كيف يخبرنا دماغنا باتخاذ قرارات سريعة؛ مثل: علينا التوقف بسرعة، إذا كنا على وشك عبور الشارع ورأينا سيارةً مسرعة متجهةً نحونا؟ سؤال ورد من الطفلة روبي، 9 سنوات، روتشستر - المملكة المتحدة.
العقل البشري ذكي حقاً؛ فهو يحافظ على صحة أعضاء جسمنا، ويسمح لنا برؤية وسماع العالم من حولنا، كما يساعدنا أيضاً على اتخاذ مئات القرارات كل يوم.
قد يكون اتخاذ بعض القرارات صعباً؛ مثل ما هو الكتاب الذي سأختاره للقراءة في العطلة؟ بينما قد يبدو أننا نتخذ الكثير من القرارات الأخرى بسرعة وحتّى دون تفكير؛ كأن نتوقف عن عبور الطريق فجأةً إذا كانت هناك سيارةٌ مسرعة قادمة باتجاهنا، أو الهروب بسرعة بمجرّد رؤية شيءٍ يخيفنا. حسناً؛ كيف يتخذ دماغنا مثل هذه القرارات؟
في الواقع؛ لعقلنا طريقتان في التفكير: التفكير البطيء، والتفكير السريع. نستخدم تفكيرنا البطيء عندما نقوم بأشياء صعبة؛ مثل إتمام وظائفنا المنزلية، يساعدنا «دماغنا البطيء» على التفكير في الأشياء بشكلٍ منطقي، وعلى العثور على أفضل الإجابات والحلول، كما أنه يساعدنا على التخطيط للمستقبل؛ مثل التفكير في أنشطة عطلة نهاية الأسبوع، أو ما نريد أن نصبح عليه عندما نكبر، دماغنا البطيء أو تفكيرنا البطيء هو الطريقة التي نميل للتفكير بها عندما نفكّر في الأشياء ملياً.
الطريقة الأخرى التي يتخذ بها دماغنا القرارات هي استخدام التفكير السريع، نستخدم عقولنا؛ أو لنسمّيها «أدمغتنا السريعة»، عندما نقوم بعملٍ ما دون حتى التفكير بنتائجه؛ مثل الابتعاد عن طريق كرةٍ متجهة نحونا، أو الوقوف فجأةً عند مرور سيارة، أو حتى عندما ندندن أغنيتنا المفضلة دون قراءة الكلمات.
نستخدم عقولنا السريعة أيضاً عندما نعرف إجابة سؤالٍ بديهي؛ على سبيل المثال: ما هو ناتج 2 + 2؟ ما هو لون السماء؟ هل الشوكولاتة لذيذة؟ نحن نعرف هذه الإجابات على الفور؛ حيث يساعدنا دماغنا السريع على الإجابة على أسئلة مثل هذه بسرعة وسهولة.
العمل معاً
الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن أدمغتنا السريعة والبطيئة تعمل بالتوافق فيما بينها؛ فعندما نتعلم شيئاً جديداً؛ مثل العزف على البيانو، علينا استخدام دماغنا البطيء في البداية، علينا أن نركّز على تعلم كيفية قراءة النوتة الموسيقية، وحفظ مواقع مفاتيح البيانو والنغمات التي تخرجها عند الضغط عليها.
لكن بمرور الوقت؛ ومع المزيد من التدريب؛ يبدأ دماغنا السريع بلعب دورٍ أكبر من دماغنا البطيء فيما نفعله؛ أي سنصبح في النهاية قادرين على عزف بعض الأغاني على البيانو حتى دون تركيز، وببساطة وسهولة بالغة.
في بعض الأحيان؛ يرتكب دماغنا السريع بعض الأخطاء؛ كأن نلوّح إلى شخص ما عن طريق الخطأ لأنه يشبه صديقنا، يتعرف دماغنا السريع عن طريق الخطأ على هذا الشخص على أنه صديقنا لأن لديه نفس الشعر أو الملابس؛ بالتالي يخبرنا دون تفكير بأنه صديقنا، قد يكون هذا الموقف محرجاً، لكن دماغنا السريع يحاول المساعدة فقط. في الحقيقة؛ إذا استخدمنا دماغنا البطيء طوال الوقت، فلن ننجز أي شيء أبداً؛ لأننا سنستغرق وقتاً طويلاً في التفكير.
لذلك في المرة القادمة التي تتخذ فيها قراراً، فكّر فيما إذا كنت تستخدم عقلك السريع أم البطيء. هل كان عليك التفكير ملياً كي تجيب على سؤالٍ ما؟ في هذه الحالة؛ ستكون قد استخدمت عقلك البطيء، أو هل عرفت الإجابة على الفور؟ إذا كان الأمر كذلك؛ فقد استخدمت دماغك السريع.
وتذكّر دائماً: عندما تواجه صعوبةً في تعلّم شيءٍ جديد، فلن يدوم هذا الحال إلا لفترةٍ قصيرةٍ جداً؛ فمع مواصلة التدريب ستقوم بأداء المهمة أو العمل الذي تتدرب عليه بسهولةٍ بالغة ودون تفكير، وفكّر في الأمر على أن عقلك البطيء يقوم بالعمل الصعب الآن، لكن بعد ذلك؛ لن ينتظر عقلك السريع كثيراً لتولي المهمة.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً