هل توجد جبال بباطن الأرض؟

هل تحتوي المناطق القريبة من نواة الأرض على الجبال؟
Edward Garnero and Mingming Li at Arizona State University
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن أن تحتوي المنطقة العميقة بين نواة الأرض ووشاحها على طبقة رقيقة ولكنها كثيفة من قاع المحيط الغارق. بحث العلماء في دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 5 أبريل/ نيسان 2023 في مجلة ساينس أدفانسس (Science Advances) عن أدلة تبين وجود محيط دُفن منذ زمن طويل من خلال تصوير الطبقات الداخلية للأرض على نطاق عالمي باستخدام تقنية تحمل اسم التصوير الزلزالي.

تقع المنطقة الحدودية بين وشاح الأرض الصخري والنواة الخارجية المعدنية المنصهرة على عمق نحو 3,200 كيلومتر تحت سطح الأرض. اكتشف العلماء سابقاً أدلة تبيّن احتمالية وجود قاع محيط في المنطقة الحدودية بين النواة والوشاح في مناطق معزولة فقط. ولكن تبين الدراسة الجديدة أن هذه الطبقة من قاع المحيط تغطّي في الواقع جزءاً واسعاً من المنطقة الحدودية السابقة الذكر.

اقرأ أيضاً: لماذا يتباطأ دوران نواة الأرض الداخلية وهل هناك خطر على كوكبنا؟

تركيب المنطقة الحدودية بين نواة الأرض ووشاحها

يعتبر تحديد تركيب المنطقة الحدودية بين نواة الأرض ووشاحها على نطاق واسع صعباً لأنها عميقة للغاية. استخدم مؤلفو الدراسة الجديدة، وهم باحثون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، شبكة تتألف من 15 جهاز قياس للزلازل موزعة عبر شمال غرب القطب الجنوبي، وجمعوا البيانات لمدة 3 أعوام. تمسح مقاييس الزلازل في الشبكة الأمواج الزلزالية الأرضية لتشكيل صورة للطبقات العميقة للأرض، بنفس الطريقة التي يمسح بها جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي جسم الإنسان لتشكيل صورة لما داخله.

لاحظ الباحثون أن الأمواج الزلزالية تباطأت عندما اصطدمت بطبقة معينة في المنطقة الحدودية بين النواة والوشاح. تتراوح سماكة هذه الطبقة بين 4.8 و40 كيلومتراً، ما يجعلها رقيقة للغاية من حيث التركيب الكوكبي. نظراً لأن الأمواج الزلزالية تباطأت في هذه الطبقة، فقد صنّف الباحثون هذه الأخيرة على أنها من مناطق السرعة البالغة الانخفاض. من المحتمل أن تكون هذه المناطق غُمرت تحت سطح الأرض منذ ملايين السنين عندما تغيّرت مواقع الصفائح الأرضية، وهي أكثف من باقي المناطق في عمق وشاح الأرض. تشبه هذه المناطق “جبالاً” موزعة على طول المنطقة الحدودية بين النواة والوشاح، وتتراوح ارتفاعاتها بين أقل من 4.8 كيلومترات إلى أكثر من 40 كيلومتراً.

جبال في باطن الأرض

قال عالم الجيوفيزياء في جامعة ولاية أريزونا، إدوارد غارنيرو (Edward Garnero)، في بيان صحفي: “وجدنا بتطبيق آلية التصوير العالية الدقة وتحليل آلاف التسجيلات الزلزالية من القطب الجنوبي طبقات شاذة من المواد في [المنطقة الحدودية بين النواة والوشاح] في كل مكان مسحناه. تتراوح سماكة هذه المواد بين بضعة كيلومترات وعشرات الكيلومترات. يشير ذلك إلى أن هذه المواد هي عبارة عن جبال موجودة على نواة الأرض يصل ارتفاع بعضها إلى 5 أضعاف من ارتفاع جبل إفريست”.

اقرأ أيضاً: محيط تحت القشرة الأرضية قد يكشف سر قدرة الأرض على إيواء الحياة

وفقاً للدراسة الجديدة، قد تؤدي هذه القمم تحت الأرضية دوراً حاسماً في الطريقة التي تتسرّب وفقها الحرارة من نواة الأرض. تتسبب نواة الأرض بتشكّل الحقل المغناطيسي الأرضي، كما يمكن أن ينقذف بعض المواد منها إلى سطح الأرض خلال الثورانات البركانية.

قالت عالمة الجيولوجيا في جامعة ألاباما والمؤلفة المشاركة في الدراسة الجديدة، سامانثا هانسن (Samantha Hansen)، في بيان صحفي: “توفّر الدراسات الزلزالية مثل دراستنا أدق الصور للبنية الداخلية لكوكب الأرض، ووجدنا أن هذه البنية أعقد بكثير مما اعتقدنا سابقاً. تكشف دراستنا عن روابط مهمة بين بنية الطبقات الأرضية الضحلة والعميقة من ناحية، والعمليات التي تحدث في الأرض إجمالاً من ناحية أخرى”.