يعترف أقل من خُمس الأميركيين بمرورهم فعلاً بأزمة منتصف العمر. لكن لا تزال هناك بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة حول أزمة منتصف العمر.
أنا أدرس أزمة منتصف العمر، وعلى وجه الخصوص كيف يعاني الناس في هذه المرحلة من الحياة من مشاكل النوم والتوتر. وقد وجدت في بحثي أيضاً أن مرحلة منتصف العمر تحمل الفرص والتحديات على حد سواء.
هل وصلنا إلى مرحلة منتصف العمر؟
من الصعب تحديد متى يبدأ منتصف العمر بالضبط. مقارنة بمراحل النمو الأخرى، مثل الطفولة والمراهقة ومرحلة البلوغ والأكبر سناً، تستمر مرحلة منتصف العمر لفترة أطول وتنطوي على أدوارٍ اجتماعية أكثر تنوعاً. لكن هناك عدد أقل من الدراسات المنشورة حول منتصف العمر مقارنة بالدراسات المتعلقة بالطفولة ومرحلة البلوغ. لذلك لا يزال الباحثون يعرفون القليل عن التوقيت والتجارب الفريدة لهذه المرحلة من الحياة.
يختلف وقت بدء مرحلة منتصف العمر من شخصٍ لآخر، فقدكان هناك إجماع عام في التسعينيات على أن منتصف العمر يبدأ في سن 35 عاماً، وقد أصبح هذا العمر أكبر حالياً. يقول الأميركيون حاليّاً إن منتصف العمر يبدأ في سن 44 وينتهي بحلول 60 عاماً، وربما يرجع هذا التحول إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع والتقدم الطبي.
يعيش البالغون اليوم حياة أطول وأكثر صحة من الأجيال السابقة. بالإضافة إلى ذلك، زادت مطالب تأسيس مهنة أثناء بناء الأسرة، لذلك بدأ بعض الباحثين في الإشارة إلى الفترة التي تحدث تقريباً من سن 30 إلى 45 على أنها «مرحلة البلوغ الراسخة»، لتمييزها عن مرحلة منتصف العمر التي كانت معروفة في السابق.
يُعد العمر الزمني أحد الطرق لتحديد بداية منتصف العمر. بينما تشدد عالمة النفس «مارجي لاكمان» على الحاجة للنظر في بعض التحولات في الحياة والأدوار الاجتماعية التي تحدث عادة في منتصف العمر كطريقة للتوصل إلى تعريف لهذه المرحلة.
اقرأ أيضاً: العلم يقول: المال لا يجلب السعادة
الكثير من الأدوار، القليل من الوقت
منتصف العمر هو الوقت الذي يتولى فيه المرء أكبر عدد من الأدوار الاجتماعية. عادةً ما يتولى الشخص البالغ في منتصف العمر في الولايات المتحدة أربعة أدوار رئيسية؛ العامل بأجر أو ربة منزل؛ الزوج أو الشريك؛ الأب أو الأم والطفل الذي بلغ سن الرشد. قد يوفر وجود أدوار متعددة المزيد من الفرص لبناء الموارد مثل الدخل واحترام الذات والعلاقات والنجاح. لكن يجب على الناس أيضاً تقسيم وقتهم وطاقتهم بين هذه الأدوار المختلفة.
تظهر بوادر الأمراض اللاحقة أيضاً في منتصف العمر. من الشائع حدوث تباطؤ في التمثيل الغذائي وزيادة الوزن بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية. كما تعاني النساء من انقطاع الطمث، والذي ينطوي على هبات الحرارة والتقلبات العاطفية.
الرجال في منتصف العمر أكثر عرضة للإصابة بانقطاع النفس النومي مقارنةً بالرجال والنساء الأصغر سناً.
ترتبط كل هذه العوامل ارتباطاً وثيقاً بالنوم، لذلك فليس من المستغرب أن تشيع مشاكل النوم بين البالغين في منتصف العمر، مثل النوم أقل من ست ساعات وانخفاض جودة النوم وغيرها من مشاكل النوم الأخرى الشائعة.
النوم والإجهاد والسعادة
ومع ذلك، فإن التغيرات الجسدية المرتبطة بتقدم العمر ليست التهديد الوحيد للنوم. في الواقع، إن كفاح البالغين في منتصف العمر للتوفيق بين عدة أدوار غير متوافقة في كثير من الأحيان يسبب الإجهاد أيضاً. للإجهاد عواقب سلبية على النوم، مثل الأرق المزمن. والأسوأ من ذلك؛ يمكن أن ينجم الإجهاد عن انخفاض جودة النوم. لذلك فإن النوم المنخفض الجودة أو التعرض للإجهاد يمكن أن يخلق حلقة مفرغة ومشاكل صحية متتالية.
يؤثر كل من النوم والإجهاد على المشاعر، لذلك من المتوقع انخفاض مستويات السعادة في منتصف العمر، وذلك مدعوم بالأدلة العلمية. قلة من الناس يشعرون بالسعادة خلال منتصف العمر مقارنة الأشخاص الأكبر سناً والأصغر سناً. ومع ذلك، من المهم إدراك أن منتصف العمر ينطوي أيضاً على النمو، بما في ذلك ذروة إنتاجية العمل، واتخاذ قرارات مالية أفضل، وزيادة المعرفة.
على الرغم من أن الباحثين تمكنوا من تحديد الأنماط العامة لتدهور النوم وزيادة التوتر وانخفاض السعادة في منتصف العمر، إلا أن التجربة تختلف من شخصٍ لآخر. بالنسبة للبعض، قد يكون هناك نمو أكثر من التراجع، أو توازن بين الاثنين. في الواقع، تظهر بعض الأبحاث أن النمو الشخصي مرتبط بالرفاهية خلال منتصف العمر.
لقد بات من الواضح في الوقت الحالي أن منتصف العمر هو وقت حاسم يحدد مسار الشيخوخة. لذلك تكتسب الرعاية الذاتية أهميةً خاصة خلال منتصف العمر، على الرغم من الجداول الزمنية المزدحمة التي تنتج عن زيادة عدد الأدوار التي يتولاها المرء. لا نبالغ مطلقاً عند التشديد على أهمية الحصول على قسطٍ كاف من النوم وإدارة التوتر، إذ سيساعدك القيام بهذه الأشياء على تحويل «أزمة منتصف العمر» إلى «فرصة منتصف العمر».