ما هي إيجابيات تغير المناخ؟

3 دقيقة
ما هي إيجابيات تغيّر المناخ؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ studiovin
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مَن لم يسمع بأزمة تغير المناخ وتأثيراته السلبية المدمرة؟ مَن لم يسمع تحذيرات العلماء حول ما قد يحصل من عواقب، كالمدن التي ستغرق تحت البحار، والفيضانات الكارثية، وموجات الحر والجفاف، وحرائق الغابات الشديدة، وتدهور التنوع البيولوجي؟ لكن، هل سمعت من قبل بإيجابيات التغير المناخي؟ وكيف يعقل أن يكون لأزمة المناخ المرعبة هذه جانب إيجابي؟ هذه المرة، سننظر إلى الموضوع من وجهة نظر مختلفة، قراءة مفيدة. 

ما هي أزمة التغير المناخي؟

وفقاً للأمم المتحدة، فإنّ تغير المناخ هو “التحوّل طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس”، وقد يحدث هذا التحول بشكل طبيعي كأن ينتج عن تغيرات الدورة الشمسية، أو غير طبيعي كتغيّر المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية، إذ ومنذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لأزمة تغيّر المناخ، والناتجة أساساً عن حرق الوقود الأحفوري كالفحم والغاز والنفط.

حيث ينتج عن حرق الوقود الأحفوري والأنشطة البشرية الزراعية والصناعية انبعاث غازات الدفيئة إلى الجو، مثل ثاني أوكسيد الكربون والميثان اللذين يعملان كبطانية تحيط بالأرض، فالأرض التي تحصل على طاقتها من الشمس نهاراً، تعيد إشعاع هذه الطاقة ليلاً. وهنا، تمتص غازات الدفيئة هذه الطاقة وتعيدها إلى الأرض مرة أخرى، ما يؤدي إلى رفع درجة حرارة الغلاف الجوي، ما يُعرف بالاحتباس الحراري.

ونتيجة لهذه الانبعاثات المستمرة، فقد أصبحت الأرض أدفأ بنحو 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه في القرن التاسع عشر، ومن المتوقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض بمعدل 3.2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. هذا الارتفاع في درجة الحرارة الناتج عن غازات الدفيئة ما هو إلّا جزء من التغير المناخي، وهو البداية فقط. فالأرض عبارة عن نظام متصل، والتغييرات التي قد تحصل في مكان على الكوكب سرعان ما ستؤثر على جميع المناطق الأُخرى.

إيجابيات التغير المناخي

على المدى القصير ولفترة محدودة من الوقت، قد ينتج عن تغير المناخ بعض الآثار الإيجابية والتي قد تخلق فرصاً جديدة لبعض القطاعات والصناعات. من هذه الفوائد قصيرة الأجل:

تأثير إيجابي على إنتاجية ونمو النباتات

يعزز ثاني أوكسيد الكربون إنتاجية النبات، حيث يؤدي ارتفاع مستواه في الغلاف الجوي إلى زيادة التمثيل الضوئي في النباتات، وذلك نتيجة التخصيب بثاني أوكسيد الكربون أو ما يعرف بـ”تأثير التسميد بالكربون”، حيث وجدت دراسة منشورة في دورية “نيتشر” (Nature)، أنّ التمثيل الضوئي السنوي للنباتات على مستوى العالم قد زاد بين عاميّ 1981 و2020 بنسبة 12%، وذلك بالتزامن مع ارتفاع مستويات CO2 في الغلاف الجوي 17%.

بالإضافة إلى ذلك، تؤدي زيادة التمثيل الضوئي الناتجة عن ارتفاع مستوى CO2 إلى زيادة نمو بعض النباتات، حيث وجدت دراسة منشورة في دورية “بيولوجيا التغيّر العالمي” (Global Change Biology)، أنّه واستجابة لارتفاع مستوى CO2 في الجو، زادت الكتلة الحيوية للنباتات بنسبة 21.5% للقسم الموجود فوق الأرض، و28.3% للقسم الموجود تحت الأرض.

نتيجة لذلك، قد تزداد غلة بعض المحاصيل مثل القمح وفول الصويا والأرز بنسبة 12 إلى 14%، بينما قد لا يؤثّر ارتفاع مستوى CO2 على نمو بعض الأعشاب الاستوائية وشبه الاستوائية وبعض المحاصيل المهمة مثل الذرة وقصب السكر والدخن وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه وفي ظل وجود تركيزات مرتفعة من CO2، سوف تستخدم النباتات كمية أقل من المياه خلال عملية التمثيل الضوئي، حيث تحتوي النباتات على ثغور أو مسام تسمح بامتصاص CO2 وإطلاق الرطوبة إلى الغلاف الجوي، وعندما ترتفع مستويات CO2، تستطيع النباتات الحفاظ على معدل تمثيل ضوئي مرتفع مع إغلاق المسام جزئياً، ما يقلل من فقدان المياه من النبات بنسبة تتراوح بين 5 و20%، والحفاظ على هذه المياه في التربة والجداول.

لكن وعلى الرغم من هذه التأثيرات الإيجابية على النبات، فإن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك، لأنّ تغير المناخ سيؤثّر على عوامل أخرى حاسمة لنمو النباتات مثل العناصر الغذائية ودرجة الحرارة والمياه.

اقرأ أيضاً: إليك 8 أطعمة ستختفي نتيجة التغير المناخي

موسم نمو أطول وأكثر دفئاً

على المدى القصير، قد يستفيد المزارعون في بعض المناطق والدول الباردة من التغير المناخي وارتفاع درجة الحرارة، بحيث يبدأ الربيع في وقت أبكر ويكون موسم الزراعة أدفأ وأطول. بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض تساقط الثلوج، قد يتيح زراعة الكثير من الأراضي التي كانت مستحيلة سابقاً في ظل تراكم الجليد والثلوج فيها، مثل السويد والدنمارك وفنلندا وغيرها. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الميزة هي سلاح ذو حدّين، فالظروف الأكثر دفئاً ستزيد أيضاً من الآفات الحشرية والأعشاب الضارة.

أمراض أقل في الشتاء

قد تشهد بعض البلدان التي تعاني عادةً من شتاء قارص البرودة انخفاضاً في الوفيات المرتبطة بالطقس الجليدي المستمر، وذلك بالتزامن مع استمرار الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الكوكب. غالباً، ما تكون الوفيات المرتبطة بالبرد أكثر وضوحاً عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي كالأطفال وكبار السن.

ممرات شحن جديدة

نتيجة لتغيّر المناخ وارتفاع درجة الحرارة، فإن الكثير من جليد القطب الشمالي يذوب على نحو متزايد، وهذا التقلص المتسارع في الكتل الجليدية سيجعل العديد من المناطق المغطاة بالجليد سابقاً مناطق مائية مفتوحة، ما سيؤثر بشكل إيجابي على حركة التجارة، ويفتح العديد من ممرات الشحن البحري في الشمال، التي ستسهّل عمليات نقل النفط من النرويج وروسيا إلى الأسواق العالمية وما إلى ذلك.

اقرأ أيضاً: هل هناك أمل في إنقاذ غابات الأمازون أم سبقنا التغير المناخي؟

ختاماً، أياً كانت إيجابيات التغير المناخي، إن بقي الإنسان مستمراً في نهجه هذا تجاه البيئة، واستمر انبعاث غازات الدفيئة بالمعدّل ذاته، فإنّ السلبيات والعواقب الناتجة عن تغير المناخ سوف تفوق كل الإيجابيات قصيرة الأجل، دون أن ننسى أنّ أي تغير جوهري في المناخ سواء كان أكثر دفئاً أو برودة، سيكون تحدياً هائلاً للبنية التحتية المجتمعية التي تطوّرت في ظل المناخ الحالي.