر ارتفاع درجة حرارة المحيطات ريثما نحقق صافي الانبعاثات الكربونية الصفرية؛ كما أن المحتوى الحراري للمحيطات سيستمر في التزايد وتحطيم الأرقام القياسية مثلما حدث في عام 2022. تُعتبر زيادة الوعي بهذه المشكلة بالإضافة إلى الوصول إلى فهم أفضل للمحيطات أساس الإجراءات التي يجب اتخاذها لمكافحة التغير المناخي”.