رواد الفضاء هم بشر مثلنا تماما، وعليهم مواجهة المشاكل في الفضاء كما لو أنهم كانوا على الأرض، فقد عانت محطة الفضاء الدولية الأسبوع الماضي من تسرب الماء من مرحاض المحطة، وكان على طاقم المحطة أن يقوموا بعمل السباكين لإصلاح نظام المرحاض، حيث تسربت عدة لترات من الماء المنعدم الوزن في أجواء المحطة الدولية (نظراً لإنعدام الجاذبية)، وذلك يحدث على بعد 250 ميلاً عن سطح الأرض، لقد كان ذلك صعباً فعلاً.
ظهرت المشاكل عندما بدأ الطاقم التحضيرات للتركيب النهائي للمرحاض الجديد المتطور كلياً والمسمى "نظام إدارة الفضلات الفضائيUWMS " والمصمم لمعالجة فضلات روّاد الفضاء والتخلص منها بكفاءةٍ أكبر، حيث من المفترض أن يكون نظام المرحاض الجديد أكثر كفاءةً بمقدار 75% من النظام السابق المستخدم على متن المحطة الفضائية والمكوك الفضائي وأن يحسن مستوى النظافةِ أيضاً.
لسوء الحظ، فإن تركيب مرحاضٍ جديد في الفضاء يحتاج الكثير من الجهد والدقة تماماً كما على الأرض. وبحسب ناسا فإن التسريب بدأ بينما كان رواد الفضاء على الجانب الأمريكي للمحطة يقومون بفصل نقطة الوصل عن نظام مياه الشرب، فتسرب حوالي 10 لترات من الماء، وكان على روادا لفضاء التخلص من تلك المياه باستخدام المناشف أو أي وسيلةٍ أخرى.
وهذا مختلفٌ كلياً عن المرة الأولى التي اضطر فيها طاقم المحطة الفضائية التعامل مع مشاكل المرحاض، فقد ظهرت المشاكل سابقاً عام 2008 و 2010 أيضاً، في الواقع حدوث المشاكل كان أكثر مما قد تتوقعه عند التعامل مع نظامٍ كلّف تطويره عشرات الملايين من الدولارات.
بالرغم من أن تسرب المياه لم يكن كبيراً، إلا أن معظم المياه المُستخدمة في المحطة الدولية يُعاد تدويرها لاستخدامها مرةً أخرى. حيث تبلغ حصة كل عضوٍ من الطاقم نحو ليترين من الماء يومياً، ومعظم الماء المُستخدم في الحمام أو الذي يطرحه الجسم عبر التعرق أو التبول يُعاد تدويره ليصبح ماءً صالحاً للشرب مجدداً. حسناً، ذلك يعني أن بعض الماء الذي تتبوله قد تشربه مرةً أخرى بعد فلترته. عموماً، وفي أسوأ الأحوال، فيما لو تعطل نظام الفلترة فإن هناك حوالي 2000 لترٍ من الماء المخزن كاحتياطي للحالات الطارئة.
قام رواد الفضاء بعد الإنتهاء من إصلاح العطل والتسريب الذي حدث الأسبوع الماضي، بتركيب كابينتي مرحاض جديدتين في انتظار أن يتم الإنتهاء من تركيبها بالكامل العام التالي، حيث من المقرر أن يصل نفس نظام إدارة الفضلات (UWMS) على متن الرحلات الأولى القادمة لمركبة ناسا الفضائية أوريون Orion، ومن المقرر أن تحمل رواد الفضاء إلى القمر ومن المحتمل أن تذهب إلى المريخ، لذلك ستكون المحطة الدولية مكاناً مهماً لإجراء الإختبارات عليها.
إن قضاء الحاجة في الفضاء ليس بالأمر السهل خصوصاً فيما يتعلق بالحفاظ على النظافة، فالمراحيض هي حاضنٌ لمسببات الأمراض التي يُحتمل أن تكون معدية، وحتى محطة الفضاء الدولية ليست إستثناءً وقد تحمل بكتريا مقاومة للأدوية. من المفترض أن يقوم نظام إدارة الفضلات الجديد (UWMS) بحل هذه المشاكل إلى حدٍّ ما خصوصاً فيما يتعلق بقضاء الحاجة في الفضاء.
تتطلع ناسا أيضاً إلى اختراع نظام جديد لمعالجة الفضلات خاصٍّ لبدلات رواد الفضاء تحسباً لارتدائهم لها لساعاتٍ طويلة وربما حتى لأيام. أما في الوقت الحالي فإنه يجب على أي شخصٍ يذهب في مهمة إلى الفضاء أن يستخدم الحفاض الذي يُعتبر غير مريحٍ على الإطلاق. تخيل أنه قد تدربت سنواتٍ طويلة وتم اختيارك كواحدٍ من بين هؤلاء الأشخاص القلائل للسفر خارج الغلاف الجوي إلى الفضاء، وأخبروك حينها أن عليك أن تستعمل الحفاض قبل أن يُسمح لك بالخروج من المركبة الفضائية!