في الأسطورة اليونانية القديمة، كان هناك إله للنوم يُدعى "هيبنوس"، يرقد على أريكته الناعمة وأبناؤه الكثيرون من حوله يأتون بالأحلام التي يوزعونها على البشر وهم نائمون ليلاً. كان النوم مقدساً عند اليونانيين، واجتهد الأطباء والفلاسفة في وصفه والبحث حوله. مثلاً، في عام 450 قبل الميلاد، افترض الطبيب اليوناني "الكميون" (Alcmaeon) أنّ عملية النوم تحدث بسبب غياب الوعي، نتيجة تباطؤ الدورة الدموية في الدماغ.
وفي عام 400 قبل الميلاد، اعتقد الناس أنّ انخفاض درجة حرارة الجسم من علامات النوم. وبعد نحو 50 عاماً، أتى أرسطو بفرضية تفيد بأنّ النوم يعني غياب الوعي في القلب. حتى عام 162 للميلاد، عندما حدد الطبيب اليوناني "جالينوس" الدماغ موضعاً للوعي بالضبط وليس القلب. بعد ذلك، بدأ اهتمام الناس يتوجه نحو النوم ثقافياً وطبياً. وبمرور الوقت، لاحظوا اختلاف ساعات النوم بين الفئات العمرية المختلفة.
اقرأ أيضاً: النوم 5 ساعات أو أقل يزيد من خطر وفاة كبار السن
ساعات النوم لمختلف الأعمار
يختلف عدد ساعات النوم التي يحتاجها الجسم بحسب الفئة العمرية وفقاً لمؤسسة "النوم" (Sleep Foundation) كالتالي:
- يحتاج الأطفال حديثي الولادة وحتى عمر الثلاثة أشهر إلى عدد ساعات نوم يتراوح بين (14 - 17) ساعة.
- يحتاج الطفل الذي يتراوح عمره بين 6 إلى 13 سنوات إلى (9 - 11) ساعة.
- يحتاج المراهق إلى (8 - 10) ساعات نوم يومياً.
- ويحتاج الشخص البالغ 18-64 عاماً إلى (7 - 9) ساعة نوم يوميّاً.
- يحتاج كبار السن فوق عمر 65 عاماً إلى ساعات نوم تتراوح بين (7 - 8) ساعات.
هل نحتاج إلى ساعات نوم أقل مع التقدم بالعمر؟
هناك اعتقاد سائد بين الناس وهو أنّ كبار السن يحتاجون إلى ساعات نوم أقل. والحقيقة أنهم في المتوسط ينامون لساعات أقل، لكن ليس لأنّ أجسامهم تكتفي بقدرٍ محدد من النوم، وإنما لأسباب أخرى وهي:
الإصابة بأمراض تقلقهم أثناء النوم
قد يعاني كبار السن من مشاكل صحية، مثل أمراض القلب والجهاز التنفسي، ما يسبب لهم قلقاً في الليل، فقد لا يستطيع بعضهم التنفس جيداً أثناء النوم، فيضطر للاستيقاظ، أو تتأثر نبضات قلب الشخص الذي يعاني من أمراض في القلب، وتكون النتيجة أنهم لا يحصلون على القسط الكافي من النوم.
تغيرات في توقيت الساعة البيولوجية
عام 1999، نُشرت دراسة، أجراها الدكتور "ديرك جان ديك" في دورية "فيزيولوجي" (Physiology)، لاختبار مدى تأثير التقدم بالعمر على عملية النوم. وخلصت الدراسة إلى أنّ كبار السن يميلون إلى النوم لساعات أقل من الأشخاص الأصغر سنّاً، حتى وإن احتاجت أجسامهم لعدد ساعات أكثر، بسبب تأثير عملية الشيخوخة على إيقاعات الساعة البيولوجية. كما أنهم يميلون إلى الاستيقاظ مبكراً، ولا يستطيعون النوم بعد ذلك بسهولة.
وقد توصلت دراسة أخرى، أُجريت بقيادة الدكتور "دانيال فورج"، ونُشرت عام 2016 في دورية "ساينس أدفانسس" (Science Advances)، إلى أنّ العمر عامل أساسي في عادات النوم للبشر حول العالم، وكبار السن لا يستطيعون النوم إلا لعدد ساعات أقل.
مع التقدم بالعمر، يبدأ اضطراب طور النوم المتقدم. وهو الاضطراب الذي يتسبب في حدوث تغيرات في الساعة البيولوجية للإنسان، ما يجعله يستيقظ مبكراً عن المعتاد، حتى وإن لم يحصل على قدرٍ كافٍ من النوم، وهذا الاضطراب أكثر شيوعًا بين كبار السن، ما يفسر نتائج الدراستين السابقتين اللتين أفضتا إلى أنّ كبار السن حقًا يحتاجون إلى ساعات نوم أقل من الآخرين.
اقرأ أيضاً: هل تقسيم النوم إلى فترتين هو من طبيعة البشر؟
بعض النصائح لنوم أفضل
قد تُعيق بعض الأمراض تطبيق هذه النصائح، لكنها قد تساعدك في الحصول على نوم أفضل:
حافظ على روتين يومي
نم في ساعات محددة واجبر نفسك على الاستيقاظ في وقت محدد صباحاً، ومارس رياضة بصورة يومية. ليس من الضروري أن تكون رياضة عنيفة، يمكنك ممارسة أي رياضة تتناسب مع قوة جسدك.
تجنب القيلولة
رغم بعض فوائد القيلولة، إلا أنه لا ينصح بها لأولئك الأشخاص الذين يعانون من الأرق ولا يستطيعون النوم في الليل. أجبر نفسك على تخطي القيلولة مستيقظاً، وعندما يسدل الليل أستاره، وتأتي ساعة النوم اذهب إلى السرير فوراً.
اختيار بيئة صحية للنوم فيها
تخيل المشهد التالي: غرفة نوم فيها تلفاز يُحدث ضوضاء عالية وفيها مصباح مُضاء وسرير غير نظيف، هل يستطيع شخص عادي النوم في بيئة مثل هذه؟ ربما، لكن على الأغلب لا، فهذه بيئة غير صالحة للنوم، ويجب تغييرها. لذلك، يجب البحث عن مكان هادئ ونظيف، يساعد على الاسترخاء والنوم بسلام.